تحديات وصعوبات تواجه الأمهات والمعلمات مع العودة إلى المدارس

على أبواب العام الدراسي الجديد، يتحضر اللبنانيون والمقيمون على الأراضي اللبنانية للعودة إلى المدارس، وهي العودة الفعلية، إذا ينطلق العام الدراسي لهذا العام حضورياً بعد عامين من التعليم عن بُعد، بسبب انتشار وباء كورونا

كارولين بزي
بيروت ـ .
تحديات كبيرة أمام هذه العودة، وأبرزها زيادة الأقساط وغلاء القرطاسية والكتب وصولاً إلى شح المحروقات وارتفاع أسعارها ورفع الدعم الكلي عن مادة المازوت والدعم الجزئي عن مادة البنزين.
 
"العودة إلى المدرسة ضرورية... ونواجه هذه الصعوبات"
 
في هذا التقرير تروي أمهات ومعلمات لوكالتنا تجاربهن مع العودة إلى المدراس، وتقول كارين اليان ضاهر، صحافية وأم لولدين "أعتقد أن العودة إلى المدارس أمر ضروري، فالتعليم عن بُعد ليس حلاً ولاسيما في ظل أزمة انقطاع الكهرباء والانترنت، فمنذ سنتين يتابع الأطفال دروسهم عن بعد لكن المكان الطبيعي لهم هو العودة الفعلية إلى المدرسة".
وتتطرق كارين ضاهر إلى الصعوبات التي تواجهها مع انطلاق العام الدراسي لهذا العام على غرار أغلب العائلات، "نواجه سلسلة تحديات منها ارتفاع سعر الزي المدرسي، والقرطاسية والكتب التي ارتفعت أسعارها بشكل كبير، بالإضافة إلى أزمة المحروقات، مثلاً: إذا أردت أن أوصل أولادي إلى المدرسة أنا أو زوجي فنحن نواجه أزمة طابور البنزين الذي يصطف أمام المحطات، وحتى أجرة الباص الشهرية أصبحت خيالية وبعضها وصل إلى المليون ونصف المليون ليرة بالشهر للطفل الواحد، بالنسبة للأقساط نتوقع أن تكون الزيادة بنحو 30 بالمئة، وربما أكثر ولكن لغاية اليوم لم ترسل المدرسة قيمة القسط السنوي، علماً أنها في أيام ما قبل الأزمة كانت ترسل قيمة القسط في وقت مبكر قبل انطلاق العام الدراسي".
وتوضح "حتى إدارة المدرسة في حيرة من أمرها في تحديد الزيادة على الأقساط، فالأمر مرتبط بأمور كثيرة منها المازوت، وأزمة البنزين وإن كان باستطاعة المعلمات أن يصلن إلى المدرسة، لذلك لا نعرف إن كانت المدرسة فعلاً ستتفتح أبوابها أو سيتم تأجيل العام الدراسي"، إذ أن العديد من المدارس التي أعلنت عن موعد إطلاق العام الدراسي قامت بتأجيله إلى وقت متأخر من هذا الشهر أو بداية الشهر المقبل. 
وتؤكد كارين ضاهر بأنها ستبذل قصارى جهدها ليتابع أولادها دراستهم حضورياً، وتضيف "إذا لم يتغير شيء من الآن حتى انطلاق العام الدراسي، لدينا أزمة الانتظار بطوابير البنزين، ففي أي ساعة سيتجه الفرد إلى محطة المحروقات لكي يستطيع ملء خزان وقود سيارته ويقلّ أولاده إلى المدرسة، بالتأكيد سينعكس تأخيراً أو ربما تغيباً عن المدرسة أحياناً".
فيما يتعلق بنقل أولادها من المدرسة الخاصة إلى الرسمية، تقول "أولادي لا يزالون في سن صغيرة، ولا أفكر بنقلهم إلى مدرسة رسمية حالياً، وسنبذل قصارى جهدنا ونضحي بكل شيء لكي يبقوا في مدرسة خاصة. وأعتقد أن الانتقال إلى المدرسة الرسمية يمكن أن يكون في المرحلة الثانوية لا في المرحلة التأسيسية التي يتعلم فيها الطالب اللغات الأجنبية وغيرها، وبالتالي من الأفضل أن يبقوا في مدرستهم حتى لو كانت التحديات كبيرة".
وتوضح كارين اليان ظاهر كيف تغيرت أسعار الكتب والقرطاسية "الكتاب الذي كان سعره 10 دولار (15 ألف ليرة سابقاً) تجاوز سعره اليوم الـ 200 ألف ليرة، فيما يتعلق بالقرطاسية أصبحت أسعارها خيالية، وحتى زي المدرسة الذي كان يبلغ 30 ألف ليرة تجاوز سعره الـ 100 أو الـ 150 ألف ليرة، وقد حاولت المدرسة أن تخفف من الأعباء على الأهل، ولكن في النهاية التكلفة كبيرة جداً".
 
