ثلاث قضايا حول التحرش شغلت الرأي العام في لبنان

بعد مرور عام على إقرار لبنان قانون "تجريم التحرش الجنسي وتأهيل ضحاياه"، ما زالت ثقافة التحرش منتشرة على نطاق واسع، حيث شهد مؤخراً ثلاث قضايا للتحرش أثارت غضباً في البلاد

سوزان أبو سعيد
بيروت ـ ، بعض الشكاوى تحولت لشهادات كسرت من خلالها النساء حاجز الصمت حيال الظاهرة، والتي تهاب الكثير من النساء الإشارة إليها حتى وإن كن ضحاياها، وذلك خوفاً من المجتمع وابتعاداً عن "وصمة" تطالهن، وما يترتب عليها من تبعات. 
لم تكن "س. م" تتصور أن تتحول هوايتها لكابوساً يؤرقها ليل نهار، وأن تعيش ما ينغص عليها حياتها وهي في أوج الصبا، فتاةٌ ممشوقة القوام، لوحت الشمس بشرتها فزادتها سُمرةً محببة، ولم تكن تعلم أن ثمة في الحياة مفردة "تحرش"، فعلى سجيتها مضت نحو البحر، وسجلت في نادٍ لتعلم الغوص بعيداً من الارتجال، لكن الصدمة كانت مدوية، عندما امتدت يد "المدرب" إلى مناطق حميمة من جسدها وهي تحت المياه، غير قادرة على حماية نفسها.
بعد واقعة "التحرش" هذه عاشت "س. م" صراعاً استحضر أموراً متناقضة، كيف تواجه ما حصل؟ كيف تستعيد كرامتها كإنسان؟ وهل يرأف المجتمع بمعاناتها؟ وفيما تتنازعها هذه الأفكار، قررت الصمت صوناً "للسمعة" في مجتمع ذكوري مشبع بموروثات تقصي المرأة عن عالمها، وهي ما تزال تلوم نفسها لأنها تجرأت على ارتداء زي البحر!.
هذه الواقعة التي أفضت بها للتحدث "س. م" لوكالتنا بعد أن اطمأنت إلى كتم ما تعتبره "سراً"، أحالتنا إلى قضايا عدة كانت وما تزال حاضرة بصداها وهو يتردد في الأروقة وعلى منصات التواصل الاجتماعي وفي بيئات لبنان المختلفة، من التعصب إلى الانفتاح، كون المجتمع اللبناني لا يمتثل لخطاب واحد، فثمة بيئة منفتحة تقابلها أخرى متزمتة في تناقض صارخ يعكس صراعاً متجذراً في تربة هذا المجتمع أفكاراً ومفاهيم. 
 
تحرش تحت الماء!
شهد لبنان مؤخراً ثلاث قضايا للتحرش أثارت غضباً عارماً في البلاد، إحدى هاتين القضيتين تعود إلى الصحافي والكاتب جعفر العطار، وهي أول قضية تصل إلى المحاكم في لبنان بعد أن رفعتها مجموعة من النساء ضده بتهمة التحرش، بعد أن "أجتذبهن" بالعمل، ما انعكس اهتماماً مجتمعياً لمقاربة هذه الظاهرة الشائعة في العالم بوجه عام والمجتمعات العربية بشكل خاص.
فيما تناولت القضية الثانية شكاوى من قبل نساء ضد مدير المركز اللبناني للغطس يوسف الجندي اشتكين من تعرضهن لمضايقات نافرة، ولكن لا زالت الملامح غير واضحة، مع تعيين إحدى الضحايا محام لمتابعة القضية عبر القضاء، ما يعني أن "الضحية" ستضطر للجوء إلى القضاء الجزائي، أي أن الشكوى العلنية بالتوجه نحو مخفر ومدع وقاض وتحقيق، وإفشاء ما تعرضت له وبالمقابل صعوبة إثبات الضحية فعل التحرش ونتائجه، وهي إحدى مواضع الضعف في هذا القانون وفقاً للناشطين والقانونيين، إلا أن اجتماع شهادات لعدة "ضحايا" قد يساهم بتنفيذ أولى العقوبات ضمن هذا القانون بحق المتحرش، وإن كانت الإدانة المجتمعية قد سبقت هذا الأمر.
 
