تعدد الزوجات انتهاك تحت مسمى حق

"تعدد الزوجات" واحد من أكبر الأزمات التي باتت تواجه النساء في الآونة الأخيرة، حيث ترك الرجل كل حقوق المرأة التي ينتهكها من وقت لآخر وراح يدعوا لما يسميه "حقه في التعدد"، بل أن الأمر أصبح أكثر فجاجة بأن يربط أحدهم قبول هذا الأمر دون مجادلة بقوة إيمان المرأة

أسماء فتحي
القاهرة ـ .
 
زواج البيج رامي وعودة الجدل مرة أخرى
عاد الحديث عن تعدد الزوجات ليطرح نفسه بقوة بعد واقعة زواج بطل الأولمبياد في كمال الأجسام، بيج رامي، من أخرى على زوجته وأم أطفاله، والأسوأ كان في طريقة إدراكها للأمر حيث أكدت لوسائل الإعلام أنها رأت صوره كالغرباء ولم تكن تعلم بالأمر وكأنها خارج تلك المعادلة.
وقالت المرشدة الأسرية التربوية، فاطمة المكي، أن قضية تعدد الزوجات شائكة للغاية وعادت لتحتل مساحة كبيرة من النقاش بعد زواج بيج رامي للمرة الثانية، وانطلقت حالة من الجدل فالرجال يرون أن ذلك حقه الشرعي، والنساء ترينه خيانة خاصة أن زوجته الأولى تحملته لسنوات طويلة قبل الفوز في الأولمبياد والتصعيد الأخير الدعائي مؤكدين أن شهرته التي تزداد يوماً تلو الآخر يعود الفضل فيها لتحملها ووقوفها إلى جانبه. 
 
في تعدد الزوجات الإجبار سيد الموقف وإن ادعى البعض غير ذلك
تطل علينا من وقت لآخر مشاهد توحي بقبول بعض الزوجات للتعدد ولكن بتفحص الأمر نجد أن هذا مغايراً للواقع فالمرأة لا تقبل عن رضا تام لوجود شريكة وإن أبدت عكس ذلك.
بعض النساء يضطررن للقبول لأنهن غير محميات اقتصادياً أو خوفاً على خسارة الأبناء ومن أجل استمرار حياتهم بشكل طبيعي إلا أن هذا أيضاً على حساب مشاعرهن الرافضة للأمر. 
ولا يمكننا أن نقتصر الإجبار على الزوجة الأولى فقط بل أن تلك الزوجة الثانية أو الجديدة أياً كان رقمها تضطر للأمر لعدة أسباب قد يكون منها الضغوط المجتمعية أو الحاجة لمن ينفق عليها مالياً أو حتى الخوف من ضغوط ما بعد الطلاق أو الترمل. 
 
ربط تعدد الزوجات بدرجة الإيمان وتأثيره النفسي على المرأة
يربط البعض تعدد الزوجات بالإيمان مستندين إلى ما يحدث في كثير من دول الخليج بحسب ما أكدته المرشدة التربوية والأسرية فاطمة المكي، وهو أمر لا علاقة له بالواقع على حد تعبيرها.
واعتبرت أن مشاعر النساء تكاد تكون واحدة فمسألة رؤية أو اختيار الزوج لأخرى هو فعل مؤذي نفسياً ويطيح بالكثير من الرصيد الذي يبنيه الزوجين طوال حياتهم معاً، وللأسف الرجال أغلبهم لا يدركون حجم الألم الذي تعاني منه المرأة في حال وقوعها تحت هذا الضغط.
وتضيف أنها رأت بعينها كيف يبرر الرجال موقفهم من خلال تجاربها وما يعرض عليها من حالات فالكثير منهم يعتبر أن رغبته في الزواج من أخرى دليل على تمسكه بالزوجة الأولى لأنه آثر تعدد الزوجات على تركها. 
 
تناقض بحسب المصلحة
القول الفصل في قضية تعدد الزوجات غير موضوعي لأن المصلحة هي التي تضعه في الكفة الراجحة للميزان أو تطيح به وموقع المرأة يحدد قدرتها على حسم الموقف لأن الكثيرات يفتقدن لموقف موحد ومبدئي منه.
المرشدة الأسرية والتربوية فاطمة المكي التي عملت في هذا الملف لنحو 12 عاماً، أكدت أن موقع الزوجة هو الحاسم في قضية تعدد الزوجات فإن كانت المرأة هي الزوجة الأولى تعتبر الأمر خيانة ويقف معها من حولها ويعتبر ذويها أن زوجها خائن وناكر للجميل في كثير من الأحيان، أما إذا كانت المرأة ذاتها هي الثانية فهنا تخلق التبريرات بأن تعدد الزوجات حق وأن الزوجة الأولى قد تكون مقصرة وأنه مستوفي الشروط وزواجه من أخرى لا يعيبه.  
وهذا التناقض هو الذي تسبب في حالة الخلل الواضحة في التعامل مع تعدد الزوجات فالمتحكم في القرار والموقف منه هو مصلحة الزوجة هل هي جانية أم مجني عليها، هل هي الرابحة أم الخاسرة.
 
قصص من واقع الحياة
روت فاطمة المكي، بعض القصص الخاصة بنساء تعرضن لتلك الأزمة ومنها، قيام عروس بطلب استشارتها جاء فيها "تقدم لي عريس لأكون زوجة ثانية، فقد التقيته صدفة في أحد الشوارع بعد طلاقي وكان زميل لي في الجامعة، وأزمتي تكمن في كونه متزوج بأخرى"، مضيفة أن الفتاة وأهلها اشترطوا أن يخبر زوجته الأولى.
وأضافت أن تلك الفتاة تعاني من ظروف قاسية دفعتها للتفكير بالزواج العرفي منه للتخلص من شرط أهلها وتحكمهم في الأمر، وانتهى بهم الحال بزواج رسمي بعقد على يد محامية وكتب لها قائمة منقولات ومؤخر ولكنه لم يسجل العقد حتى لا تعلم زوجته الأولى بالأمر.
واستطردت فاطمة المكي، أن هناك أزمة أخرى مر بها رجل أخبرته زوجته بموافقتها على زواجه من أخرى لتأزم علاقتهم الحميمية، وبالفعل كانت هناك محامية مطلقة تدير بعض التعاقدات الخاصة به وتزوجها، إلى أن مرض الزوج متأثراً بفيروس كورونا، وكانت زوجته الأولى تعلم بالأمر ولكنها تظهر أنها تجهله تماماً وحينما قدمت المحامية إليه لتراه رحبت بها كثيراً وبدأت تحدثها عن طبائع الرجال وتهدد وتتوعد زوجها في حال تفكيره بأخرى بل وصرحت بأنها لن تترك أي امرأة تقترب من زوجها مهما حدث.
وشددت المرشدة الأسرية والتربوية، فاطمة المكي، على ضرورة احترام الزوج لشريكته تلك المرأة التي وثقت به، وظنت أنها ستكمل حياتها بجواره ورسمت آمال وأحلام لأسرتها وعانت وصمدت لتحقق حلمها معتبرة أن أبسط حقوقها ألا تتعرض للغدر بالترك أو الإهمال أو التقصير في حقها.