تحدت المفاهيم الخاطئة وفعلت ما تؤمن به

"ان تصل متأخراً خيراً من ألا تصل أبداً" العبرة التي استخلصتها رنا الكسمو من خلال تجربتها في الحياة

سيلفا الإبراهيم

منبج- يرسخ المجتمع دائماً مفهوم أن المرأة بحاجة لمن يكون مسؤولاً عن قرارتها، ولا يترك فرصة للتقليل من شأنها، لكن رنا الكسمو امرأة تحدت هذه المفاهيم واستطاعت أن تفعل ما تؤمن به.

تؤكد رنا الكسمو ابنة مدينة منبج بشمال وشرق سوريا، أن دعم العائلة مهم للغاية، خاصة للنساء في مجتمع يحاول دوماً أن ينال منهن، مستذكرةً تجربتها مع المرض وتحديها له وإكمال تعليمها وتقول  "على المرأة أن تؤمن بقدراتها وقوتها وتسعى من أجل تحقيق حلمها لتكون في المستقبل السند لنفسها دون أن تنتظر العون من أحد".

ما ميز قصتها هو طموحها والصعوبات المضاعفة من حرب ونزوح ومرض كاد أن يبقيها عاجزة عن الحركة تقول "شجعتني والدتي للعودة إلى مقاعد الدراسية بعد أن انقطعت 5 سنوات عنها، وبمعدل جيد واصلت تعليمي في كلية الحقوق عام 2011 في مدينة الحسكة، لكن جراء اندلاع الحرب وسيطرة داعش على مدينة منبج أواخر عام 2013 لم تستطع مواصلة دراستها".

ازداد وضع مدينة منبج سوءاً لأن داعش اعتبر مجال الحقوق كفر، وتم قتل الكثير من المحاميين والحقوقيين تقول رنا الكسمو، أن كونها امرأة ضاعف عليها المعاناة "كل من يسعى وراء العلم منبوذ لدى داعش والمرأة في جميع حالتها منبوذة".

ولتجنب هذه الممارسات نزحت مع عائلتها إلى تركيا في عام 2014  لتصاب بمرض التهاب العقد اللمفاوية السلي وتعود من جديد إلى سوريا قاصدة مدينة حلب في عام 2015  "بعد أن عجز الأطباء عن إيجاد علاج لمرضي في تركيا عدت لمدينة حلب، ليزداد وضعي الصحي سوءاً، بسبب وصف أدوية خاطئة أدت إلى ضعف أعصاب أطرافي السفلية، وأصبحت طريحة الفراش لثلاثة أعوام وكدت أن أعجز عن الحركة بشكل دائم، لكن شقيقتي ساندتني لمواصلة تعليمي".

عندما قررت استئناف تعليمها وذهبت إلى الجامعة لم يتم قبولها في عامها الثالث بسبب انقطاعها لمدة طويلة، وطُلب منها إما ان تعيد سنوات دراستها من جديد او تختار فرع آخر، حينها أحبطت ولكن شقيقتها كانت خير محفز لها واختارت التقديم على فرع رياض الأطفال في جامعة اللاذقية "رافقتني شقيقتي إلى الجامعة حتى أنها حملتني وبقيت تنتظرني حتى أنهي محاضراتي وتعود بي إلى المنزل خلال عام دراسي كامل".

وتستذكر التعليقات السلبية من محيطها "اردوا احباطي لكني لم أعر آرائهم أيا اهتمام وخلال تلك الفترة تلقيت العلاج وعادت لي عافيتي".

لطالما اهتمت رنا الكسمو بالحقوق لذلك لم تترد في استكمال دراستها بهذا الفرع عندما صدر القرار بقبول استئناف طلاب الجامعة الذين انقطعوا عن الدراسة "درست رياض الأطفال لمدة عام، لكن شغفي كان الحقوق لذلك عدت فوراً ولم يتبقى لي إلا فصل حتى أحصل على شهادة التخرج".

لكن نظرة المجتمع ما تزال تلاحقها ليصبح العمر أحد التحديات التي عليها مواجهتها "رغم اني بكامل صحتي وقوتي وإرادتي وأسعى وراء حلمي إلا أن المجتمع ينبذ فكرة مواصلتي لدراستي كوني اقتربت من الأربعين ولكن أنا مؤمنة بمقولة أن تصل متأخراً خيراً من ألا تصل أبداً".

ولفتت إلى أن المجتمع يرسخ دائماً مفهوم أن المرأة بحاجة لمن يكون مسؤولاً عن قرارتها وعلى المرأة أن تغير هذا المفهوم الخاطئ، "على المرأة أن تؤمن بقدراتها وقوتها وتسعى من أجل تحقيق حلمها لتكون في المستقبل السند لنفسها دون أن تنتظر العون من أحد".

وفي ختام حديثها أكدت رنا الكسمو على ضرورة الدعم العائلي "عائلتي وخاصةً شقيقتي لهم الفضل الأكبر في تحقيق حلمي، والدعم العائلي في الأوقات الصعبة لا ينسى وعلى كل عائلة أن تكون مصدر القوة لبناتها، ويكون ذلك من خلال الإيمان بقدراتهن، وعلى الأهل ألا يكونوا السبب في إحباطهن وتراجعهن عن طموحاتهن".