طالبات إقليم الحوز... الزلزال يبعدهن عن عوائلهن ويحرم بعضهن من الدراسة
تعاني العديد من الطالبات اللواتي تم إلحاقهن بمؤسسات تعليمية بمراكش، بعد أن دمر الزلزال معظم المدارس بإقليم الحوز، من صعوبات التأقلم مع الوضع الجديد.
رجاء خيرات
مراكش ـ تعيش فتيات منطقة ويركان بدائرة أسني بإقليم الحوز ظروفاً صعبة واستثنائية، بعد أن حرمت أغلبهن من التعليم بسبب تدمير الزلزال للمؤسسات التعليمية بالمنطقة، في حين أن من تم إلحاقهن بمؤسسات تعليمية بمراكش تعانين من صعوبة التأقلم مع العالم الجديد، خاصة وأنهن بعيدات عن عوائلهن الذين تركوهم هناك في الخيام بأعالي جبال الأطلس الكبير.
أكدت العديد من الفتيات بمنطقة ويركان بدائرة أسني أنهن تعانين من صعوبات في العيش بعيداً عن عوائلهن، بعد أن تم استقدامهن إلى أقسام داخلية بمؤسسات تعليمية بمراكش كحل مؤقت في انتظار إعادة ترميم المنشآت التعليمية التي تضررت جراء الزلزال الذي ضرب المنطقة في الثامن من أيلول/سبتمبر الماضي.
وأوضحت الطالبة هاجر أبو العصافير التي تتابع دراستها في المرحلة الإعدادية "كنا مجتمعات بالقرب من الخيام حيث نقيم بعد أن دمر الزلزال بيوتنا، ثم جاء مدير المؤسسة التي كنا ندرس بها هنا بقرية ماريغا وأخبرنا أنه سيتم ترحيلنا إلى مراكش لمتابعة الدراسة هناك. أغلب الفتيات رفضن هذا الحل في البداية، لكنهن كن مضطرات رفقة أهاليهن لقبول الأمر الواقع، بالنسبة لي لم تكن لدي أي مشكلة لأن العديد من أفراد عائلتي يدرسون هناك في مراكش".
وأضافت "في البداية عندما ألتحقنا بمؤسسة "المختار السوسي" تعرضنا لشتى أنواع التنمر، من قبل بعض التلاميذ وبعض المدرسين، وهو ما دفعنا للاحتجاج بقوة قبل أن يتم ترحيلنا إلى مؤسسة أخرى".
وبدورها أشارت الطالبة مروة أيت الشيخ إلى أنها عانت كثيراً إثر الظروف الصعبة التي يعيشها الأهالي في الخيام.
وأوضحت أنها عانت رفقة زميلاتها كثيراً في المؤسسة الجديدة بمراكش، بسبب الابتعاد عن العائلة، رغم كونهن تأتين زيارات كل عطلة نهاية الأسبوع، إلا أنهن تعشن قلقاً دائماً، كلما سُجِلت هزات ارتدادية جديدة خوفاً على أسرهن التي تركناها هناك.
أما الطالبة سليمة أيت الطالب التي تتابع دراستها في الصف الثاني الإعدادي، فتؤكد على أنها سعدت رفقة زميلاتها بظروف الاستقبال الذي خصص لهن في المؤسسة الجديدة (إعدادية محمد الخامس) التي التحقن بها في البداية بمراكش، حيث تم توفير كل الظروف الملائمة لإقامة مريحة وجيدة، لكن بعد أن تم ترحيلهن من جديد لمؤسسة أخرى، تعرضن هناك للتنمر من قبل الطلبة وبعض المدرسين الذين لم يتقبلوا التحاقهن بالمؤسسة.
وأوضحت أنها لا تسطيع أن تعيش بعيداً عن أسرتها، خاصة وأنها تركتهم في ظروف صعبة، وكلما سمعت عن وقوع هزات ارتدادية جديدة انتابها الخوف من وقوع كارثة من جديد.
الشيء نفسه أكدته الطالبة وفاء إد علي التي تتابع دراستها في الصف الأول إعدادي، لافتة إلى أن شقيقتيها اللتين تتابعان دراستهما في البكالوريا لا زالتا لم تلتحقا بأية مؤسسة إلى غاية اليوم، مما يهدد بسنة بيضاء.
