ثلاثة معايير تخفف من وطأة الحجر المنزلي على الأطفال
انعكست سلبيات الحجر المنزلي على الأطفال بأعمارهم المختلفة، فتم تقييد حركتهم ومنعهم من الاختلاط، ما زاد من غضبهم وغيّر من أسلوب حياتهم بشكل كبير
كارولين بزّي
بيروت ـ .
تقول الاخصائية في المعالجة النفسية نور واكيم لوكالتنا وكالة أنباء المرأة أن "الحجر المنزلي والإقفال العام في ظل انتشار وباء كورونا انعكسا سلباً على مختلف الأعمار، ولاسيما الأطفال منهم والمراهقين حتى على ذوي الاحتياجات الخاصة، بطرق مختلفة تبعاً لهذه العوامل".
"الحجر المنزلي غيّر أسلوب حياة الأطفال"
وتُفَنِدُ نور واكيم كيفية انعكاس الحجر الصحي على الأطفال وفقاً لأعمارهم وحتى الجنين ليس بمنأى عن هذه السلبيات، وتقول "يمكن أن ينعكس تأثير الحجر الصحي على المرأة الحامل التي تعيش مرحلة الضغط النفسي الذي ينعكس على الجنين وهو في بطن أمه".
وتتابع "في ظل الحجر المنزلي تزيد نسبة اعتماد الأطفال بين الثلاث والست سنوات على أهلهم وذلك بسبب تواجد الأهل الدائم في المنزل. كما يتغير روتين حياتهم اليومي وتختلف مواعيد النوم، وعوضاً عن اللجوء إلى النوم باكراً ينامون في وقت متأخر ويستيقظون في وقت متأخر أيضاً. كما أننا نلاحظ لدى الأطفال فائض في الحركة بالإضافة إلى سرعة في الانفعال والعدوانية أحياناً، ينزعجون بسرعة ويشعرون بالملل ويتذمرون باستمرار، ويترافق ذلك مع تغير في نوعية الطعام والكميات التي يتناولونها، ومن انعكاسات الحجر أيضاً غياب التركيز لدى الأطفال".
وحول تأثير الأزمة الاقتصادية على العائلة والأطفال في ظل الحجر الصحي تقول نور واكيم "إلى جانب الأزمة الصحية في لبنان يعاني المجتمع من أزمة اقتصادية أدت إلى ارتفاع نسبة البطالة، وأصبح الكثير من الأهالي من دون عمل ما أثر سلباً على نفسية الأهل الذين يرزحون تحت ضغوط متعددة تترافق مع ضرورة تأمين المأكل والمشرب لأولادهم، بالإضافة إلى مضاعفة مستوى الرعاية بالأولاد في ظل الحجر، هذا الضغط يدفع بالأهل أحياناً للسماح لأطفالهم باستخدام الأجهزة الإلكترونية أو أي أداة تسلية بين أيديهم بهدف الابتعاد بعض الشيء عن الأزمات المتتالية التي يعانون منها، مع تراجع طاقة الوالدين بإيجاد طرق للترفيه عن أطفالهم".
"الأطفال يحتاجون للوضوح والأمان"
وتوضح الاخصائية في العلاج النفسي بأن "الأجهزة الإلكترونية من (هاتف وآيباد) هي من بين الاقتراحات التي نوصي باعتمادها من قبل الأهل أحياناً ولكن ذلك لا يحل مكان حاجة الطفل للشعور بالعائلة، إذ أن الطفل يحتاج لأن يشعر بأنه بين عائلته ومن دون الأجهزة الإلكترونية، لأن البقاء أمام شاشة الهاتف وقتاً طويلاً يسبب الأذى والتعب للطفل".
وتضيف "لذلك أوصي دائماً بأن يكون هناك تواصل بين الأهل والأولاد، وأن يقضوا وقتاً معاً. كما على الأهل أن يكونوا على تواصل جسدي مع أولادهم في ظل التباعد الاجتماعي، أي أن يقوموا باحتضانهم بما أن الأطفال في الوقت الحالي لا يختلطون بأحد وبالتالي هم يحتاجون للإحاطة الجسدية والاهتمام. عناق الأهل لأولادهم هو حاجة للطفل ليشعر بأنه محاط ويشعر بالأمان من كل شيء غريب حوله، إذ أن كورونا شيء مقلق لهم وهي غير واضحة لا لكبار السن ولا للأطفال، والأولاد كالكبار يبحثون عن الوضوح".
وحول فائض الحركة لدى الأطفال تقول "إن فائض الحركة عند الأطفال حالة عادية لأنهم بحاجة لأن يفرغوا الطاقة التي كانوا يفرغونها سابقاً في المدرسة أو خلال النشاطات الترفيهية مع الأصدقاء. وباستطاعة الأهل أن يكونوا جزءاً من الحل بمرافقة أولادهم والصعود إلى سطح المبنى للحفاظ على التباعد الاجتماعي لكي يستطيع الطفل أن يفرغ طاقته، أو اللجوء إلى المشي والرقص أو ممارسة التمارين الرياضية".
"المراهقة من أصعب المراحل وعلى الأهل تفهّم ذلك"
أما المرحلة الأصعب فهي سن المراهقة لأن الأولاد في هذا السن يستطيعون الوصول إلى مواقع التواصل الاجتماعي أكثر من الأطفال الذين يقضون وقتهم في المنزل، ويمكن أن ينعكس ذلك على تراجع مستواهم الدراسي أو يدفعهم إلى الانطوائية وغيرها من العوامل التي يمكن أن تؤثر سلباً عليهم، وتقول نور واكيم "المراهقون أكثر عرضةً للتنمر الإلكتروني، وبالتالي على الأم أن تتواصل مع أولادها المراهقين وتتابعهم بشكل دائم، خوفاً من أن يتعرضوا للتنمر. ومن بين السلبيات تراجع الاندفاع أو الحماسة لدى المراهق على الدرس، كما أنهم ينتقلون من مرحلة عمرية إلى أخرى، وبالتالي هم في سن حساس جداً. ومن الأفضل للأهل أن يهتموا بأولادهم المراهقين ويبحثوا عن الأسباب التي تزعجهم، فالمراهقون يحتاجون للتواصل أكثر من غيرهم".
وتضيف "تتميز مرحلة المراهقة عند البعض بالعناد والتشبث بالرأي ويعتبرون أن كل ما يفعلونه أو يفكرون به هو الصحيح، لكن على الأهل أن يستوعبوا أولادهم، والأهم أن يواظب الأهل على التواصل معهم ويحيطونهم بالرعاية والاهتمام".
وتعتبر نور واكيم أن من الأهمية أن "تتسم علاقة الأهل بالوضوح والصراحة، ومن المفيد أن يُخبر الأهل أولادهم عن المشاكل التي يعاني منها المجتمع وواقع وباء كورونا وسبب الحجر الصحي ونتائجه المرجوة لكي تتضح الصورة عندهم". وتتابع "ثمة أطفال يسألون عن موعد اختفاء فيروس كورونا لكي يستعيدوا حياتهم السابقة وهم بالتالي بحاجة لأجوبة على أسئلتهم. الوضوح والصراحة يولدان الثقة بين الأهل وأطفالهم ويساهمان في تربية الطفل بطريقة أسهل".
وبالتالي وفي ظل الحجر المنزلي الذين يعيشه لبنان منذ نحو سنة بشكل متقطع، على الأهل اعتماد ثلاثة معايير هي الوضوح والتواصل والإحاطة بأولادهم لكي يخففوا وطأة الحجر المنزلي الذي يسبب ضغوطاً كبيرة عليهم وعلى أولادهم على حد سواء.