'ثورة المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا النموذج الأمثل للسير نحو الديمقراطية'
أكدت عضوة الهيئة الرئاسية في حزب الاتحاد الديمقراطي فوزة يوسف، على أن المكتسبات التي حققتها النساء في إقليم شمال وشرق سوريا منحت يوم المرأة العالمي معناه الحقيقي.

آفرين نافدار ـ سيلفا الإبراهيم
الحسكة ـ استطاعت النساء في إقليم شمال وشرق سوريا متابعة ميراث المناضلات روزا لوكسمبورغ وكلارا زيتكين من خلال ريادة ثورة وفق مبادئ وأسس مبنية على الديمقراطية والمساواة.
عن اليوم العالمي للمرأة وما يعنيه للنساء حول العالم، قالت عضوة الهيئة الرئاسية في حزب الاتحاد الديمقراطي فوزة يوسف "تحول يوم المرأة العالمي الذي تم إقراره وتبنيه من قبل الأمم المتحدة نتاج نضال النساء وبشكل خاص نضال روزا لوكسمبورغ وكلارا زتكين؛ إلى يوم رمزي، ومن خلاله تعمل جميع النساء في العالم لإطلاق حملات جديدة لتحرير النساء والمجتمعات من الذهنية الذكورية وتداعياتها، ورغم أنه تم تخصيص يوم واحد للمرأة إلا أنه فرصة مهمة للمطالبة بحقوقنا، وهذا أمر يُفتخر به لأننا كنا نفتقده في وقت سابق".
واعتبرت ذلك دليل على مدى إدراك النساء لحقوقهن والوعي الذي وصلن إليه "هناك صحوة ووعي من قبل جميع نساء العالم، وثورة"Jin Jiyan Azadî" تعود لتراكم الإرث الذي شكلته حركات المقاومة في العالم عبر التاريخ، ويمكننا القول بأن الراية التي رفعتها كلارا زتكين وروزا لوكسمبورغ حملتها النساء الكرديات اللواتي لعبن دوراً ريادياً في نضال تحرر المرأة كالمناضلة سارة (ساكينة جانسيز)، واليوم نرى كيف تحولن إلى تنظيم قوي يضم مئات الآلاف من النساء، لذا اليوم العالمي للمرأة تحول إلى يوم نضال وثورة ويوم تمرد للنساء من أجل الحصول على حقوقهن في كل أنحاء العالم".
نضال النساء انطلق استناداً إلى إرثهن التاريخي
وحول المبادئ التي استندت إليها المرأة في ثورة روج آفا في سبيل ضمان حقوقها وحريتها، أوضحت "خلال الـ14 سنة الماضية أنجزنا الكثير من الخطوات التاريخية فيما يخص حرية المرأة والمساواة مع الرجل"، معتبرةً أن "ما تحقق في مجتمعنا والمكاسب السياسية والاجتماعية والثقافية والمجالات الأخرى بمثابة نهضة نسائية في إقليم شمال وشرق سوريا، حيث تغير تماماً شكل الحياة الاجتماعية، وهذا يعود إلى ما قدمته النساء من تضحيات خلال هذه الثورة، وأنعكس ذلك بشكل إيجابي على المجتمع، لأن المرأة أثبتت جدارتها في كافة مناحي الحياة، الأمر الذي ساهم في كسر القوالب الثقافية، ولكن الإنجاز الأساسي هو القضاء على الأحكام المسبقة كعدم الثقة بالمرأة والنظرة الدونية إلى جانب تهميش دورها من كافة مجالات الحياة".
وأكدت أن "النضال الذي بدأت به المرأة واستمر لسنوات طويلة أحدث تغييرات في مجتمعنا، واعتماداً عليه تم تطوير ثورة المرأة منذ عام 2011، وخلال فترة وجيزة تمكنت المرأة من تحقيق خطوات تاريخية، كامتلاكها القوة والثقة بنفسها لحماية نفسها من جميع الاعتداءات، ويتجسد ذلك في وحدات حماية المرأة، كما أنها غدت قوة في أماكن صنع القرار، وهو ما لم يكن موجود سابقاً".
وقارنت ذلك بالثورات والحركات الاجتماعية في الشرق الأوسط "بعد الثورة تعود جميع النساء إلى ما كن عليه قبل الثورة، بينما في إقليم شمال وشرق سوريا ضمن الثورة استطاعت النساء القيام بخطوات متزنة متجهات نحو الحرية، وهذه كانت مفارقة مهمة جداً بالنسبة لنا"، مشيرةً إلى أن "العمل على تحقيق المساواة مع الرجل في المجال السياسي والتربوي وغيره أثر بشكل إيجابي على واقع النساء، كما أن مشاركتهن في كافة مناحي الحياة تتجاوز مشاركة الرجال، ففي القطاع التربوي تبلغ نسبة النساء 70 بالمئة أي عدد المعلمات يفوق عدد المعلمين، وكذلك انخرطن في المجال السياسي، ففي وقتٍ سابق كان هذا المجال حكر على الرجل، وهذا مكسب وإنجاز مهم بالنسبة لنا".