صرخة غنى الضناوي
القضية الثالثة التي ضج بها المجتمع اللبناني عموماً والطرابلسي خصوصاً، كانت حادثة تحرش أستاذ التربية المدنية بسام المولوي بطالباته، بعد أن قامت الطالبة غنى الضناوي بإطلاق صرخة عبر وسائل التواصل الاجتماعي بعد مشاجرة بينها وبين الأستاذ حول طريقته في التصرف مع الطلاب والطالبات، لتتوجه بشكوى لدى إدارة المدرسة اتهمت فيها الأستاذ بالتحرش العلني اللفظي والجسدي.
في المقابل، وقفت الإدارة مع الأستاذ وطلبت من غنى الضناوي إحضار أهلها، لتعبر عن حنقها عبر المنشور الذي شجع طالبات وطلاباً آخرين سواء من مدرستها أو المدارس الأخرى التي التحق بها الأستاذ وتم نقله بينها بسبب سلوكه وتصرفاته، وكرّت السبحة لتدعمها عشرات الشهادات الموثقة بمحادثات مع الأستاذ المذكور، وحملة مناصرة واسعة واعتصام من قبل الأهالي والطلاب والمجتمع الطرابلسي لمدة أربعة أيام استجابة لصرختها المدوية، والتي أدت إلى استبدال مدير الثانوية وتحويل المتحرش إلى دائرة التفتيش التربوي في وزارة التعليم العالي.
وأتت الحوادث الأخيرة بتحرك عبر مواقع التواصل عبر هاشتاغ "افضح المتحرش"، حيث تحدثت النساء على العلن عما حصل معهن وتقدمن بدعوى قضائية مشتركة تتضمن ما جرى معهن، وقد تكفلت نقابة الممثلين بالدعوى ومتابعتها كون أربع من الضحايا ينتمين إليها ما حولها إلى قضية رأي عام.
 
تعريف التحرش
يعرف التحرش وفقاً لقانون تجريم التحرش الجنسي الذي أقره لبنان أواخر عام 2020، بأنه "أي سلوك سيء متكرر خارج عن المألوف، غير مرغوب فيه من الضحية، ذي مدلول جنسي يشكل انتهاكاً للجسد أو للخصوصية أو للمشاعر، يقع على الضحية في أي مكان وجدت، عبر أقوال أو أفعال أو إشارات أو إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية وبأي وسيلة تم التحرش بما في ذلك الوسائل الإلكترونية".
وفي تعليقها على ما جاء في قانون التحرش في لبنان تقول الناشطة في مجال حقوق المرأة والعضو المؤسس لمبادرة متعقب المتحرش "Harass Tracker" عام 2017، ناي الراعي لوكالتنا "مفردتي السيء والخارج عن المألوف، فضفاضتان، فهي أوصاف تتغير مع الزمن، وتعني أمور مختلفة، وهي أمثلة على ملاحظاتنا كناشطين حول القانون".
وحول كيفية توصلها لمقاربة موضوع التحرش تقول "لم يحدث الأمر صدفة، بل هو واقع فرض نفسه على كثير من الناس، ومنهم أنا، فلم أستطع أن أقف مكتوفة الأيدي أمام هذه الظاهرة، فكل منا يحارب واقعاً ما بطريقته الخاصة، فقد يحارب البعض بالتوعية في محيطه العائلي، العمل، أو بالكتابة أو المركبة النشاطية كما أفعل أنا".
وعن مبادرة متعقب المتحرش في لبنان، تقول "لقد ألهمتنا التجربة المصرية لإطلاق مبادرة Harass Tracker أو متعقب التحرش، وذلك بعد التجارب الإيجابية التي انعكست على المجتمع المصري، ومنها خارطة التحرش Harass map، وقد تمكن الناشطون منذ إنشاء هذه الخارطة من كسر الكثير من الحواجز، ومن تجريم المتحرش، وقد بدأنا بتطبيقها منذ العام 2017 عبر خارطة تفاعلية لحالات التحرش، حيث يتم التبليغ بصورة سرية، ما يعطي الضحية مساحة من الحرية للبوح".
 
