"تعزيز بيئة آمنة للوصول إلى العدالة القانونية" طوق نجاة المعنفات في غزة

يسعى مشروع تعزيز بيئة آمنة للوصول إلى العدالة القانونية في غزة إلى انتشال المهمشات والمعنفات من العنف والظلم والنهوض بواقعهن من خلال تقديم خدمات متعددة وصولاً بهن إلى بيئة آمنة وسليمة.

نغم كراجة

غزة ـ تعاني النساء والفتيات في المناطق المهمشة والفقيرة من انعدام الموارد وقلة الإمكانيات نتيجة الفقر والعنف الواقع عليهن، وتفتقر لوجود الخدمات الأساسية والعامة التي تضمن لهن العيش بكرامة وأمان والوصول للجهات المعنية من أجل المساعدة والعدالة.

حول مشروع تعزيز بيئة آمنة قالت مديرة مركز البرامج النسائية في المناطق الوسطى سماح أبو غياض "لقد تم تنفيذ المشروع للوصول إلى العدالة القانونية في جميع مراكز البرامج النسائية في غزة، وتنوعت أنشطته ما بين توعية الفئات المستهدفة وبناء قدرات المحاميين/ات الجدد والتمثيل القانوني في المحاكم الشرعية، وتحويل بعض القضايا الكبرى التي تلزم خدمات خارج نطاق المشروع".

وأوضحت أن المشروع يقدم خدمات متعددة القطاعات لما يزيد عن 70 امرأة وفتاة بواقع مدة عقده ست أشهر، وسعى المركز لتجديده فور انتهائه، لأهميته في خدمة النساء ومدى إقبالهن عليه، واحتياجهن للخدمات والتسهيلات التي يقدمها.

وأشارت إلى أن الهدف الأساسي للمشروع هو أنصاف النساء والفتيات ورفع الظلم عنهن، وإعادة إدماجهن وتأهيلهن في الحياة مرة أخرى، وتوعية المجتمع بخطورة الظواهر الشائكة كالزواج المبكر، كذلك ضمان وصولهن إلى الحماية والحياة الكريمة من خلال تقديم الخدمات.

وقالت "كانت لنا بصمة عظيمة في تجهيز مركز المشاهدة للحالات التي تحصل على الأحكام سواء في المنطقة الوسطى أو قطاع غزة باعتباره بيئة آمنة وصالحة للنساء والأطفال فضلاً عن استقبالهم في المراكز الأمنية، بالإضافة إلى تنفيذ سلسلة من حملات الضغط والمناصرة لمحاربة الظواهر الشائكة منها حملة الزواج المبكر والتي أتت تحت شعار "طفلة لا زوجة" في نهاية كانون الثاني/يناير ولازالت مستمرة بسلسلة التوعية والجلسات التثقيفية".

وأوضحت أن هدف حملة "طفلة لا زوجة" هو توعية المجتمع بأهمية منح الفتيات حقوقهن في التعليم وتخللت عدة أنشطة منها جلسة تغريد عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وطباعة مجموعة كبيرة من البروشورات التثقيفية والتوعوية حول مخاطر تزويج القاصرات لتوضيح الآثار الجانبية في جميع النواحي، وتمكنت هذه الحملة من الوصول إلى 18 ألف مشاهدة.

وأكدت على أن "المركز يعمل بشكل جاد للحد من الظواهر المنتشرة ضد الفتيات والتي تحرمهن حقهن في التعليم وتقرير المصير والتمتع واللقاءات حول الزواج المبكر وتزويج القاصرات واستهدفنا أكثر المناطق التي تغزوها العادات والتقاليد وقمنا بتعريف المخاطر والآثار المترتبة سواء على الفتاة أو المجتمع".

وعن الصعوبات والعراقيل قالت أن محدودية التمويل أعطت الأولوية للنساء الأكثر ضرراً وتهميشاً، بالإضافة إلى صعوبة وصول النساء والفتيات إلينا لطلب الخدمة لعدم توافر ثمن وسيلة المواصلات بسبب الفقر وانعدام الإمكانيات خاصة في المناطق المهمشة "نحاول الوصول للنساء اللواتي تضررن لتقديم كافة الخدمات والتسهيلات من أجل وصولهن لقطاع متعدد الخدمات وتحسين أوضاعهن العامة".