"تجربة نساء إقليم شمال وشرق سوريا تطرح نفسها كنموذج يُحتذى به"
وأكدت فوزة يوسف على أن نظام الإدارة الذاتية نظام ديمقراطي مبني على حرية المرأة "اعتماد نظام الرئاسة المشتركة، ووجود 50 بالمئة من النساء في مجالس ومؤسسات الإدارة الذاتية، تجربة فريدة من نوعها، فلا يوجد أي نموذج في العالم يشبه النموذج الذي نعتمده وهذا إنجاز تاريخي ليس بالنسبة لنا فحسب بل بالنسبة لجميع النساء في العالم، لأنه يمكن لجميعهن الاقتداء به والعمل عليه في بلدانهن".
وشددت على أهمية الأكاديميات الفكرية التي تعزز وعي المرأة ورفع مستواها الثقافي "هناك مئات الأكاديميات الفكرية للتعريف بالنظام الذكوري وتاريخ المرأة وكيفية تحريرها، هذه الأكاديميات تعتبر إنجازات ثقافية، لأن الثقافة التي سادت المنطقة ثقافة ذكورية، وهذا ما يعزز من قوة المرأة وإرادتها لمواجهة العادات والتقاليد السائدة في مجتمعنا، إلى جانب دعم الجانب الفني من خلال فتح معاهد فنون خاصة بالمرأة"، لافتةً إلى أنه "بالتدريب والنضال على مدى 14 عاماً حققت النساء حضوراً قوياً وكن مؤثرات في الوقت ذاته من الجانب الفني والثقافي، ولم يشمل التغيير النساء فقط بل حتى الرجال تغيرت نظرتهم للمرأة، وتبين ذلك من خلال تخلص نسبة كبيرة من الرجال من التسلط والتعصب والتزمت والنظرة المتخلفة للنساء وهذا يعد إنجاز مجتمعي، فتغيير المجتمع يمر من تغيير ذهنية الرجل وقد استطعنا أن نغير رؤيته لقضية المرأة وهذه التغييرات تساهم في بناء مجتمع ديمقراطي".
ثورة المرأة وتأثيرها على الواقع المجتمعي
وعن التغيرات السوسيولوجية التي طرأت على واقع المرأة في ثورة روج آفا قالت فوزة يوسف "لطالما هُمش دور المرأة فلم تكن تمتلك أي تنظيم أو قوة تعتمد عليها، واعتمدت على الرجل في جميع مناحي الحياة، وحتى المرأة العاملة كان إنتاجها المادي وغيره عائداً للرجل"، مبينةً أن "نضال المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا قبل عام 2011 كان موجوداً ولكن بعد الثورة توسع وشكل قاعدة جماهيرية وحاضنة للمنظمات والحركات النسائية وكذلك الأحزاب السياسية، وتم تجاوز هذا الوضع واستطعنا تنظيم أفكارنا في المجتمع بشكل أوسع".
وأضافت "الهجمات التي تعرضت لها مناطق إقليم شمال وشرق سوريا من قبل داعش أثرت كثيراً على الواقع المجتمعي، وكان حينها المفهوم السائد أن الرجل فقط هو من يستطيع أن يحارب ويحمل السلاح"، مشيرةً إلى أن "حمل السلاح لم يكن خياراً بالنسبة لنا نحن النساء بل حاجة ضرورية لكي ندافع عن أنفسنا وأرضنا، في وقت احتكر فيه مجال العسكرة والجيش بشكل كامل لصالح الرجال، ولكن مع ولوج المرأة لهذا المجال كسرت بذلك النظرة المجتمعية التي تصف المرأة بالضعيفة ولا يمكنها أن تحمي نفسها، فضلاً عن المجالات الأخرى التي استطاعت بها تحطيم النظرة الدونية لها".
كما تطرقت إلى الخصوصية التي تمتعت بها المرأة "خلال الفترات الماضية لم يكن هناك تنظيم خاص بالنساء أو أي خصوصية لهن بل مجرد تنظيمات ضيقة وممنوعة، لأن نظام البعث رفض أن تكون هناك حركات نسائية، وبالنسبة للاتحاد النسائي الذي كان موجوداً كان شكلياً، بينما المرأة خلال الثورة استطاعت تأسيس حركات وتنظيمات نسائية تتمتع بخصوصية كاملة"، مؤكدةً على أن هذا النضال ليس كافياً لأنه لا تزال الذهنية الذكورية سائدة ولا تزال النساء تقتلن ويتم إخفاء الدلائل وإظهارها على أنها انتحار، ولا تزال هناك الكثير من العادات والتقاليد البالية لم يتم تجاوزها بعد، فضلاً عن الحالة العشائرية والمعايير الأخلاقية المتخلفة، وترى أن "المرأة تمتلك القوة والتنظيم والقوة الكافية لتغيير ذلك وما تحتجن إليه هو العمل بشكل مكثف".
