أسماء فتحي

القاهرة ـ دفعت النساء كالعادة فاتورة الثورة وبذلن كل الجهد الممكن من أجل مستقبل أفضل يضمن لهن حقوقهن الإنسانية، فقبل ذلك الوقت لم تكن قادرات على التعبير والإفصاح عما تتعرضن له من انتهاكات ولكن بعد الثورة تغير هذا الأمر كلياً.

المرأة كانت أحد أهم الشرارات التي أشعلت لهيب الثورة ولم تتوانى عن بذل جهدها من أجل تقديم كل الممكن في الميدان، وهو الأمر الذي اعتبره الكثيرون جديد على الساحة السياسية خاصة أن العدد الأكبر منهن لم تكن على علاقة مباشرة بالسياسة ولكنهن خرجن رافضات للظلم وراغبات في التغيير ومطالبات بالحرية والكرامة الإنسانية.

ومع الوقت دفعت الكثيرات أثمان تلك المشاركة خاصة بعد تصدر الإخوان المسلمين للمشهد السياسي، ولكنهن اكتسبن وعي حقيقي بسبل الرفض المختلفة وأدوات الدفاع عن حقوقهن وبحسب الآراء التي شاركتنا في التقرير فإن ميدان التحرير الذي "انطلقت منه الثورة واعتصم بداخله الثوار" كان ساحة تعلم وتعارف حقيقي على حقوق المواطنين الإنسانية.

 

الثورة رفعت معدل وعي النساء بحقوقهن

أكدت المترجمة ومدققة اللغة العربية سارة سرحان أن ثورة يناير ساهمت في رفع معدل وعي النساء في الكثير من القضايا المسكوت عنها، وكان لها دور في إحداث حراك تجاه الكثير من الأزمات التي كانت تواجههن في العمل والتربية والتعليم وغير ذلك، وبات لديهن الكثير من المعرفة بأدوات المطالبة بحقوقهن خاصة في بيئة العمل.

ولفتت إلى أن هناك الكثير من الحركات الاجتماعية التي ظهرت في أعقاب الثورة للدفاع عن حقوق الفتيات في التعليم، والأسرة، والعمل، وغير ذلك من القضايا المتماسة مع المرأة بشكل أو بآخر.

وبينت أنه لم يكن لديها أي توجه سياسي حينما بدأت الثورة، ولكنها أصبحت على علاقة قوية ببعض الأصدقاء وانقطعت وسائل الاتصال معهم بعد نزولهم الميدان فقررت أن تذهب لتطمئن عليهم.

وأضافت أنها وجدت نماذج إنسانية لم تكن على يقين حقيقي بوجودها، فضلاً عن مصادفتها لخبرات كبيرة في الميدان، مؤكدةً أنها رغم المبيت في الشارع والبرد كانت تشعر بالدفء، وأنها التقت هناك الكثير من الصادقين المخلصين لمصر والراغبين في تغييرها للأفضل.

وقالت "أنا نفسي تغيرت كلياً عقب الثورة فقد سبق وتعرضت للفصل التعسفي قبلها ولم أشتكي أو أتخذ أي إجراء فلم أكن أعلم بوجود ذلك من الأساس وإمكانيته، وقبلت أيضاً بمنصب أقل فقط لكوني امرأة ولكني بفضل الثورة أدركت حقوقي ولم أعد أقبل بما لا أستحقه وبت أملك الكثير من الأدوات والإجراءات التي يمكنني انتزاع حقوقي بها، فضلاً عن معرفتي بوجود مؤسسات وداعمات نسويات يمكنهن الوقوف بجانبي".

وأوضحت سارة سرحان بعض المشاهد التي التقت فيها نساء بميدان التحرير، مؤكدةً أنها رأت نماذج أكثر من رائعة فقد وجدت المرأة التي تفتح بيتها للفتيات وتقدم الطعام، والنساء اللواتي وقفن في وجه البلطجية، وأخريات كنّ تحضرن الطعام من منازلهن لتوزيعها على الشباب، وغيرها من الأمور التي لا يستطيع الكلام التعبير عنها أو وصفها، كما تعرفت هناك على العديد من النساء اللواتي كنا تتبرعن بوقتهن وبيتهن من أجل الثورة وحماية النساء والفتيات، وعملن بكل طاقتهن حتى يظل الثوار مستيقظين قدر الممكن وهم في الشارع.

وبينت "طوال الـ 18 يوم بالميدان اعتادت امرأة جمع الملابس من الشبان/ات لغسلها وإعادتها لهم، دون أي مقابل يذكر، وقد التقيتها يوم تنحي حسني مبارك ومعها الجاكيت الخاص بي، وعلمت قصتها فقد كان لها ابن في سن الشباب هاجمه بلطجية ذات يوم وقتلوه، ومنذ تلك اللحظة باتت تعتبر كل من بالميدان أبناؤها".

وأوضحت أن تلك المرأة وغيرها بالفعل كن أمهات منحن الثورة دون مقابل وكن تقفن في المشفى الميداني لتقديم كل ما يمكنهن فعله من أجل الدعم أياً كانت صورته.

 

 

مكتسبات النساء من ثورة يناير

كشفت المحامية والمهتمة بقضايا العنف القائم على النوع الاجتماعي هيام الجنايني أن للنساء دور قوي في الثورة وأنها كانت المرة الأولى التي تقفن فيها على قدم المساواة مع الرجال تاركات بصمة وتواجد حقيقي وفعال.

وأوضحت أن الثورة حققت الكثير من المكتسبات للنساء على مختلف الأصعدة السياسي منها والاجتماعي والاقتصادي وحتى الثقافي، فضلاً عن القبول بفكرة مشاركة المرأة في الحياة السياسية بشكل عام، مضيفةً أن النساء بتن أكثر قدرة على الرفض بشكل صريح والمشاركة في جميع الأنشطة ومختلف المجالات.

وأضافت أن النساء تمتعن بالكثير من المكتسبات عقب الثورة وحتى الآن خاصة في المجال التشريعي فقد تم التحدث عن التحرش بوضوح بعد الثورة، ويلي ذلك تغليظ عقوبته لأكثر من مرة وكذلك تجريم الختان على مراحل وجميعها أضافت لمكاسب النساء.

واعتبرت أن مسألة القبول بمشاركة المرأة في الحياة السياسية أسفرت عن وجود نحو 6 وزيرات في الحكومة المصرية، ومستشارة أمن قومي، ونحو 146 نائبة بالبرلمان بعد سن كوتا للمرأة وكل ذلك كنتاج للثورة.