 

 

ومن جانبها قالت مديرة الحالة نور الإيمان إسماعيل "يقوم المشروع على بروتوكول الحالة الذي يجمع بالتنسيق والتشبيك بين الخدمات المتكاملة بما يضمن وصول النساء إليها في مكان واحد، للمحافظة على خصوصيتهن"، موضحةً أن المشروع يضم خدمات متعددة منها الخدمة النفسية والاجتماعية وطاقم متخصص بالاستشارات القانونية، إضافة إلى خدمة التمكين الاقتصادي والتدريبات المهنية.

وأشارت إلى أن خدمة التمكين الاقتصادي هي الأكثر طلباً وإقبالاً من النساء حيث نتمكن من تدريبها وتعليمها حرفة أو مهنة معينة ومن ثم تفتح مشروعاً خاص بها يدر عليها الدخل ويلبي احتياجاتها الأساسية، كما أن المشروع يقدم الخدمات الصحية بالشراكة مع جمعية العودة المجتمعية حيث يتم تحويل النساء والفتيات لتلقي الخدمة من كشف طبي وتحاليل وأدوية علاجية.

وأضافت "لم تتوانى جهودنا لحظة في سبيل خدمات المعنفات والمهمشات وتقديم الخدمات متكاملة وشاملة لضمان وصولهن إلى بيئة آمنة وسليمة خالية من العنف، وتعدد الخدمات لدينا دليل واضح على تكامل الخدمة وبروتوكول إدارة الحالة الذي يتعمده المركز ويمتاز بجودة عالية من الدرجة الأولى في حال التنسيق والتشبيك وتقديم الخدمات بما يتوافق مع احتياجات الحالة".

وحول آلية تقديم الخدمة للنساء قالت "في البداية يتم تقديم الاستشارات القانونية من قبل الطاقم القانوني القائم على المشروع ومن التمثيل القضائي وغالباً بعد الاستماع لمعاناة الضحية نكتشف أن هنالك أكثر من مشكلة وأزمة لذلك يتم تحويلها إلى إدارة الحالة وتقييم مستوى الخطورة التي تتعرض لها المرأة وتحديد الاحتياجات التي تلزمها حتى تستطيع الوصول إلى بر الأمان والحماية والحد من العنف الواقع عليها".

وأوضحت أن من إحدى الحالات التي جاءت لطلب خدمة الاستشارة القانونية والتمثيل القضائي فتاة قاصر ومتزوجة تبلغ من العمر 16 عاماً، تعرضت للعنف الجسدي كالضرب المبرح والعنف النفسي من ألفاظ مسيئة ومضايقات من قبل الزوج وعائلته بالإضافة إلى حرمانها من كافة الموارد "كانت آثار العنف وتدهور الأوضاع النفسية واضحة علي جسدها وملامحها حين وصلت إلينا ولمساعدتها وانتشالها من بيئة العنف والظلم، تم تحويلها لإدارة لتلقي الخدمات شاملة".

ولفتت إلى أنها تعرضت للعنف أكثر من مرة لكنها التزمت الصمت رهبة من أسرتها وعندما اشتد العنف عليها قررت البوح بما تتعرض له هروباً من الواقع المرير والمأساوي.

وقالت رضا عائد اسم مستعار البالغة من العمر 30 عاماً "لقد تعرضت للعنف بكافة أشكاله حيث أنني تزوجت مبكراً لم أكمل حينها 15 عاماً، وأنجبت ثلاثة أبناء ومنذ زواجي وعائلة زوجي تعاملني على أنني خادمة ترعى وتلبي الأوامر وليس لي أي قرار أو رأي، وتعرضت للضرب والإهانات والتحريض طيلة الزواج، بالإضافة إلى التدخلات والمضايقات في الحديث والشراء والخروج من المنزل، وعندما وصل الأمر بهم إلى أخذ مصوغاتي قسراً قررت كسر حاجز الصمت".

وأوضحت "أن سنوات الصمت عما مررت به بضغط من عائلتي بحجة المحافظة على الأبناء والبيت، وأن المرأة ليس لها سوى بيت زوجها لكن فجوة العنف تكبر يوماً بعد يوم وسلبت حقوقي دون أن أشعر، فلجأت للقانون والقضاء وطلبت الطلاق ومن المؤسف أنني أتساوم على حضانة الأطفال مقابل التنازل عن الحقوق والنفقة، والوضع الآن يأخذ مجراه في المحكمة على أمل إنصافي هذه المرة".