تحديات تواجه العاملات العازبات وسعيهن لتحقيق الأهداف المهنية

على الرغم من أن العاملات العازبات في جميع المجتمعات وخاصة في إيران تواجهن ضغوطاً اجتماعية وتحديات وتمييزاً، إلا أن بعض الآراء تشير إلى أن العازبات لديهن فرص أكبر للتقدم في عملهن وحياتهن المهنية بسبب استقلالهن في اتخاذ القرارات المتعلقة بحياتهن.

رنا حكيم

طهران - تواجه النساء غير المتزوجات في العديد من البلدان تحديات أكبر من نظيراتهن المتزوجات بسبب الافتراضات الثقافية والاجتماعية ويمكن أن تشمل هذه التحديات الضغوط الاجتماعية للزواج، والتوقعات غير العادلة بشأن الأدوار الأسرية، فضلاً عن التمييز الاقتصادي.

في التقويم العالمي، يعتبر يوم 4 آب/أغسطس هو اليوم العالمي للمرأة العاملة العازبة، وهو اليوم الذي أنشأته باربرا باين في عام 2006 وهي امرأة عاملة عزباء. إن منظورها الفريد لكونها امرأة عزباء لديها وظيفة دفعها إلى رؤية مدى مساهمة النساء مثلها في المجتمع وتم إنشاء يوم المرأة العاملة العازبة بهدف الاعتراف بأهمية هؤلاء النساء وزيادة الوعي بهذه الحقيقة، فهن تمضين حياتهن بمفردهن ولكن هذه الحياة لا تخلو من التحديات والأحكام المسبقة.

 

السلوك التنظيمي التمييزي في مكان العمل

تقول نارين سعيدي البالغة من العمر 37 عاماً "انفصلت عن عائلتي التي تعيش في تبريز منذ عقد من الزمن، وأعمل في طهران، ومنذ أن انفصلت عن عائلتي ومدينتي، أصبحت أشعر بمزيد من السلام والاستقلالية، على الرغم من أنني واجهت العديد من المشاكل والصعوبات".

وتقول عن قضاياها ومشاكلها "حياة العزوبية لا تخلو من التحديات والصعوبات، كما أن المرأة المتزوجة لديها مشاكلها الخاصة، وهناك تمييز من حيث المركز التنظيمي والرواتب والمزايا للأشخاص غير المتزوجين، وبالطبع لديهم نظرة أكثر تمييزاً على أساس الجنس تجاه العازبات فتواجهن المزيد من العنف".

وأضافت "إن الأسوأ من كل هذه الحالات هو تبرير هذا التمييز من وجهة نظر أصحاب العمل، الذين يعتقدون أنه لأننا عازبات نحتاج إلى نفقات أقل وبالتالي رواتب أقل، وهذه وجهة نظر غير ناضجة للغاية، وإذا أردنا أن نذهب إلى أبعد من ذلك بقليل والشيخوخة، فالعازبات في سن التقاعد والشيخوخة يجب أن تكن غنيات بما يكفي حتى لا تحتجن إلى الآخرين".

زميلتها بانيز عنباري 30 عاماً قالت "أنا موظفة عزباء، لكني أعيش مع والديّ، وأفكر حقاً في حياة مستقلة لأنني لا أريد أن أتزوج، ولكن لأن والديّ غير راضيين، فإن مشروعي في أن أصبح مستقلة لم يتم تنفيذه بعد، لكنني سأفعل ذلك في النهاية".

 

مكافحة الصور النمطية الثقافية

أمام باب مدخل وكالة طيران امرأة ترتدي ملابس أنيقة تدعى ديبا أسدي 45 عاماً، وهي سيدة أعمال وعزباء قالت "لو كنت عشت مع عائلتي في هذا العمر، فلن أحظى بالتأكيد بالسلام الذي اتمتع به الآن، فضلاً عن تقدمي المهني والحقيقة هي أنه بغض النظر عن الجنس، عليك أن تناضل من أجل الحياة. لم توافق عائلتي على العيش بشكل مستقل، فلم يقتصر الأمر على عدم دعمي، بل وقفوا ضدي أيضاً وطلبوا مني العودة والعيش معهم، ولذلك عشت معهم حتى أصبح عمري 37 عاماً، وكان إخوتي وأخواتي متزوجين، وعليّ أن أصبح مستقلة الآن، ليس من خلال الزواج، بل من خلال سعي للعمل".

لكن العديد من النساء العازبات لا تتاح لهن الفرصة للعيش بشكل مستقل بسبب وضعهن العائلي، وعليهن الاستمرار في العيش مع أسرهن، بما في ذلك عاطفة أماني البالغة من العمر 54 عاماً "بما أنني أصغر ابن في عائلتنا المكونة من 7 أفراد وجميع إخوتي متزوجون، اضطررت بطريقة ما إلى البقاء مع والديّ. في البداية، ربما بسبب تعلقي العاطفي بهم، لكن عندما ندمت على ذلك، كان الوقت قد فات، والديّ الآن كبيران في السن وعليّ أن أعتني بهما".