"قدمت استقالتي من المدرسة ولجأت للتعليم الخاص"
 
تقول رندة حجازي معلمة وأم لولدين، "بما أنني معلمة تداركت الأمر مع بدء الأزمة الاقتصادية في لبنان، وقدمت استقالتي من المدرسة التي كنت أدّرس فيها لأكثر من 15 عاماً، وتوجهت للتعليم الخاص لأستطيع أن أؤمن قوت يومي أنا وعائلتي في الوضع العصب الذي نعيشه". 
وتضيف "لم يعد يتجاوز أجر أهم أستاذ الـ 120 أو 150 دولار، علماً أن التعليم هو أصعب مهنة أي أن أجور الأساتذة والمعلمات يجب أن تكون الأعلى".
افتتحت رندة حجازي مركزاً للتعليم الخاص وهي تستقبل فيه تلاميذ من مختلف الأعمار خلال أيام الأسبوع، ولكنها أيضاً تواجه مشكلة الواقع الاقتصادي فيما يتعلق بالمبلغ الذي ستتقاضاه شهرياً من أهالي التلاميذ، "في البداية واجهت صعوبة كبيرة جداً، فما هو المبلغ الذي سيدفعه الموظف الذي سأعلم أولاده؟ مثلاً في السابق كنا إذا تقاضينا مئة ألف ليرة بما يعادل 60 دولاراً على سعر صرف 1500 ليرة، في الشهر كان المبلغ مناسباً، ولكن ما هو المبلغ الذي سنتقاضاه في الشهر 500 أو 600 ألف؟ هذا المبلغ سيصبح عبئاً كبيراً على الأهالي، حتى التعليم الخاص أصبح صعباً وعبئاً على الأهل. ولا يمكننا أن ننسى غلاء البنزين والمحروقات، وهي أزمة طالت مهنتنا، إذ لم يعد باستطاعة الأهل أن يجلبوا أولادهم لتلقي الدروس الخاصة"، وتتابع "بسبب الأزمة التي نعيشها، دُمر جيل المستقبل".
يعود التلاميذ إلى المدارس هذا العام حضورياً، تتحدث رندة حجازي عن الصعوبات التي تواجهها كسائر الأهالي فهي أم لولدين، "لا نعرف كيف سنتحضر للعام الدراسي الجديد، فالأمور ضبابية وغير واضحة، إن كان بالنسبة للقرطاسية أو للنقليات، فكيف سنوصل أولادنا إلى المدارس في ظل شح البنزين، وارتفاع أجرة النقل بالإضافة إلى الأقساط المدرسية التي بالتأكيد ستزيد، حتى الحقيبة أصبح سعرها باهظاً، كل هذه الأمور تشكل عائقاً أمام عودة الأطفال إلى المدرسة، ولا نعرف كيف سنتصرف معها، ولكن في النهاية سنقوم بتسجيل أولادنا في المدرسة ولكن لا نعرف ما هو السبيل لذلك".
 
"لا نستطيع العودة إلى المدارس إذا لم يتم تحسين أجورنا"
 
تؤكد الأستاذة في التعليم الرسمي ميسا الهق بأنها مع العودة إلى المدارس لا التدريس افتراضياً، من أجل التلاميذ والأهل ولكي يستمر المجتمع ويتقدم "لدينا أزمة ولاسيما نحن المعلمات نتقاضى راتباً شهرياً بالليرة اللبنانية وهو مبلغ زهيد جداً مقارنة بما نعيشه، فهو لم يعد يكفي شيئاً. ما الذي ستفعله المعلمة أو الأستاذ في المدرسة؟ مثلاً ارتفعت أسعار المحروقات ولم تتم زيادة أجرة الساعة بما أنني معلمة متعاقدة، حتى أننا منذ العام الماضي لم نتقاضى رواتبنا بعد. هذا الأمر برسم وزارة التربية والدولة اللبنانية".
وبينت أن "الطالب يدفع ضريبة من غير المفترض أن يدفعها، ولكن ما هو الحل؟ أنا مع العودة إلى المدارس ولكن قبل ذلك على الدولة تأمين حاجيات المعلمات والأساتذة الذين لديهم أولاد أيضاً، ويحتاجون لأن يربوا أولادهم ويعلموهم، فهناك متطلبات معيشية كثيرة لاسيما في ظل الغلاء الذي نعيشه"، وتشير إلى أنه في حال لم ترفع الدولة اللبنانية أجرة الأستاذ لن تعود إلى التدريس، "المشكلة أن الطالب هو الذي سيتحمل وطأة هذا الأمر علماً أنها مسؤولية الدولة، وأعتقد أن الأهل سيتفهمون ذلك".
وتوضح أنه في حال أوجدت الدولة اللبنانية حلولاً لمختلف المشاكل التي يعيشها الأستاذ، فهم بالتأكيد مستعدون للعودة، وتؤكد أن مهنة التعليم مهنة سامية لكن ذلك لا يعني العمل من دون مقابل يليق بهذه المهنة، وتسأل "ما الذي سيفعله الأستاذ في المدرسة مع ارتفاع أسعار المحروقات؟ هل يدفع راتبه الشهري ثمن البنزين؟".
واختتمت ميسا الهق حديثها بالتأكيد على أن تأثير غلاء المعيشة أثر على تكلفة عودة أولادها إلى المدرسة، كما طالبت الدولة اللبنانية بإيجاد حلول تصلح أوضاع الأساتذة والمعلمات "في لبنان مشكلة أصبح العالم كله يعرفها، وهي مشكلة طابور البنزين الذي يمتد لمئات الأمتار أمام محطات البنزين، ربما يصلني الدور لملء خزان وقود سيارتي وربما لا، وبالتالي لن أستطيع أن أذهب إلى المدرسة".