"تحرير الشام" تمنع المصابات بأمراض مستعصية من العلاج

حياة العديد من النازحات في إدلب بخطر في ظل منع مرتزقة ما يسمى "هيئة تحرير الشام" خروجهن للعلاج في مناطق سيطرة النظام السوري.

هديل العمر

إدلب ـ تعاني المصابات بأمراض مستعصية في إدلب، من تضييق هيئة تحرير الشام التي تمنعهن من قصد مناطق سيطرة النظام السوري لتلقي علاجهن الغير متوفر في مناطق سيطرة المرتزقة الموالية لتركيا.

لم تفلح محاولات رولا السعيد (35) عاماً وهي مريضة سرطان ونازحة من مدينة خان شيخون جنوب إدلب، العبور إلى مناطق سيطرة النظام بهدف العلاج، بعد أن منعتها مرتزقة ما يسمى بـ "هيئة تحرير الشام" من عبور مناطقها وهددتها بالاعتقال في حال ألقي القبض عليها مرة أخرى.

وتعاني رولا السعيد من سرطان الثدي المتقدم الذي اكتشفته بداية العام الحالي، والذي لا تتوافر مراكز علاجية له في الشمال السوري عموماً، ما أجبرها على تحمل مخاطر التهريب بهدف العلاج الذي يقتصر على مناطق سيطرة النظام أو تركيا.

تقول رولا السعيد إن التعقيدات والصعوبات التي يفرضها الاحتلال التركي على المرضى في محافظة إدلب، حالت دون توجهها إلى الأراضي التركية بسبب رفض الجانب التركي لملفها واقتصار الموافقة على الحالات المرضية الطارئة والعاجلة.

وأضافت أنها لا تستطيع تحمل الأعباء المالية للدخول إلى تركيا بطريقة غير شرعية، بسبب المبالغ الطائلة التي يطلبها المهربين والتي تتجاوز الـ 1000 دولار أمريكي، "وهو ما لا طاقة لي به".

وأشارت إلى أن "هيئة تحرير الشام منعتني من عبور مناطق سيطرتها باتجاه مناطق النظام، لأضطر للمخاطرة والعبور بطريقة التهريب برفقة أحد اليافعين والذي يعمل بمهنة التهريب بين مناطق سيطرة المعارضة والنظام في محافظة إدلب، وبمبلغ 200 دولار أمريكي". 

غير أن محاولتها فشلت بعد أن ألقي القبض عليها من قبل عناصر الهيئة الذين وجهوا لها كماً من الشتائم واقتادوها إلى مخفر أمني أجبرها على توقيع تعهد خطي بعدم عودتها للتهريب تحت طائلة المسائلة والسجن، لتفقد أمل العلاج.

"وين بدي روح؟" تتساءل رولا السعيد وتضيف أنها غدت مستسلمة تماماً لمرضها بعد أن ضاقت بها السبل وعجزت عن تلقي العلاج بسبب التضييق الكبير الذي تمارسه هيئة تحرير الشام على المرضى الراغبين بالعلاج خارج مناطق سيطرتها، إذ أنه لم يعد بإمكانها سوى انتظار مصيرها الذي تصفه بـ "المحتوم".

لم تكن أميرة العثمان (28) عاماً وهي نازحة مقيمة في مدينة إدلب أفضل حالاً من سابقتها حين منعتها هيئة تحرير الشام هي الأخرى من استكمال علاجها في مناطق النظام، خاصةً بعد أن تدهورت حالتها الصحية بسبب إصابتها بسرطان القولون.

تقول أميرة العثمان إن افتقار المنطقة إلى العلاجات الكيميائية والإشعاعية دفعها للمجازفة والعبور بطريقة التهريب من إحدى نقاط خطوط التماس بين قوات النظام وهيئة تحرير الشام شرق إدلب، قبل أن يعتقلها عناصر الهيئة ويحتجزونها لمدة 48 ساعة للتحقيق.

وأضافت أنهم أفرجوا عنها بعد توقيعها على تعهد خطي بعدم الاقتراب من مناطق التماس ومحاولة العبور بطريقة التهريب إلى مناطق النظام، كما تلقت تهديدات بالاعتقال والغرامة المالية في حال عودتها لفعلتها.

وأشارت إلى أنها لم تستطع الدخول إلى الأراضي التركية للعلاج بسبب الأعداد الكبيرة المسجلة على المعبر، إذ أن أقرب فرصة تمكنها من الدخول إلى المشافي التركية تتجاوز ستة أشهر، في حين لا تسمح لها حالتها الصحية الانتظار كل هذه الفترة بسبب تدهور أوضاعها الصحية وحاجتها الملحة للعلاج.

ولا تخفي الشابة عدم اكتراثها لتهديدات عناصر الهيئة، ونيتها في معاودة المحاولة لدخول مناطق النظام، لعلها تتمكن من الحصول على علاج، في ظل عدم وجود خيارات أمامها سوى المخاطرة مرة أخرى.

من جهتها تؤكد ياسمين الشيخ (45) عاماً وهي طبيبة نسائية مقيمة في مدينة إدلب، على ضرورة اتخاذ خطوات وآلية تسمح للنساء المصابات بأمراض خطيرة التوجه إلى مناطق سيطرة النظام حيث العلاج اللازم، في ظل غياب شبه تام للأدوية المخصصة لهن في مناطق إدلب.

وأضافت أنه على المعنيين تحمل مسؤولياتهم في تقديم حلول ووسائل بديلة تسمح لجميع المرضى الراغبين بالعلاج التوجه إلى أي منطقة تضمن لهم علاجهم، في ظل ازدياد أعدادهم وكثرة الإصابة بالأمراض المزمنة والمستعصية في المنطقة.

وأشارت إلى أن الواقع الطبي في المناطق الخاضعة لسيطرة ما يسمى بالمعارضة سيئ للغاية ولا يؤمن لهؤلاء المرضى أدنى مستويات العلاج بسبب ندرته وارتفاع سعره إن وجد.