واقع العنف الممارس على النساء في محافظة الإسكندرية

للعنف تأثير كارثي على الفتيات والنساء كونه يلتهم قدرتهن على المواصلة والتحقق سواء كان الأمر متعلق بالعمل أو الخروج للمجال العام في مشاركات توعوية أو قيادية، ويحجم من تواجدهن وفاعليتهن.

أسماء فتحي

القاهرة ـ تعاني النساء من العنف في مختلف المحافظات، إلا أن في الإسكندرية تكون معاناتهن مضاعفة وخاصة في المناطق التي تعرف بطبيعتها القبلية كبرج العرب أو العامرية، وأيضاً الريفية منها والتي يتم خلالها تقييد حركة النساء وتعاملاتهن وحتى حقهن في التعليم والسفر وغير ذلك.

كثيرات هن الفتيات اللائي تم حبسهن في منازلهن بحجة الخوف عليهن من الشارع وما يقع لهن من انتهاكات لتتصل سلاسل العنف والقهر بين مجتمع ينال من الحقوق الإنسانية للنساء وأسرة تحرمهن أبسط الحقوق في التنقل والسفر والتعلم والعمل وغيرها من الأمور التي تصل لحد قرار الزواج أو الاختيار بشكل عام.

والمجتمع المغلق تعاني نسائه بشكل أكبر من غيره لكون الأفكار المتوارثة بداخله تحط من شأن المرأة وتراهن في درجة أقل من الرجال، وجميعها تعقيدات تحتاج لعمل كبير وجهد لكونها متعلقة بالثقافة والعادات التي حملتها الأجيال لسنوات طويلة، ومحافظة الاسكندرية بها مزيج من الأفكار والثقافات المنمطة لدور المرأة، فضلاً عن تأثرها بالوافدين إليها كونها مصيف يقصده الكثيرون في أوقات مختلفة، بالإضافة لوجود خليط من الثقافات سواء كانت قبلية أو ريفية أو حضرية.

 

للعنف أشكال كثيرة

قالت مديرة الحالة والميسرة بجمعية صبايا الخير في محافظة الإسكندرية إيمان عبد المنعم، إن للعنف أشكال وصور متعددة بداية من جملة تنال من الفتيات أثناء تنقلهن وصولاً للاعتداء البدني بمختلف صوره عليهن.

وأكدت أن العنف منتشر خاصة على أطراف المدينة وأنها التقت الكثيرات يعانون من الممارسات التي تصنف كتعنيف ومنها "ختان الإناث وتزويج القاصرات والحرمان من الميراث والمنع من التنقل والتحرش وغير ذلك".

واعتبرت أن العنف يؤثر على مستقبل الفتيات والنساء فعلى سبيل المثال تعرضهن للتحرش والانتهاكات أثناء ذهابهن للعمل أو الدراسة قد يجعلهن يعزفن عن الخروج مرة أخرى أو ربما تبادر أسرهن بمنعهن مما يهدد حياتهن وأحلامهن.

وأوضحت أن التزويج المبكر ذاته قد ينهي حياة الفتيات ومنها الحرمان من التعليم أو الإنجاب في سن لا تقوى فيه على ذلك مما يعرضها للكثير من الأزمات والمشاكل الصحية.

واعتبرت أن أبرز حالات العنف والتي تنتشر بشكل ملحوظ في محافظة الاسكندرية تتمثل في الابتزاز الإلكتروني وأيضاً التحرش في المجال العام، بينما أطراف المدينة المعاناة بها أكبر كثيراً تتمثل في ختان الإناث "تشويه أعضاء النساء التناسلية"، كاشفة أن جمعيتها كان لها دور في منع تلك الممارسة لعدد من الفتيات ومنهن فتاة أسرتها قررت منعها من التعليم لأنها لم تختن وهو ما جعلهم يتدخلون ويحصلون منهم على تعهد بتعليمها.

وأكدت أن للجمعيات والمجتمع المدني دور في حماية الفتيات تحت السن القانوني بينما ما فوق ذلك العمر فالعمل على رفع الوعي هو الأداة الأكثر تأثيرا في الواقع المعنف للنساء.

 

التنشئة ودورها في ترسيخ العنف وقبوله

وبينت أنهم في الجمعية يعملون من أجل رفع الوعي بالتربية والأفكار التي يتم ترسيخها في وعي الذكور والإناث بمراحل متقدمة من العمر وتأثير ذلك على مستقبل المجتمع وما يمارس فيه من سلوكيات، مشيرة إلى أن للتربية دور كبير في المجتمع وأن العمل من أجل التربية الإيجابية واحد من الحلول القوية التي تغير في الممارسات الضارة بشكل عام، موضحة أن ما يتم ترسيخه في وعي الأطفال يستمر في المستقبل خاصة أن هناك ممارسات بالفعل تعنف الفتيات فقط لأنهن إناث.

وأكدت أن توعية الأسرة بالعدالة والمساواة التي يجب أن تتم مراعاتها أثناء التربية هام للغاية لكونه يخلق جيل يعي ذلك ويطبقه مستقبلاً، بينما العنف ومواصلة ما تم ترسيخه في الوعي من تعنيف النساء سيتم تداوله كذلك أو على الأقل القبول به في المجتمع لاحقاً.

 

أسباب العنف وأدوات مواجهته

واعتبرت أن أسباب العنف كثيرة ومتشعبة أهمها ما يتم ترسيخه في الأسر من عادات وتقاليد وأفكار حول النساء وأسلوب التعامل معهن، كما أن غياب الوعي بالحقوق أحد أسباب ممارسة العنف، وكذلك عدم معرفة طرق الإبلاغ والمسار القانوني الذي قد يساعد الضحية في الحصول على حقها.

وأوضحت أن للمناهج الدراسية دور في الحد من العنف، فضلاً عن الأعمال الدرامية وغيرها من القوى الناعمة لأن هناك بعض الأعمال قد رسخت للعنف وقبوله وأضافت لأعباء النساء مزيد من الانتهاكات وخلقت بيئة داعمة للمعنفين ومعادية للضحايا خاصة إن كن نساء.

وأكدت أن معرفة المرأة بحقوقها والقوانين داعمة لها وأيضاً الاتفاقيات الدولية ومسارات وإجراءات التقاضي وغيرها من الأمور تساعد بشكل قوي في التعامل مع العنف ورفض ممارسته.