النشاط النسوي في لبنان
ولفتت ناي الراعي إلى أن "زخم النشاط النسوي في لبنان شجعنا على المتابعة للوصول إلى هدفنا، ألا وهو تغيير صفة التطبيع عن هذا الفعل، أي منظور المجتمع إلى التحرش بأنه أمر عادي، كما وأن المجتمع لا يقوم بأي ردة فعل، لا بل يطلب من ضحايا التحرش أن يتعايشوا مع الأمر، وأن التحرش لا يستدعي المحاربة أو المجابهة، فكان هدفنا إلغاء التطبيع عن هذا الفعل وكسر حاجز الصمت".
وأضافت "هذا مع العلم أن التحرش أمر شائع في لبنان كما في العالم، وهو ما يشجع على التمادي في هذا الفعل، في غياب المحاسبة، وللأسف موجود في كافة المؤسسات حتى التربوية منها، وهو مجال بحث أجريته منذ حوالي سنتين في ثلاث جامعات حول قوانين التحرش في المؤسسات التربوية وتفعيلها في لبنان، وتضمنت الجامعة اللبنانية واليسوعية والجامعة اللبنانية - الأميركية، وبداية توجهت للإدارات والطلبة، وبسبب عدم تجاوب بعض الإدارات، اتجهنا إلى الطلاب وتناولنا شريحة مؤلفة من 50 طالباً وطالبة، لمقاربة حالات تحرش تعرضت له طالبات في هذه المؤسسات التربوية، ولا سيما عندما يكون المتحرش شخصاً يملك سلطة أو محمياً من أصحاب سلطة في هذه المؤسسات، وهناك للأسف العديد من الحالات، في غياب آليات ضمن نظام الجامعات لمكافحة التحرش".
وأشارت ناي الراعي إلى أن "المنصة والإخباريات المجهولة التي ترد إليها توائم بين مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بها على كل من فيسبوك وتويتر، حيث يمكن للنساء التبليغ عبر استمارة سرية، والتجهيل هنا يساعد، وإلا فلن نعرف عن حالات التحرش هذه، وسمحت هذه المنصة للنساء التعبير عن أنفسهن وتجاربهن، كما وأن عملنا يدور حول التوعية عبر مواقع التواصل الاجتماعي التابعة لها"، لافتةً إلى أن الموقع ساهم في التغيير الإيجابي، "دائماً ما تلاحق وصمة عار الضحية المعرضة للتحرش، لذا كي نخفف من هذه الوطأة وهذا الضغط، والسماح بالحديث عن هكذا موضوع، فهذه المنصة هي أداة للتبليغ، وعندما تبلغ الضحية عن شيء تعتبره خطأ، فإن هذا الأمر يلقي الضوء عما تعانيه الفتاة من ذنب جراء نظرة المجتمع".
 
مسار قضائي بطيء
وأوضحت أن "التغيير عبر القانون بطيء، والقانون نفسه نتاج عمل ناشطين وناشطات في هذا المجال وعلى مدى أكثر من عشر سنوات، تابعته جمعيات ومنظمات نسوية، فمثلما بدأ بكسر جدار الصمت حين تجرأت طالبات في مدرسة ثانوية بالادعاء على أستاذتهن، وغيرهن من الأمثلة، فإن هذا التغيير المتمثل في أن تتكلم الضحايا وألا يعتبر هذا الموضوع نوعاً من المحرمات وبالمقابل مساندة المجتمع لهن يعتبر إنجازاً، ويعتبر نجاحاً وفوزاً للنسوية".
وأكدت ناي الراعي على أنه "بالرغم من إقرار قانون في عام 2020 ويحمل الرقم 205/2020، إلا أن المسار القضائي في لبنان بطيء للغاية ومتدرج، فلو كان ثمة محاسبة وروادع كافية وفقاً للجريمة وتوعية منزلية ومجتمعية، لما تجرأ المتحرش على القيام أو المضي بجريمته".
وأردفت "واحدة من القيم التي نعمل عليها كناشطين هي إرساء المسؤولية المجتمعية، فليس الحل بالقانون أو بالخط الساخن فحسب، بل أن يكون للمؤسسات كافة من التوظيفية إلى السياحية، التربوية إلى النقل العام، إلى كل مكان يحتوي نساء ورجال، آلية وقوانين للمحاسبة، فالمحاسبة عبر التوجه للقانون بطيئة وغير مثمرة حتى الآن، خاصةً وأن القانون يخضع لتراتبية، ولم يسجن أي متحرش حتى الآن، على الرغم من وجود قضايا وشكاوى، كما لدينا ملاحظات عدة عليه".
وحول الأسباب الكامنة وراء تردد النساء اللواتي تتعرضن للتحرش بشكاوى ودعاوى قضائية أوضحت أن "المشكلة تتمثل بأن هذا التطبيع يجعل ما تتعرض له النساء هو من البديهيات، وهنا يتمثل الخطر الأكبر، وبالتالي، فإن التبليغ عنه يكون مجهداً ومضنياً بل تحدياً، فالكثير من النساء يحجمن عن التقدم بشكوى لما تتعرض له عبر هذا المسار القانوني والمجتمعي وسط نظرة سلبية من المجتمع حيث يضع بصمة على المعرضة للتحرش، وتوضع تحت المجهر وتُساءَل ويتم البحث في تاريخها وتاريخ عائلتها".
وترى أن "الاعتداءات في الجامعات مثلاً يواجهها رد الفعل من الأهالي بإخراج المتعرضة للتحرش من جامعتها، فمن ستفتح على نفسها هذا الباب، كما وأن الضحايا تتعرضن للتهديد بطريقة مباشرة وغير مباشرة، فالقانون والمجتمع بشكل عام يحمي الرجل، بالإضافة إلا أن القانون يطلب منها إثبات تعرضها للتحرش وتوثيقه، فيما لا تملك الضحية ليس لديها الوقت أو القدرة على التسجيل والتوثيق في مثل هذه الحالات".
وقدمت ناي الراعي مثالاً على ذلك، قائلةً "في حالة مدرب الغطس، كيف ستوثق هذه المرأة الأمر في أعماق المياه؟ كما أنه عندما تكون المرأة في بيئة صغيرة محيطة، يكون ثمة استغلال للسلطة وإساءة واعتداء، فهي منظومة تدور حول لوم الضحية، يستخدمها الرجل والمجتمع حتى للتنصل من المسؤولية، وكأن الحق على الضحية".
 
