أفكار نمطية دفعت الكثيرات للتخلي عن طموحاتهن
تقع الكثيرات فريسة أفكار نمطية جعلت عبء إنجاح الأسرة كاملاً يقع على كاهلهن ويتحملنه دون أزواجهن وهو الأمر الذي جعلهن تفضلن ترك طموحاتهن وأفكارهن الخاصة بالمستقبل من أجل أسرهن.
أسماء فتحي
القاهرة ـ قيل لها "نجاحك من نجاح أطفالك وزوجك وغير ذلك وهم وخراب بيوت"، وهو ما جعلها تتخلى عن حلمها لتحفر في الصخر من أجل أسرتها التي راح كل منهم في طريقه وبقيت وحيدة من حيث بدأت.
"بدد كامل أحلامي وأفقدني الثقة في نفسي وعدت الآن نادمة من حيث بدأت" تلك العبارة ترويها سلوى رجب وهو اسم مستعار، كأحد بقايا مشاعرها من الأزمة التي كبلتها بأعباء أسرية على مدار 23 عام متصلة منذ تزوجت.
سلوى رجب ليست الوحيدة في مجتمع تم تكبيل نساؤه بالكثير من الأفكار التي تكبدهن وحدهن العناء دون الرجال، وتجعل من التضحية تاج يجب أن ترتديه كل امرأة من أجل إسعاد أسرتها.
أكثر من 20 عام في خدمة الأسرة
تروي سلوى رجب تجربتها التي استمرت لنحو عقدين قائلةً "تزوجت بعد تخرجي من الجامعة وكنت أستعد للدراسات العليا في كلية العلوم ولدي الكثير من الطموحات والأحلام التي بددها ارتباطي بمهندس مصري يعمل بواحدة من دول الخليج، ونتيجة سفره المستمر تركت دراستي وأحلامي وبقيت قابعة في منزله".
وأوضحت أنها أنجبت منه ثلاث فتيان خلال سنوات زواجهم الأولى، وكلما عاد زوجها من السفر يربط بين أي تقصير يحدث وعملها حتى إن مرض أحد الأطفال يحملها مسؤوليته حتى قالت لها أمها "نجاحك يكمن في أسرتك ونجاح أفرادها سيكون نتاج جهدك ويتوجك ملكة على قلوبهم في المستقبل". مشيرةً إلى أنه مع مرور الأيام تركت عملها ودراستها وأبحاثها لتتفرغ لمنزلها وبعد فترة اكتشفت أن زوجها مرتبط بأخرى وهنا انصاعت أيضاً لتعليمات والدتها التي أخبرتها أن أطفالها سيكونون عوضها من الدنيا لتستمر في أسرة لا تحترم مشاعرها حتى كبر الصغار وراح كل منهم في طريقه وباتت وحيدة تفكر وهي على مشارف الـ 50 من عمرها في إمكانية البدء من جديد ومدى قدرتها على الدراسة والعمل.
يعرقلون مسيرة زوجاتهم
عدد ليس بالقليل من الرجال يضعون العراقيل في طريق النساء بهدف الضغط عليهن بمسؤوليات الأسرة والأعباء التي تتحملنها لوحدهن ومن ثم لا تستطعن الموائمة مما يجعلهن فرائس للضغوط الهادفة للسيطرة عليهن بكامل إرادتهن بعد التخلي عن الطموح في العمل والعلم وغير ذلك.
وأكدت رئيس مجلس إدارة جمعية سيدات الخير لرعاية الأرامل والأيتام فاتن سعد، أنها تعايشت مع عدد من الحالات ممن كن تتمتعن بسيرة عملية جيدة ولهن مستقبل باهر ولكنهن بفعل ضغوط الحياة الزوجية وإنجاب الأطفال تخلين عن أحلامهن وتركن عملهن وتنازلن عن طموحاتهن ومع مرور الوقت ندمن على ذلك.
وشددت على أن المرأة المصرية بطبيعتها مضحية ترى أحلامها في أولادها، إلا أن أسرتها قد يحدث لها خلل بصيغة أو أخرى وهو الأمر الذي يجعلها تندم على ما قدمته من تنازل يوماً ما لصالح أفرادها، بل أنها قد تصبح أكثر وعياً بأن عملها يكسبها قوة تستطيع من خلالها تقديم دعم أكبر لتلك الأسرة ومساندة أفرادها.
مشيرة إلى أن البعض يرى أن رعاية الأسرة مسؤولية الزوجة في المقام الأول ويكبلها بالقيود التي تجعلها ترضخ وتتخلى عن أحلامها حتى وإن كانت مرتبطة بالتعليم وحسب، معتبرةً أن رعاية الأسرة والأطفال مسؤولية المرأة بالفعل لكونها الأم ولكن بعض الأزواج يحاصرونها بالأعباء وهؤلاء لا يملكون قدر كافي من الثقة في النفس لأن ما جذبهم في زوجاتهم بالأساس تلك القوة والتمسك بالحلم والطموح، إلا أن ضعفهم أمامهن يجعلهم يقررون فرض السيطرة عليهن بإضعافهن من خلال تكبيلهن بأعباء إضافية. معتبرةً أن نحو 70% من الرجال يفضلون المرأة الضعيفة التي يسهل السيطرة عليها وتحجيم حركتها وأفكارها بل وطموحها لتسخر كامل جهدها لخدمتهم وخدمة أطفالها، وإن كانت دون ذلك يبذلون قصارى جهدهم ليضعفوها ويجعلونها تبادر بالتخلي عن تلك القوة والأحلام والطموحات الشخصية وتقع في قبضتهم.
قوة المرأة تخلق أسرة سوية
روت فاتن سعد واحدة من الحالات التي وردت إلى جمعيتها وهي طبيبة في مجال النساء والتوليد ومشهود لها بالكفاءة ولكن لإنجابها توأم قررت ترك عملها لرعايتهم ومع الوقت شعرت أنها لم تحقق ما حلمت به، لافتةً إلى أنها عملت كمتطوعة في علاج حالات حرجة للنساء الغير قادرات على الانفاق من أجل الشفاء وشعرت بالسعادة الغامرة لأنها عادت لما كانت تحبه وكأنها ولدت مع أحلامها مرة أخرى.
وأكدت فاتن سعد، أن على النساء خلق موائمة وموازنة بين دورهن الأسري وأحلامهن ومواصلة مسيرتهن ولا تندمن بعد فوات الأوان، معتبرةً أن المرأة المصرية قادرة على تخطي الأعباء والتحمل من أجل حلمها.