تعبر عن القضايا المجتمعية من خلال مشاريعها الفنية المختزلة
مشاريع فنية بطابع جديد وغير مألوف، من أجل إظهار الصورة الحقيقية والتأثيرات العاطفية في الأحداث اليومية.
نغم كراجة
غزة ـ الكثير من الأعمال الفنية التي تظهرها الفتيات بصورة غير تقليدية ومألوفة عبرت عن القضايا المجتمعية والمشاعر اليومية التي يعيشها أفراد المجتمع، وخاصةً المشكلات الذي تسبب بها الحصار المستمر منذ 15عاماً.
الشابة الفلسطينية حليمة الكحلوت (27) عاماً عبرت عن القضاء المجتمعي والمشكلات اليومية من خلال إنتاجها مشاريع فنية بطابع جديد وغير مألوف في قطاء غزة.
وقالت إن "هنالك طرق وأساليب أخرى غير تقليدية وجذابة للعقل قبل العين، يمكننا من خلالها تجسيد الواقع وإيصال الرسالة المطلوبة بعيداً عن الوسائل المستعملة منذ عقود طويلة، والتي لم تلق تفاعل وتأثير من قبل الأفراد، وليس من المهم أن يكون الأسلوب مكلف ومعقد، بل كلما زادت بساطته زاد عمق الشعور والتأثير للجمهور المستهدف".
وحول فكرة مشروعها قالت إن "الفكرة قائمة على البساطة والتسلسل لذلك اخترت مادة الكرتون المتوفرة لدى الجميع، ومن ثم أعيد تدويرها وطلائها لإظهار الفكرة المطلوبة حسب المخطط له، فلقد لمعت فكرة المشروع في ذهني عندما أمعنت النظر في المفرمة اليدوية داخل منزلنا، والتي باتت شيئاً قديماً في ظل التطورات التكنولوجية والعصرية في الوقت الحاضر، وبدأ عقلي يفكر من عدة جوانب كيف يمكن الاستفادة من الفكرة في التعبير عما يكمن في دواخلنا".
وأشارت إلى أن "الفن بأشكاله وأنواعه أصبح بإمكانه تجسيد الواقع المأساوي والقضايا المجتمعية في أي مكان في العالم، بأفكار غريبة ومميزة تعطي الرائي مساحات واسعة للتأمل والتعمق"، موضحةً أن "العمل الأول الذي قمت به هو صنع مفرمة كبيرة توازي حجم الإنسان تجاوز ارتفاعها 120سم وعرضها 160 سم بمدة زمنية تزيد عن شهر، والذي دل على القسوة والطحن الذي نعيشه بشكل يومي وبالتحديد أثناء الحروب والأزمات".
وأوضحت أن "الأدوات بالرغم من بساطة شكلها الخارجي، لكنها تحمل في مضمونها معان قاسية ومؤلمة مثل السكين الذي يؤدي إلى أذية الآخرين وإزهاق أرواحهم بسهولة، وأن الأشياء المختزلة قد تكون في الحقيقة مرعبة ومؤذية وتحمل في طياتها تأثيرات نفسية وسلبية".
وأثناء تقطيعها للكرتون وتجهيزها للتدوير قالت "من الغريب أن تكون خريجة بكالوريوس التربية الفنية، ومحترفة فن النحت والرسم الزيتي وسط مجموعة من الكرتون تقوم بتقطيعه وتركيبه، لكن البطالة المنتشرة وقلة فرص العمل جعلتني أفكر خارج الصندوق واستثمر وقت الفراغ واستفيد من تخصصي، لا أنكر أنني عملت مرتين بعقود مؤقتة، وفي المقابل الإنسان يحتاج أن يبرز مجهوده الشخصي ليكتفي ذاتياً ويعتمد على نفسه في شتى أمور حياته".
وأضافت "لم تكن فكرة المشروع عبثية بعض الشيء حيث أنني أخذت دورة فنية باستخدام تقنيات متعددة بواقع 75 ساعة أي ما يزيد عن أربعة أشهر، وكانت هذه الدورة بمثابة فرصة ذهبية لتطوير قدراتي وتنمية مهاراتي بأسلوب مختلف وجديد، والاطلاع على الزوايا الخيالية من الجانب النظري والعملي أيضاً".
وأشارت إلى أنه "تمكنت من التعبير عن الأوضاع السياسية والاجتماعية التي نعيشها في القطاع، وتسليط الضوء على أكثر الحقوق انتهاكاً، منها حق الحياة والعلاج، من خلال صناعة ثلاث مكانس يدوية منزلية قمت بطلائها بألوان تتلائم مع الظروف المتردية، وصنعت شعيراتها السفلى من اللفائف الورقية التي تحصلت عليها من الوصفات الطبية الخاصة بوالدتي، وأردت إيصال قضية هامة ألا وهي حرمان النساء والفتيات المريضات من العلاج والحياة"، وأضافت "عرضت هذا الإنجاز داخل معرض دولي، وأدهش الجميع نظراً لغرابة الفكرة وعمق الشكل النهائي".
وأوضحت حليمة الكحلوت أن الشخص الناجح لابد أن يواجه جملة من التحديات والصعوبات في بداية الطريق ومنتصفها حتى يصل لذروة أحلامه "باتت تشكل الأوضاع الاقتصادية المتردية معاناة مضاعفة حيث أن المواد الخام تحتاج إلى رأس مال مهما كان بسيطاً، بالإضافة إلى المعابر المغلقة التي تتحكم في شح المواد والمستلزمات وبالتالي ارتفاع أسعارها، ومن جانب آخر قلة الحاضنات التي تسمح لنا بإظهار الجانب الإبداعي والحرفي الذي يعزز دورنا وأهمية وجودنا في الهيكل المجتمعي".
وبينت أن "فئة الفتيات خاصةً تحتاج الاهتمام والرعاية كونهن أكثر الفئات تهميشاً خاصة في سوق العمل المنتظم أو الحر، ولاسيما أنها الفئة الأكثر إبداعاً وتألقاً، وتسعى دوماً بالبحث عن حياة كريمة ومستقرة من خلال أفكار ومشاريع صغيرة بهدف تحسين مستوى دخلهن والاعتماد على أنفسهن"، مشيرةً إلى أن نصف الأسر الفلسطينية تعيلها النساء والفتيات.
وفي نهاية حديثها قالت حليمة الكحلوت "أطمح مستقبلاً أن تصل أفكاري إلى دول العالم من خلال مشاركتي في المسابقات والمعارض في الخارج، وأسعى الآن إلى تنفيذ مشروعي وهو تطبيق آلة حادة بحجم يوازي الإنسان الطبيعي ومن المحتمل أن يستغرق وقت إعدادها للشكل النهائي شهر ونصف".