طموحات المرأة تكسر قاعدة احتكار الكثير من المهن والاختصاصات

على الرغم من التقدم الكبير الذي يشهده العالم، إلا أن بعض المهن والتخصصات الدراسية لا تزال حكراً على الرجال، وساعد على انتشار هذه الظاهرة المجتمع والقوانين الصارمة التي فرضت على المرأة.

ابتسام اغفير

بنغازي ـ هناك العديد من الصور النمطية التي يفرضها المجتمع على النساء منها احتكار الرجال للعديد من المهن، لكن المرأة استطاعت بطموحها كسر كل القيود المفروضة وتحديد المهن والوظائف التي تناسبها وتصب في مصلحتها ومصلحة المجتمع.

وحول سبب استمرار حكر الرجال لبعض المهن والاختصاصات الدراسية، تقول الباحثة في أكاديمية الدراسات العليا في ليبيا منال كامل إنه قبل الحديث عن الأسباب التي يختلقها المجتمع لمنع النساء من ممارسة مهن معينة أو حتى الدراسة في بعض التخصصات، لابد من التطرق لدور الأهل والأقارب في هذا المنع.

ذكرت أن أهلها عارضوا اختيارها لتخصص الثانوية الهندسية بحجة أن هذا التخصص حكر على الرجال فقط، لكن ذلك لم يكن سبباً مقنعاً بالنسبة لها وأصرت على المضي في الطريق الذي رسمته لنفسها، وبعد إنهائها مرحلة الثانوية كان عليها الاختيار بين قسم هندسة الطيران أو الهندسة النفطية، لكن قرار الإجماع الذي اتخذه أفراد العائلة والأقارب كان الرفض المطلق بشأن الدارسة في قسم هندسة الطيران حيث كان أول وأبرز أسباب الرفض هو أنه سيترتب عليها الانتقال إلى مدينة أخرى حتى تتمكن من الدراسة في هذا القسم.

وأضافت "أما بالنسبة لتخصص الهندسة النفطية فكانت جميع الأسئلة التي تُطرح تتركز حول، هل بمقدوركِ العمل في الصحراء في حال إنهائكِ الدراسة في هذا التخصص؟ وبالتأكيد رفضوا الفكرة بسبب طبيعة العمل الذي يوفره هذا الاختصاص بعد التخرج".

وأشارت إلى أنها استطاعت إقناع عائلتها بدراسة هذا المجال بالتحديد من الاختصاصات، لكن العراقيل لم تنتهي عند هذا الحد كونها كانت الفتاة الوحيدة التي تدرس في هذا المجال بين 20 طالب من الشبان، مؤكدة على أنه "كوني امرأة هو أمر لا يمنع أن أعمل في أي مكان أريده، ربما أتفوق عليهم في هذا المجال".

ونوهت إلى أنها بعد أن أتمت المرحلة الجامعية وتخرجت منه بدرجة تفوق في تخصص حفر الآبار النفطية لم تتمكن من الحصول على أي فرصة عمل في المجال الذي لطالما حاربت واجتهدت من أجله، نظراً للأوضاع الاقتصادية المتردية، وكذلك بسبب شروط العمل التي تفرضها مؤسسات وشركات النفط في البلاد منها عدم قبول المرأة للعمل الميداني تحديداً في الصحراء.

ولفتت إلى أن سبب حرمانها من العمل في المجال الذي درسته هو نظرة المجتمع للمرأة على أنها كائن ضعيف ليس بمقدوره أن يكون مبدعاً في عمله ولا يملك القدرة على العمل بجدية في مهن يراها تقتصر على الرجال، مشيرةً إلى أن النساء لم تجدن الفرص التي تتيح لهن المشاركة والعمل في المهن التي يحتكرها الرجال في ليبيا، كما أن بعض المؤسسات تضع شروط صارمة للعمل لديها فهي لا تضع في خانة الجنس أن هذه الوظيفة متاحة للجنسين وإنما تطلب وبشكل مباشر أن يكون المتقدم من الرجال فقط "هنا يتبادر سؤال إلى أذهاننا هل هم يحكمون على المرأة أنها لا تملك المهارات والقدرات اللازمة والكافية للعمل في هذه المهنة أم هل يتعمدون ويقصدون تجاهلها، وبالتأكيد هم قد وضعوا هذه الشروط وفقا لوجهة نظرهم".

بالإضافة إلى الشروط التي وضعتها المؤسسات، هناك أيضاً تقصير من قبل النساء كونهن لا تقبلن على ممارسة هذه المهن وخوض التحدي فيها، كما أنه لم تكن هناك مبادرات حقيقية حتى تتمكن النساء من تشكيل قوة ضغط لخلق فرص عمل متساوية في جميع المهن، بحسب ما أوضحته منال كامل.

وأضافت "عندما تطالب المرأة بحقها بمواكبة التطورات التي تحدث في جميع أنحاء العالم المتقدم، فإن فئة معينة في المجتمع تشهر بها وتقول إنها تدعو للانحلال وفي نظرها أيضاً أن المرأة المثقفة عندما تنفتح على العالم الخارجي لن تستطيع المحافظة على بيتها وأسرتها، على الرغم من أن هناك محاولات دؤوبة من الشابات في البلاد لاختيار حياتهن العملية والعلمية، والسعي بجدية لتحقيق طموحاتهن".

ونوهت منال كامل إلى أن أحد المشاكل التي تعيق قبول المرأة في كثير من الوظائف والمهن تحديداً هو القيود المفروضة على المرأة في البلاد "هناك الكثير من النساء العاملات في حقول النفط لكنهن من جنسيات أجنبية مختلفة منها الروسية والفلبينية، وعند السؤال عن سبب قبولهن في الأعمال التي يتم رفض المرأة الليبية منها يجيبون فقط لأنهن أجنبيات، وهنا يجب السؤال بماهي المزايا التي تتمتع بها العاملات الأجنبيات ومكنتهن من الحصول على تلك المهن ولا توجد في الليبيات التي تم رفضهن؟"، مؤكدةً على أنها تعرضت لصدمة شديدة بسبب ردود الفعل التي لامستها عندما طرحت هذا السؤال في حسابها الخاص على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث ركزت إجابات غالبية المشاركين في الرد عن هذا السؤال على أنه لا يوجد رجل ليبي لديه "غيرة" يترك زوجته أو ابنته أو شقيقته تعمل مع الرجال الذين سينظرون إليها طوال فترة تواجدها معهم.

وذكرت في حديثها تجربة عمل مهندسة عراقية في مجال الحفر تدعى سارة حسين، أنها كانت المهندسة الوحيدة من بين 45 مهندساً من الرجال وهي تعمل في مجال الحقول النفطية "وللمرء أن يتخيل كيف تحدت هذه المهندسة المجتمع العراقي، حيث انطلقت في تحديها من مقولة (وظفني ثم شاهد)، في النهاية تمكنت من إثبات جدارتها ومهاراتها وتولت منصب مشرفة على مشروع كامل"، مبينة أن ممارسة هذه المهندسة لهذا المجال من العمل وتحديداً في مجتمع مثل العراق شجع نساء أخريات على العمل في هذا المجال.