أطياف التحرش
وأوضحت ناي الراعي أن "التحرش الجنسي هو أحد أطياف التحرش وقد تؤدي إلى تعقب الضحية وصولاً إلى فعل الاغتصاب، وهناك أطياف أخرى مثل التنمر والتحرش على أساس عنصري في مجال العمل خاصة تجاه العاملين الغير مشمولين بقانون العمل، فوضعهم القانوني يجعلهم أكثر هشاشةً، وقد تجتمع الأطياف وتتقاطع، أي أن يحصل تحرش عنصري وجنسي معاً، فالإنسان وهويته هو مجموعة من نظم قوى مثل جنسيته، جندره، لونه، وتتقاطع وتشكل مستويات من التقاطعية".
وعن الاختلاف في ممارسات التحرش تقول "يختلف التحرش وفقاً لهشاشة وضع الشخص، فمثلاً وضعي كلبنانية من أهل البلد، بشرتي بيضاء وما أجنيه من أموال وغيره، يختلف عن وضع عاملة من جنسية مختلفة ونظرة المجتمع لها، فهي تختلف في اللون وفي الإنتاجية المالية وخلافه، وبالتالي فهناك هشاشة أكبر في وضعها ما يفرض عليها واقعاً مختلفاً لجهة التحرش، وبالمقابل فوضعي كامرأة يجعلني أكثر هشاشة بالنسبة لأبي فهو لديه سلطة رجل، ما يجعله أعلى مني مركزاً ومالاً وهكذا دواليك، وهذه الأطياف من الهويات التي نطلق عليها نظم قوى أو سلطوية، فهناك هرمية وفقاً لكل فئة، فاللبنانية في بلدها تختلف عن أخرى لاجئة مثلاً، وهذه التقاطعية تخلق واقعاً وهشاشة معينة وتقصي أشخاصاً عن أشخاص، وحتى في المخفر فوضعي كامرأة يختلف عن وضع الرجل، فهناك تمايز على جميع المستويات ومنها التمايز الجندري، كما أن هناك الفئات العمرية كذلك، فالأطفال معرضين أكثر للتحرش".
ولفتت ناي الراعي الانتباه إلى أن "المرأة تعرف أنها تتعرض للتحرش ولكن هناك حصانة للرجال لجهة السلطة بشكل عام حيث تتعرض النساء للإقصاء (مثلاً في مكان العمل) والتحرش والتمييز، فلا أحد يحاسبه، وهم يحمون بعضهم البعض، فهم يعتبرون أنه يحق لهم ذلك، وعدا عن الرضوخ، قد تضطر المرأة إلى تغيير روتينها اليومي، وأن تتحول إلى وضع دفاعي بحيث تحاول أن تحمي نفسها، وأنه يحق لك التهجم عليها، بل التخفيف من الاستحقاق عند الرجل، بالإضافة إلى عدم وجود عقوبات رادعة، ولهذا تتجه المرأة إلى فضح الشخص وتداول اسمه وهو قصاص مشروع ولكنه غير كافٍ، فالإدانة الشعبية هي نوع من العدالة وسط عدم وجود قانونٍ رادع".
 
