ثلاثة أعوام تمر وتفاصيل الهجوم لاتزال عالقة في ذاكرتها
ثلاثة أعوام تمر على احتلال عفرين، لم تنسى خلالها "مدينة عمو" تفاصيل الهجوم التركي على أرضهم ولحظة خروجهم من مدينتهم عفرين
دلال رمضان
كوباني ـ .
في الذكرى السنوية الثالثة لاحتلال عفرين، تروي النساء المشاهد والأحداث المؤثرة التي تعرضن لها وشهدن عليها هناك، ومدينة عمو واحدة من هؤلاء النساء.
مدينة عمو مهجرة إيزيدية من عفرين، تبلغ من العمر 55 عاماً، روت لنا أحداث بداية القصف التركي على مقاطعة عفرين والقرى الحدودية في 20 كانون الثاني/يناير 2018 "بدأ القصف على القرى الواقعة على الشريط الحدودي بالأسلحة الثقيلة والطائرات الحربية، واستهدفوا المدنيين العزل".
هكذا تقول عن المشاهد الأولى للقصف التي شاهدتها من على شرفة منزلها "كنت في منزلي، وما هي إلا لحظات حتى سمعت صوت طرقات على الباب، وكانت الطارقة إحدى قريباتي، صعدنا إلى شرفة المنزل، كانت القرى المجاورة لنا تُقصف بالطائرات والأسلحة الثقيلة، وملأ الدخان المتصاعد من المواقع المستهدفة بالقصف سماء المدينة، أثار ذلك المنظر الخوف في قلبي فهرعت لأتصل بأبنائي، فلم أعد أعرف كيف أتصرف، كنت أقضي كل وقتي أمام التلفاز خوفاً على أبنائي لعلني أسمع خبراً عنهم، وقلبي يرتجف خوفاً عليهم وعيني تدمع".
الاستهداف الوحشي الذي كان هدفه بث الرعب في صدور الأهالي وإجبارهم على الخروج من منازلهم، لم ينال من عزيمتهم، فهم قرروا ألا يخرجوا من منازلهم وأراضيهم لأن هذه البلاد ملكً لهم " قاومنا لمدة 58 يوماً، لولا الأسلوب الوحشي في الهجوم والطائرات الحربية المدوية والدمار الذي ألحقته، لما تمكنوا من إخراجنا، وعلى الرغم من اشتداد الاستهداف، كنا نخرج كل يوم في مظاهرات ندين من خلالها تلك العملية العسكرية".
تقول "لم نعتدي ولم نؤذي الدولة التركية في يوم من الأيام، لتعتدي بهذه الطريقة الوحشية على أرضنا، ووقفنا مذهولين إزاء الصمت الدولي الكبير، حيال تلك الهجمات والمجازر الوحشية بحق المدنيين العزل".
هاجس الخوف على أطفالها الذين ملأ الرعب قلوبهم بسبب الهجمات الوحشية المتواصلة على المدينة دفعها للنزوح "لم نعلم إلى أين نتجه، كان الأمر صعباً جداً، لم نعلم ما إذ كنا سنعود من جديد إلى منازلنا".
وعن لحظة خروجهم من المدينة تقول "كنت أنتظر عودة ولدي اللذين توجها إلى جبهات القتال الأمامية للدفاع عن عفرين، وبعد أن عادا ترك المدينة خوفاً على الأطفال، إلا أننا لم نستطيع الخروج في اليوم الأول لأن قصف الطائرات للحواجز وصعوبة الطريق الذي استمرينا فيه لساعتين حال دون ذلك، فعدنا إلى البيت، وخرجنا في اليوم التالي، وكان يزداد الهجوم والقصف العنيف، في نهاية المطاف تمكنا من الخروج".
وتقول بعين دامعة "توجهنا إلى قرية في الشهباء، وانتظرنا لعدة ساعات، لا يوجد شيء هناك لنأكله أو نجلس أو ننام عليه، بقينا شهرين هناك ونحنا نواجه صعوبات جمة، كان ينام أكثر من 25 شخص في غرفة واحدة، ثم توجهنا إلى مدينة كوباني، ونحن الآن مستقرين هناك".
تقول "كان سبب تهجيري من أرضي أن كردية الأصل، والسبب الآخر كوني إيزيدية، فالتاريخ يشهد على تعرض الإيزيديين لعشرات المجازر وكان منها مجزرة شنكال، وتركيا مستمرة في مساعيها".
ثلاثة أعوام مرت على احتلال عفرين، لم تنسى مدينة عمو خلالها ألم احتلال أرضها، وبعينين مليئتين بالدموع تقول "سنعود... بمقاومتنا ونضالنا سنعود إلى عفرين، وأن لم نكن نحن من سيحررها فإنها ستتحرر على أيدي أبنائنا وأحفادنا".