تهميش وإهمال... معاناة مضاعفة لنازحات مبتورات في إدلب

تعاني مبتورات الأطراف الكثير من المشكلات الاجتماعية والصحية والمادية أيضاً، في ظل ارتفاع أسعار الأجهزة والأطراف التعويضية والاستعانة ببعض الأدوات التقليدية، وليس آخرها شعورها بالعجز والاضطرابات النفسية.

هديل العمر

إدلب ـ تعيش مبتورات الأطراف النازحات في إدلب على هامش الحياة في الخيام وسط ظروف معيشية بالغة الصعوبة بلا رعاية أو مساعدة ولا حتى دعم يذكر.

في الفناء الخلفي لخيمتها الواقعة على أطراف مدينة سرمدا شمال إدلب تجلس فوزية الديري 29 عاماً، وتتأمل قدمها المبتورة التي لم تستطيع تأمين طرف صناعي لها حتى اليوم.

فوزية الديري فقدت ساقها في زلزال السادس من شباط/فبراير 2023، وما زالت تعيش صدمة فقدان ساقها من فوق الركبة بعد انهيار المبنى الذي تقيم فيه مع زوجها وطفليها، وتقول "نعيش في المخيمات التي تفتقر لأدنى مقومات الحياة بعد خسارة منزلي الذي انهار جراء الزلزال، ولم يبقى منه شيء يذكر".

وأضافت "تحول حالنا من ميسورين إلى فقراء في ليلة وضحاها، فقد زوجي عمله وفقدت ساقي، وتوقف الزمن هنا في غياهب المخيمات المنسية وكأن كل شيء بات يشكل ألماً لنا منذ ذلك الحين".

براءة عثمان البالغة من العمر 46 عاماً، والمقيمة في مخيمات أطمة شمال إدلب لم تنجح كل محاولاتها الحثيثة للحصول على طرف صناعي لقدمها المبتورة، وتقول إن اصابتها تلك مضى عليها أكثر من ثلاث سنوات حين استهدفت الطائرات الحربية مكان نزوحها في مدينة معرة مصرين، لتسحق قدمها بإحدى شظاياها محولة قدمها إلى أشلاء.

وأشارت إلى أن مبتورات الأطراف مهمشات لدرجة كبيرة إذ لا تجدن من يمنحهن أطراف صناعية مجانية في ظل الفقر والغلاء الكبير الذي طال الأطراف الصناعية التي وصلت أسعارها لمئات الدولارات التي لا تملك منها تلك النساء شيئاً.

ولسارة البكراوي البالغة من العمر عشرون عاماً والمقيمة في مخيمات مشهد روحين حكاية أخرى مع بتر يدها اليمنى بعد تعرضها لمتلازمة الهرس بعد الزلزال، حيث وضعت تلك الإعاقة حداً لطموحاتها وأحلامها بمتابعة دراستها التي لم تتمكن من معاودتها، خاصة وأن يدها اليمنى المبتورة بينما لا تستطيع الكتابة باليد اليسرى.

ما زالت سارة البكراوي تعيش الصدمة بعد خروجها مؤخراً من حالة اكتئاب سيطرت عليها بعد رؤية يدها مبتورة، لكنها ورغم كل ما مرت به من حزن وقلق وخوف واكتئاب فهي لم تفكر بالاستسلام لواقعها المرير والمضي من أجل مستقبلها.

وطالبت المعنين ومنظمات المجتمع المدني بإنشاء مراكز صحية خاصة بفئة مبتوري الأطراف من النساء لما للمرأة من خصوصية نفسية واجتماعية، وتزويد تلك المراكز بالأخصائيين والكوادر المدربة والفنية لتقديم الخدمات الوقائية والإرشادية والعلاجية والتأهيلية، إضافة للأطراف الصناعية المجانية، والقادرة على التعامل مع كل ما تواجهه هذه الشريحة من تحديات.