تهميش وإقصاء... معلمات الرسم والموسيقى دون عمل في إدلب

تواجه معلمات مادتي الرسم والموسيقى في إدلب، تهميش وإقصاء متعمد من الشواغر التدريسية والتربوية بعد أن ألغت "حكومة الإنقاذ" الذراع المدني لهيئة تحرير الشام، المادتين من المنهاج الدراسي.

هديل العمر

إدلب ـ تسعى ما تسمى بـ هيئة تحرير الشام لتطبيق حصارها على القطاع التربوي وفرض سياستها ومعتقداتها التي تحرم مادتي الرسم والموسيقى لتقوم بحذفها من مناهج الطلاب وإلغاء تدريسها في المدارس العامة والخاصة.

منذ أكثر من سنتين، تحاول دلال رمضان (39عاماً) وهي معلمة لمادة الرسم ومقيمة في مدينة إدلب، الحصول على شاغر وظيفي في المراكز والمدارس التربوية دون أي جدوى أو نتيجة.

"شهادتكِ غير مرغوب بها في مسابقات التوظيف" كلمات لطالما تسمعها دلال رمضان من الموظفين التربويين لدى "حكومة الإنقاذ"، ما بدد جميع آمالها في الحصول على وظيفة تمكنها من الإنفاق على أطفالها الأربعة وزوجها المقعد، لتكون ضحية للمعتقدات الدينية التي تفرضها هيئة تحرير الشام على السكان والأهالي والطلاب.

وقالت دلال رمضان لوكالتنا، إنها نادمة على دخولها لمعهد الرسم على الرغم من شغفها وحبها له، وذلك بعد أن فصلت من وظيفتها أواخر عام 2017، لتبقى عاطلة عن العمل بعد أن رفضت من جميع الوظائف الإدارية والتدريسية التابعة للمؤسسات التربوية.

وأضافت أن إلغاء المادة من المناهج التعليمية هو قرار تعسفي وظالم لعشرات المعلمات والمعلمين الذين راحوا يعملون ضمن مجالات خارج نطاق اختصاصهم في التعليم، كالعمل في الأراضي الزراعية أو أعمال البناء الشاقة وغيرها من المهن.

ولا تخفي دلال رمضان نيتها في العمل ضمن مهن ومجالات خارج العملية التعليمية، نتيجة حاجتها الماسة للعمل في ظل الأوضاع المعيشية والاقتصادية المزرية التي تعيشها مع عائلتها.

وبحسب ما أفادت به معلمات رسم وموسيقى في إدلب، إن أكثر من 150 معلمة لمادتي الرسم والموسيقى خارج الكوادر التدريسية والتعليمية، نتيجة تصنيف المادتين ضمن "الأنشطة الترفيهية" عوضاً عن كونها مواد تعليمية.

وأشارت المعلمات إلى أن قسم كبير منهن تم فصلهن من وظائفهن مع سيطرة هيئة تحرير الشام و"حكومة الإنقاذ" على مفاصل القطاع التعليمي والتربوي بداية عام 2018، باستثناء قلة قليلة تم توظيفهن ضمن شواغر مختلفة كـ "الرياضة، أمينة سر، أمينة مكتبة" وغيرها من الوظائف الإدارية البعيدة عن مجال التدريس.

حظ فاطمة كنعان (35عاماً) اسم مستعار لمعلمة موسيقى مقيمة في مدينة سرمدا شمال إدلب، كان أفضل حالاً من سابقتها حين وجدت وظيفة في إحدى المنظمات الإنسانية، بعد أن تم فصلها هي الأخرى من مديرية التربية والتعليم التابعة لـ "حكومة الإنقاذ".

وقالت فاطمة كنعان لوكالتنا، إن سبب فصلها يرتبط ارتباطاً مباشراً بالعقائد الدينية التي تنتهجها هيئة تحرير الشام في تحريم الموسيقى بشكل عام، حتى تم إلغائها من المدارس والجامعات والمعاهد وجميع المؤسسات التربوية والمراحل الدراسية.

وأضافت أنها عانت من البطالة لأكثر من ثلاثة سنوات قبل أن يتم قبولها في إحدى المنظمات الإنسانية التي تهتم برعاية الأطفال الأيتام، لتتوظف كمدرسة لمادة الموسيقى.

وأشارت إلى أن مواد الرسم والموسيقى تعتبر مادتين أساسيتين بكافة دول العالم، وإلغائها من المناهج التربوية هو محاولة لفرض أجندات وسياسات معينة على الأطفال والطلاب في إدلب.

من جهتها، حذرت سامية خلوف (33عاماً) وهي مديرة في إحدى المدارس، من انهيار القطاع التربوي والتعليمي في حال بقيت "حكومة الإنقاذ" وهيئة تحرير الشام تنتهج أساليب الترهيب على المعلمين والمعلمات من خلال محاربتهم في لقمة عيشهم وعيش أطفالهم.

وأضافت أن عشرات المعلمات تعرضن لظلم كبير بعد إلغاء العمل بشهاداتهن، في حين يجب تأمين وظائف بديلة لهن على أقل تقدير تمكنهن من الإنفاق على عوائلهن وأطفالهن وتضمن لهن عيش كريم بعيد عن العوز والحاجة.

وشددت على ضرورة تنظيم وقفات احتجاجية تطالب الجهات المعنية بتحمل مسؤولياتها تجاه المعلمات والمعلمين الذين تم فصلهم بشكل تعسفي، بالإضافة لضرورة المطالبة بإبعاد القطاع التعليمي عن أي أجندات أو معتقدات أو سياسات تخدم مصالح أطراف النزاع في المنطقة.