تحرير الرقة... بوابة لاستعادة المرأة حقوقها بعد سنوات من الحرمان
يصدف اليوم 20 تشرين الأول/أكتوبر الذكرى السنوية السابعة لتحرير مدينة الرقة من رجس مرتزقة داعش، حيث استعادت المرأة دورها في كافة مجالات الحياة بعد أن حرمت منها آلاف السنين وكان تحرير المدينة بوابة لذلك.
سيبيلييا الإبراهيم
الرقة ـ بعد مرور سبع سنوات على تحرير مدينة الرقة عاصمة الخلافة لمرتزقة داعش كما أسماها، والتي مارس فيها أبشع الانتهاكات وخاصة على النساء، تمكنت النساء من النهوض بواقعهن والمشاركة في كافة مجالات الحياة بعد سنوات من الحرمان.
كان تحرير مدينة الرقة من مرتزقة داعش بمثابة قفزة نوعية وانطلاقة جديدة للنساء في مدينة الرقة بشمال وشرق سوريا، اللواتي ذقن الأمرين إبان سيطرته على المدينة، لكن بعد التحرير حولت النساء تلك المأساة إلى انطلاقة نوعية في التحرر وإثبات الكيان وتقلد المناصب والتواجد في مراكز صنع القرار والمساهمة في رفع الاقتصاد الخاص بالنساء، كما تم تفعيل دورهن في كافة المؤسسات من خلال لجنة المرأة التابعة للإدارة المدنية الديمقراطية في مدينة الرقة بشمال وشرق سوريا.
"كانت مدينة أشباح قبل التحرير"
وحول ذلك قالت الرئيسة المشتركة للمجلس التنفيذي للإدارة المدنية الديمقراطية في الرقة وريفها هيفي اسماعيل "قبل تحرير هذه المدينة من قبل قوات سوريا الديمقراطية كانت عاصمة لمرتزقة داعش التي مارس بحق الأهالي كافة أشكال الظلم والعبودية وخاصة النساء، إضافة إلى تدميرها للبنية التحتية والمنشآت الحيوية فحولتها إلى ظلاماً دامس وسميت مدينة الرقة بمدينة الأشباح على مدار سنوات قبل تحريرها".
وأوضحت "كانوا يدعون بأنهم يمارسون طقوس الدين الإسلامي لكن الإسلام بريء منهم، كانت المرأة هي الهدف والضحية الأول لهم فكان هنالك ما يسمى الحسبة، مارسوا من خلالها كافة أنواع الظلم على المرأة وفرض الرداء الأسود ليس على جسدها فقط بل على حياتها كاملة".
وبعد تحرير مدينة الرقة في عام 2017 على يد قوات سوريا الديمقراطية قيمت هيفي إسماعيل واقع الأهالي وخاصة النساء قبل وبعد التحرير "هناك فرق كبير بين واقع الأهالي قبل وبعد، فبعد تحرير المدينة التي كانت عاصمة لداعش بات هناك اختلاف جذري بنسبة للنساء اللواتي عشن مرحلة سوداوية وأصبحت الحياة بنظرهن كابوس وجحيم لا يطاق، وخاصة النساء الايزيديات اللواتي تم بيعهن في سوق الجواري أسواق النخاسة التي كانت منبع للفكر المتطرف، فكان التحرير موطن الخلاص لهن والولادة الجديدة، حيث عملنا على أنشاء المؤسسات وإعادة إعمار هذه المدينة ابتداءً من البنية التحتية وصولاً إلى تفعيل دور النساء وإدماجهن ضمن المؤسسات".
وبينت أنه "في السنوات الأولى من التحرير عانت النساء من صعوبة الانخراط في التنظيمات النسوية والإدارة المدنية، كونهن لا زلن متأثرات بأفكار داعش، لكن رويداً رويداً وبمساهمة المؤسسات النسوية والمحاضرات التوعوية والنقاشات، تمكنت النساء من الخروج من ذلك القوقعة وتغيير الأفكار السوداوية وتم دمجهن في المجتمع وافتتحت العديد من المراكز للنساء المعنفات، في البداية كانت مشاركتهن لا تتعدى نسبة 10%، والآن وصلت إلى 50%".
وقالت "قبل تحرير المدينة تم تأسيس المجلس المدني الخاص بمدينة الرقة في مدينة عين عيسى وبعد التحرير تم نقله إلى المدينة، ومع إعادة الاعمار والانشاء تم تأهيل النساء وبدأنا بنظام الرئاسة المشتركة في تأسيس المؤسسات لتطبيق فكر الأمة الديمقراطية، فتفرعت من المجلس المدني آنذاك لجان كثيرة تختص بالشأن المدني والمدينة وجميع اللجان تترأسها نساء من خلال نظام الرئاسة المشتركة".
وحول لجنة المرأة التابعة للإدارة المدنية الديمقراطية في مدينة الرقة أوضحت أن "لجنة المرأة تدير أمور المرأة العاملة ومعالجة المشاكل والصعوبات التي تواجهها"، مشيرة إلى أنه "في عام 2020 تم تشكيل منسقيه المرأة في الإدارة المدنية الديمقراطية لمدينة الرقة، والتي تختص بمناقشة أمور ووضع النساء العاملات في كافة المؤسسات وتفعيل دورهن بشكل أكبر".
وعن الإنجازات التي حققتها الإدارة المدنية الديمقراطية بينت أنه "كل اللجان التابعة للإدارة المدنية الديمقراطية في مدينة الرقة لديها مشاريع خاصة تعمل على تطوير وتفعيل دور النساء، فالنساء في كل لجنة تقمن بإدارة هذه المشاريع، أما ضمن المجتمع هنالك تنظيمات نسوية كتجمع نساء زنوبيا الذي يعمل على تنظيم وتوعية النساء ضمن المجتمع من خلال دورات فكرية وفتح مشاريع خاصة بالنساء لتكون المرأة مستقلة اقتصادياً فعندما تكون مستقلة اقتصادياً تستطيع أن تدير أعمالها وتدير المجتمع وذلك من خلال مشاريعها كمشاريع زراعية وبيوت بلاستكية وأفران تعمل بها النساء إضافة إلى مشاغل خياطة خاصة بالنساء للنهوض باقتصادهن في المجتمع".
وعن المشاريع والخطط المستقبلية، أشارت إلى أنه "لدينا خطة عمل لعام 2023-2024 وهي الرفع من قدرات المرأة بشكل عام ورفع الاقتصاد الخاص بهن بالتنسيق والتعاون مع التنظيمات النسوية، فعندما يكون الوضع الاقتصادي جيد، فالمرأة ستكون مستقلة بذاتها وقادرة على إدارة مجتمعها".
وأكدت على أن "المرأة خطت خطوات إدارية وسياسية وعسكرية جبارة فكانت محاربة في الخنادق وحررت العديد من المناطق، وكانت سياسية شاركت في مؤتمرات وأدارت العديد من المشاريع لتساهم في نهضة مجتمعها".
ووجهت هيفي إسماعيل رسالة لنساء مدينة الرقة قالت فيها "أحي النساء المقاومات على كافة خطوط الجبهات اللواتي يقاومون الاحتلال التركي، ومقاومة النساء حول العالم اللواتي تقاومون الذهنية السلطوية الحاكمة وعلى وجه الخصوص مقاومة النساء في إيران وشرق كردستان ثورة الجدائل الذي لا تزال مستمرة بالرغم من القمع الممارس عليهن".