تدهور قطاع التعليم في إدلب... يهدد أطفال المخيمات بمستقبل مجهول

يواجه التعليم في مخيمات إدلب تدهوراً ملحوظاً بعد دخول الحرب السورية عامها الحادي عشر، وذلك مع ارتفاع موجات النزوح وعدم استيعاب المدارس القريبة من المخيمات أعداد الطلاب المتزايدة الوافدين من المخيمات المكتظة بساكنيها والتي تفتقر معظمها للتعليم

سهير الإدلبي
إدلب ـ
بلغ عدد مخيمات النازحين قرابة ١٤٨٩ مخيماً يأوي ١.٦ مليون نسمة، بينهم ٦٨٠ ألف طفل يعاني من تفاقم في سوء أوضاع القطاع التعليمي مع ازدياد أعداد الأطفال في عمر الدراسة وعدم توفر المراكز التعليمية والمدارس الكافية، عدا عن قلة الدعم المخصص لهذا القطاع الهام. 
توقف الطفل مهاب حسين (١١) عاماً عن متابعة دراسته بعد نزوحه مع عائلته من مدينتهم معرة النعمان أواخر عام ٢٠١٩، واستقرارهم في مخيمات سرمدا العشوائية، يقول مهاب أنه كان في الصف الثالث الابتدائي حين نزحوا، ولم يتسنى له العودة إلى المدرسة ثانية لافتقار المخيم للمدارس وبعد المدارس في المدن عن المخيم.
لم يخفي مهاب حسين رغبته في متابعة دراسته، ولكنه لفت إلى أن الأمر بات صعباً بعد سكنهم الأخير في منطقة جبلية نائية حيث لا تعليم ولا خدمات.
وأشار مهاب حسين مبتهجاً أن ثمة مشروع تعليمي يتحدث عنه البعض بأنه سيقام قريباً في المخيم، ولكن لا يعلم إن كان ذلك عاجلاً أم آجلاً، وهل سيتمكن من متابعة تعليمه بعد كل ذلك الانقطاع، يتساءل مهاب. 
حالة الطفل أسعد البرغل (١١) عاماً لا تشبه حالة الطفل مهاب حسين فهو لم ينقطع عن دراسته رغم كل الظروف، إذ أنه يمشي أكثر من ساعة ذهاباً وأخرى إياباً كلما قصد مدرسته الواقعة شمال مخيمه في بلدة كللي غربي إدلب.
يقول "أشعر بألم في قدماي نتيجة المشي الطويل كل يوم، وأكثر ما يعيق وصولي المدرسة هو حالة الطقس في فصل الشتاء وجو الأمطار والعواصف وعدم إيجاد وسيلة نقل تقلني للمدرسة، فأضطر للتغيب عن المدرسة نتيجة الظروف المناخية في كثير من الأحيان"، ورغم كل ما يواجه من تحديات فهو عازم على المتابعة بعد أن وصل الصف الخامس الابتدائي. 
وببراءة يتابع أسعد البرغل حديثه قائلاً "أحلم أن أكون طبيباً ناجحاً لأتمكن من معالجة أطفال المخيم، فهم كثيراً ما يمرضون ولا يجدون من يساعدهم على الشفاء في هذا المخيم النائي". 
بعض المخيمات لا تخلو من المدارس، ولكنها تعاني نقصاً حاداً في المستلزمات التعليمية من مقاعد وكتب وقرطاسية ووسائل تعليمية وذلك لعدم وجود داعمين، وتوقف معظم المنظمات عن الاهتمام بهذا القطاع والاتجاه نحو قطاعات الإغاثة وغيرها، وهو ما ينذر بتوقف مئات المدارس عن التعليم وتهديد أعداد كبيرة من الطلاب بتوقف مستقبلهم التعليمي وجعلهم على حافة الأمية والجهل.
المعلمة سهام حاج أحمد (٢٥) عاماً تعمل في إحدى مدارس مخيمات حارم بشكل تطوعي، وهي تشكو انقطاع الدعم عن المدرسة منذ عامين، تلك المدرسة التي هي عبارة عن خيمة كبيرة جهزت بين مئات الخيام لتكون وسيلة التعليم الأساسية الوحيدة، غير أن قلة الدعم عن تلك الخيمة يضعف عملية التعليم فيها.
"يحمل أولئك الأطفال الكثير من الطموحات والأحلام بداخلهم، ووجودهم في مخيمات نائية منسية وتفتقر الخدمات المتعددة ولا سيما التعليم جعلهم عرضة لحياة صعبة لا ذنب لهم فيها" تقول المعلمة سهام أحمد.
وتقدر منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" عدد الأطفال خارج مقاعد الدراسة في سوريا بنحو 3.2 مليون طفل، وأن حالة المدارس في سوريا وصلت إلى صلاحية مدرسة بين كل ٣ مدارس، وذلك بعد تدمير المدارس واستخدامها لأغراض عسكرية ومراكز إيواء للنازحين في حين يواجه 1.3 مليون طفل سوري خطر التسرب من مقاعد الدراسة.