شهادات حية
وفي هذا السياق، نورد بعض شهادات حية لبعض النساء خاصة بوكالتنا، تتذكر "ن. أ" واقعة تحرش تعرضت لها من زميل لها خلال دورة تدريبية في إحدى الشركات، حيث لاحظت خلال الدورة تلميحات خاصة.
وأوضحت أن "المتحرش ظل بإرسال تلميحاته، حتى انفرد بي خلال استعمالنا المصعد لوحدنا"، وحاول تقبيلها لتصده مذكرةً إياه بالزمالة وبأنه متزوج، ومنذ ذلك الحين، تحاول الابتعاد عن استخدام المصعد إن اقتصر وجودها مع شخص من الجنس الآخر، مشيرةً إلى أنها لامت نفسها لسنوات بأنها ربما من خلال تصرفها معه وأنها لم تبدِ أي ردة فعل مباشرة بأنها شجعته على القيام بهذا السلوك، وقد برز خلال هذه الحالة التحرش الجنسي الجندري والتغيير في أسلوب الحياة، ووضع اللائمة على نفسها، وهو سلوك نمطي لضحايا التحرش.
أما العاملة الإثيوبية "م. غ" فأكدت أنها كانت تضطر للذهاب إلى محل البقالة القريب من منزل كفيلها لشراء بعض الحاجيات، فعدا عن محاولة صاحب البقالة التحرش بها وحشرها في زاوية داخلية من المحل، كان يلقاها بعض الأشخاص لإعطائها أرقام هواتفهم، ويطالبونها برقم يمكنهم التواصل فيه معها، وتطاول البعض بعرض تقديم بطاقة تعبئة لهاتفها، وأعطاها أحدهم بعض المال، ليبلغ الأمر بأحدهم وأثناء مناسبة عائلية علم فيها عدم وجود أي شخص آخر في المنزل إلى الدخول عنوة وعرض المال عليها للحصول على خدمة جنسية، وقد طردته بعد أن تسبب لها برضوض، وحاولت رفع شكوى ضده ولكن تدخل أقرباء ومعارف حال دون ذلك، وكان شرطها عدم الخروج من المنزل وابتياع الحاجيات إلا بمعية أحد أو مراقبة أحد أفراد المنزل، وقد برز خلال هذه الحالة التقاطعية في مسألة التحرش، فالرجل في هذه الحالة صاحب سلطة ما، اختار العنصرية بالإضافة إلى الجندرية في سلطته على فئة مهمشة، وتسبب بتحرش لفظي وجسدي.
فيما تحدثت ربة المنزل والتي تدعى "ز. ص" عن حادثة تعرضت لها ابنتيها البالغتين من العمر 7 و8 سنوات، من قبل صاحب مكتبة الحي، حيث لاحظت أنهن يعدن الأموال التي تعطيهن مع أنهما ابتاعتا القرطاسية اللاتي تحتاجهما، وبعد ملاحظتها أنهما لا ترغبان بالعودة إلى المكتبة مرة أخرى، وعند تقصي الأمر، تبين لها أن صاحب المكتبة كان يختلي بالفتاتين، ويضع يديه على مناطق حساسة من أجسادهن، وكون الرجل "جليلاً" اضطرت إلى الاتصال بزوجته والشكوى لها، مهددةً بفضحه، إلا أنها تراجعت بعد ذلك، كون مثل هذا الأمر قد يعرّض عائلته وبناته لوصمة وعار، وأكدت أن حالة بناتها ليست الوحيدة، بل أن هناك العديد من الفتيات الصغيرات اشتكين من هذا الفعل، وقد قامت بتحذير من تعرفه من سلوك هذا الشخص، وتمت مقاطعته، وقام بإقفال المكتبة الواقعة في قرية صغيرة، ولوحظ في هذه الحالة تقاطع الصفة الجندرية مع الفئة العمرية الصغيرة المهمشة، مع تغيير في سلوك الأطفال.