"السلام والمجتمع الديمقراطي"... رحبت النساء بنداء القائد أوجلان
وشددت فوزة يوسف على أهمية نداء "السلام والمجتمع الديمقراطي" للقائد عبد الله أوجلان "نداء السلام والمجتمع الديمقراطي للقائد أوجلان يحمل بين طياته معنى قوي لكافة شعوب الشرق الأوسط، فالمجتمع الديمقراطي يمكن أن يتأسس بشرط واحد فقط وهو أن تملك النساء حقوقهن بالشكل الكامل، ويعتبر ذلك معيار أساسي لضمان نظام ديمقراطي"، مشيرةً إلى أن القائد عبد الله أوجلان أكد خلال رسائله الأخيرة على أن مشاركة المرأة وقوة حضورها في المجتمع أساس المجتمع الديمقراطي والتشاركي.
وأضافت "القائد أوجلان يضع حرية المرأة في مركز جميع الحريات، ويوليها الأهمية، وهذا أمر مهم جداً ويختلف عن المجتمعات التي تهمش دور المرأة"، لافتةً إلى أن النساء في إقليم شمال وشرق سوريا رحبن بنداء السلام والمجتمع الديمقراطي للقائد عبد الله أوجلان، لأنه يعد من أكثر القضايا أهمية لهن.
وحول مدى تأثر النساء بالحروب تقول "النساء هن الفئة الأكثر تأثراً بالحروب والصراعات وتحملاً لأعبائها من كافة الجوانب نفسياً كانت أو جسدياً، لذا على النساء التعمق في مضمون نداء السلام والمجتمع الديمقراطي، والعمل على نجاح العملية، فإذا ما تمكنا من تحقيق السلام والديمقراطية، ستضمن المرأة حقوقها"، مناشدة النساء للقيام بدورهن الريادي والقيادي "إذا لبينا نداء القائد أوجلان وعملنا بكل جهد، حينها سنكون قد تمكنا من إيفائه جزءاً مما قدمه لنا كنساء".
"قضية المرأة ليست قضية فردية بل قضية أمة"
وسلطت فوزة يوسف الضوء على حاجة نساء الشرق الأوسط للحرية والديمقراطية قائلةً "الشرق الأوسط من أكثر المناطق التي تعاني فيها النساء جراء تجذر الذهنية الذكورية، بالإضافة إلى العادات والتقاليد البالية المفروضة على المجتمع، لذلك نحن بحاجة إلى تحرير النساء هناك أكثر من أي بقعة في العالم، ولتحقيق ذلك علينا أن ندرك مستوى المخاطر التي تحيط بالنساء هناك، ونتكاتف معاً لأن قضيتنا واحدة، ومعانتنا واحدة، فما تعانيه النساء في سوريا تعاني منه النساء في أفغانستان وباكستان وإيران أيضاً وغيرها الكثير".
وأكدت على أن نساء الشرق الأوسط بحاجة إلى نهضة فكرية واجتماعية ودساتير ديمقراطية تضمن حقوقهن، داعيةً إلى تكاتف نساء الشرق الأوسط مع نساء سوريا وتقوية نضالهن ضد الأنظمة الذكورية والديكتاتورية، مشيرةً إلى النموذج الديمقراطي الذي تسير عليه النساء في إقليم شمال وشرق سوريا "في مناطقنا تمكنا من ضمان نموذج ديمقراطي للنساء، والآن حان الوقت للنضال من أجل تحقيق أهدافنا وهي ضمان حقوقنا في الدستور السوري الجديد".
ولفتت الانتباه إلى الفوضى التي تعم مفاصل الحكومة المؤقتة وزيادة مخاوف النساء "حكومة دمشق زادت من مخاوف النساء على حقوقهن، لأن ما قامت به حتى الآن لا يطمئنهن، وتبين ذلك خلال مؤتمر الحوار الوطني، وكذلك في اللجنة التي تم تشكيلها لصياغة الدستور، حيث تم تهميش المرأة بشكل واضح".
وفي ختام حديثها شددت عضوة الهيئة الرئاسية في حزب الاتحاد الديمقراطي فوزة يوسف، على أهمية التلاحم والتكاتف "قضية المرأة ليست قضية فردية بل قضية أمة، لأن لدينا الكثير من القواسم المشتركة، وفي الثامن من آذار الذي يعد مناسبة عظيمة، علينا أن نذكر مرة أخرى، أنه يجب النضال في جميع الأيام وألا نكتفي بيوم واحد، ونثبت وجودنا وحضورنا في جميع مجالات الحياة، ولهذا العام خصوصية بالنسبة لنساء سوريا، فهي فرصة لتعريف العالم بالتضحيات التي قدمتها السوريات في سبيل العيش بكرامة والوصول ببلادهن إلى الديمقراطية والحرية".