تشديد الحصار سياسة ممنهجة والمقاومة خيار الشعب الدائم
مع حلول فصل الشتاء من كل عام تفرض حكومة دمشق حصاراً خانقاً على كل من مقاطعة الشهباء وحيي الشيخ مقصود والأشرفية في شمال وشرق سوريا، متسبباً في توقف الحياة مما ينذر بكارثة إنسانية.
فيدان عبد الله
الشهباء ـ تستمر الفرقة الرابعة التابعة لحكومة دمشق بتشديد الحصار الخانق المفروض على أهالي مقاطعة الشهباء ومهجري عفرين في شمال وشرق سوريا منذ الـ 20 من تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، وهو ما أدى إلى إعاقة استمرار الحياة وخلق الصعوبات.
تسبب الحصار الخانق المفروض على مقاطعة الشهباء التي يعيش فيها آلاف المهجرين في خيام لا تقي الحر والبرد، في انعدام المواد الأساسية والمحروقات التي تعتبر مادة أساسية لتسيير الأعمال حيث يستخدمها الأهالي في تشغيل المولدات الكهربائية ووسائل النقل، فانقطاعها يفاقم من معاناتهم حيث تتوقف جميع الأعمال التي تعتمد على الكهرباء كالمراكز الصحية والأفران وأعمال البلدية وغيرها، ناهيك عن عيشهم في الظلام وعدم التمكن من تأمين مواد التدفئة في ظل برد الشتاء.
انعدام التدفئة ونقص الرعاية أفقداها طفلتها
تقول مزكين نبو وهي من مهجرات عفرين تقطن الآن في مخيم سردم بمقاطعة الشهباءـ شمال وشرق سوريا، أنها فقدت طفلتها البالغة من العمر أربعة أعوام في الثاني من كانون الأول/ديسمبر الجاري، إثر معاناتها من مشاكل صحية، فلم تستطع معالجتها لعدم توفر الأدوية الطبية التي بدأت تنقطع بعد الحصار الذي فرض على المنطقة.
وحملت حكومة دمشق مسؤولية وفاة طفلتها بسبب استمرارهم في فرض الحصار على المنطقة "كل أم تحرص على سلامة أولادها، لم تكن ابنتي تعاني من أي مرض، إلا أنها واجهت مشاكل صحية في الآونة الأخيرة وارتفعت نسبة الالتهابات في جسمها، ونتيجة لعدم متابعة وضعها الصحي بسبب عدم توفر الأدوية والأجواء المناسبة لها من تدفئة في ظل انقطاع المحروقات تعرضت لجلطة دماغية أفقدتها حياتها".
وأوضحت أنهم يعيشون ظروفاً عصيبة في ظل استمرار الهجمات التركية "لم نكن سنعيش في مثل هذه الظروف لو لم تقدم تركيا ومرتزقتها على احتلال أراضينا وتهجيرنا قسراً منها"، مطالبةً الدول المتدخلة في الأزمة السورية بالضغط على الحكومة لإنهاء الحصار الخانق، والحد من الانتهاكات والجرائم التي ترتكب كل يوم بحق مهجري عفرين في الشهباء.
رغم المصاعب فالإصرار والمقاومة موقفهم الدائم
ولا يختلف وضع فاطمة محمد عن سابقتها التي تأثرت بتداعيات الحصار المفروض على المنطقة، فهي كذلك هجرت قسراً من أرضها عفرين بعد احتلالها من قبل تركيا ومرتزقتها، لتجبر على ترك ممتلكاتها وأرضها والتوجه نحو مدينة الشهباء لتعيش في المخيمات التي لا تقي حر الصيف وبرد الشتاء.
تقول فاطمة محمد أنها ومنذ 6 سنوات تتفاقم معاناتها يوماً بعد آخر وخاصة في فصل الشتاء حيث يتم تشديد الحصار على المنطقة من قبل حكومة دمشق ليتم منع دخول أي مواد طبية أو غذائية بالإضافة إلى المحروقات، مؤكدةً على أنه بالرغم من ذلك يواجهون الحصار بعزيمة وصمود ومقاومة كبيرة في سبيل تحرير عفرين والعودة إليها، وإحلال الأمن والسلام فيها، ليعيشوا على أرضها بكرامة.
وحول الأسباب الكامنة وراء اتباع حكومة دمشق سياسات ممنهجة في فرضها الحصار على مقاطعة الشهباء، الذي لا يزال مستمراً منذ ستة أعوام، ويتم تشديده مع بداية كل شتاء، تقول الرئيسة المشتركة لمجلس مقاطعة عفرين - الشهباء ملك الحسين أن حكومة دمشق، مع بداية فصل الشتاء في كل عام تشدد الحصار على مقاطعة الشهباء وحيي الشيخ مقصود والأشرفية، بشكل مدروس، محملة المسؤولية للدول الضامنة التي تدير اجتماعات استانا التي جلبت الويلات للشعب السوري أجمع.
واعتبرت أن هذه الممارسات هي من بين السياسات الممنهجة التي تتبعها حكومة دمشق التي تسعى لكسر إرادة الشعب المقاوم في مقاطعة الشهباء لدفعهم نحو الهجرة من المنطقة، لافتةً إلى أن هذه السياسات ليست بجديدة على حكومة تتآمر منذ سنوات مع الدولة التركية لتنفيذ المخططات الهادفة لإفشال مشروع الأمة الديمقراطية، ووضع الإدارة الذاتية الديمقراطية في موقفٍ صعب، مطالبةَ الجهات المعنية بالضغط على حكومة دمشق لفك الحصار على المقاطعة.
وأوضحت أن مهجري عفرين وغيرهم من النازحين من المناطق الأخرى، القاطنين في المخيمات بمقاطعة الشهباء يواجهون ظروفاً قاسية "منذ أكثر من عشرة أيام وسكان الشهباء يعيشون في ظلام دامس، كما لم تعد المشافي قادرة سوى على استقبال الحالات الإسعافية"، بالإضافة إلى أن العملية الدراسية باتت تواجه صعوبات عديدة، مؤكدةً على أن استمرار الحصار سيؤدي إلى كارثة إنسانية.