تحدق عاطفة أماني في نقطة بعيدة، كأنها مسافرة إلى الماضي، ثم تقول "الأمر الصعب هو أن إخوتي مرتاحون لأنني أعتني بوالديّ جيداً ويزوروننا كضيوف".

وأكدت "لست نادمة على رعاية والديّ، لكن ربما كان عليّ بذل المزيد من الجهود لكي أصبح مستقلة، ولكنت ساعدتهما بطريقة مختلفة، وسأكون أكثر سعادة من الآن، فلقد تركت وظيفتي للحصول على مزيد من الوقت لرعاية والديّ، والآن نعيش على معاش والدي التقاعدي".

 

تمييز واضح في الرواتب والمزايا

وتقول المحامية إلهام يافاري "الأمر المؤكد هو أن هناك تمييزاً واضحاً في السلوك التنظيمي للمرأة العازبة مع نظيراتها المتزوجات ومع الرجال العاملين، وأهمها التمييز في الرواتب والوظائف. تتمتع العازبة بحقوق ومزايا أقل من الرجل وحتى من المرأة المتزوجة ويمكن أن يشمل هذا التمييز انخفاض الرواتب، وعدم إمكانية الوصول إلى فرص الترقية والمزايا الاجتماعية".

وأضافت "تتعرض العازبات لضغوط اجتماعية للزواج وتكوين أسرة، وهذا ينطبق على جميع المجتمعات تقريباً وليس المجتمع الإيراني فقط ويمكن أن تؤثر هذه الضغوط أيضاً على خياراتهن المهنية".

لكن بعض الآراء تشير أيضاً إلى أن العازبات لديهن فرص أكبر للتقدم في عملهن وحياتهن المهنية بسبب استقلاليتهن في اتخاذ القرارات المتعلقة بحياتهن، وتقول شيدا شكيبائي وهي أخصائية نفسية واستشارية أسرية عن الفرص المتاحة للمرأة العاملة العازبة "من الناحية النفسية، المرأة العازبة تبحث عن المزيد من الاستقلال المالي، والمزيد من فرص العمل ومن ناحية أخرى، تتمتع العازبات بمرونة أكبر في اختيار وظيفتهن ومسارهن الوظيفي لأن مسؤولياتهن العائلية أقل من المتزوجات".

وأضافت "يمكن للعاملات العازبات إنشاء شبكات واتصالات مهنية في سياق أعمالهن والاستفادة من الخبرات والموارد المتاحة بين العاملات العازبات الأخريات واتخاذ خطوات أكبر لتحقيق أهدافهن المهنية".

وبينت أنه "بالنظر إلى الموجة الأولية للحركة النسائية، نكتشف متى كانت المرأة مهتمة بالقضايا الاجتماعية مثل حقها في التصويت وزادت مشاركة المرأة في القوى العاملة إلى حد كبير. في هذا الوقت، في أوائل القرن العشرين، كانت معظم القوى العاملة النسائية تتألف من عازبات أصغر سناً، حيث أن معظم المتزوجات في الولايات المتحدة لم يعملن بعد خارج المنزل".

وتظهر بيانات مكتب الإحصاء أن 25 بالمئة فقط من النساء كن "يعملن بأجر" في ذلك الوقت، وكان التقدم التكنولوجي يعني أنه يمكن القيام بالوظائف الأكثر تطلباً بضغطة زر واحدة "ذكر حصراً" وتقدمت المجتمعات واختفت تدريجياً القوانين التي وضعت أمام دخول المرأة إلى سوق العمل والآن في اليوم العالمي للمرأة العاملة العازبة، وفي بعض البلدان، تنظم بعض المنظمات والمؤسسات فعاليات وأنشطة مختلفة ويمكن أن تشمل هذه الأنشطة ورش العمل والندوات وحملات التوعية والغرض من هذه الأنشطة زيادة الوعي العام حول التحديات والنجاحات التي تواجهها العازبات، فضلاً عن تعزيز المساواة التنظيمية والإدارية في مكان العمل.

ويعد اليوم العالمي للمرأة العاملة العازبة فرصة للاحتفال بإنجازات المرأة العازبة في عالم العمل، وكذلك تذكيرنا بالتحديات التي لا تزال قائمة. تقيم بعض المنظمات والمؤسسات في بعض البلدان فعاليات وأنشطة بحيث يمكن من خلال زيادة الوعي والدعم التنظيمي لهؤلاء النساء التحرك نحو مجتمع أكثر عدلاً ومساواة.