وقالت ابتسام أكراي وهي أم لطفلتين واحدة في الصف الأول الإعدادي والثانية في الصف الخامس الابتدائي "لسنا مرتاحين للابتعاد عن بناتنا، فقرار ترحيلهن إلى مراكش جاء مفاجئاً ولم نكن نتوقعه، ولسنا مستعدين له، خاصة في هذه الظروف الصعبة التي نمر بها، كما أن الفتيات لا زلن صغيرات وغير قادرات على الاعتماد على أنفسهن هناك في مراكش".
وأضافت "رغم أن ظروف الإقامة جيدة، إلا أن هناك مشكلة أساسية وهو عدم توفر النقل المدرسي، حيث مكان الإقامة بعيد جداً عن مكان الدراسة وهو ما يتطلب وقتاً للوصول صباحاً إلى المؤسسة التعليمية".
وقالت "نفسيتنا متأزمة جراء ما وقع، ولسنا قادرين على أن نتحمل عبء ابتعادنا عن بناتنا. إنه أمر صعب للغاية لكن لا نجد حياله شيئاً نفعله إلا الرضوخ للأمر الواقع. أما بالنسبة للأطفال الذين يتابعون دراستهم بالمستوى الابتدائي، فالأمر كذلك في غاية الصعوبة. أبناؤنا يدرسون ساعتين فقط في اليوم وفي ظروف غير مناسبة داخل خيام تم تخصيصها للدراسة، خاصة مع تهاطل الأمطار، الوضع هنا صعب جداً، وهناك عدداً من الآباء الذين قرروا توقيف أبنائهم عن الدراسة في انتظار حلول بديلة ومقبولة".
وطلبت من الجهات المسؤولة التدخل الفوري والعاجل لإيجاد حل لأبناء المنطقة خاصة من يتابعون دراستهم في المرحلة الثانوية والذين لازالوا إلى غاية اليوم محرومين من الدراسة.
من جهتها أكدت الناشطة الحقوقية سناء بوفوس من منطقة ويركان أن بنات وأبناء المنطقة لازالوا يعانون من عدة مشاكل، بالنسبة لمن يتابعون دراستهم بالمستوى الابتدائي فهم يدرسون في ظروف غير ملائمة داخل خيام غير صالحة للتعلم، أما الثانوي فلازال مصيرهم مجهولاً إلى غاية اليوم.
ولفتت إلى أن المدرسين الذين يعلمون الأطفال داخل الخيام يجدون صعوبة في الاستقرار بالمنطقة، حيث يضطرون كل يوم للقدوم من مناطق بعيدة من أجل تأدية وظيفتهم وهو ما يشكل صعوبة ومشقة في القيام بمهامهم.
وحول اقتراح حل لمتابعة الفتيات لدراستهن في خيام مخصصة لذلك، أوضحت أن الآباء في القرى المجاورة يرفضون بتاتاً أن تقيم بناتهم داخل خيام بعيداً عن أعينهم وتتبعهم، وهو ما يجعل هذا الحل شبه مستحيل.
وناشدت المسؤولين لإيجاد حلول ناجعة وفعالة لكي يتمكن هؤلاء الأطفال من متابعة دراستهم في أفضل الظروف.
وأشارت رئيسة جمعية "أفولكي للنساء" زهراء إد علي التي تنشط بإقليم الحوز إلى أن الفتيات اللواتي تم ترحيلهن إلى مراكش تعانين من بعض المشاكل، من أهمها عدم توفر النقل المدرسي، حيث مكان الإيواء (محمد الخامس بأزلي) يوجد بعيد جداً عن مكان متابعة الدراسة (محمد السادس باب أغمات).
واقترحت بهذا الصدد، بعد لقاءات مكثفة مع الأهالي، أن يتم استعمال الحافلات التي كانت مخصصة للنقل المدرسي بالمنطقة والمتوقفة اليوم، واستعمالها لتوفير النقل لهؤلاء الفتيات حتى لا تفوتن الحصص الصباحية.
وشددت على ضرورة المواكبة النفسية للفتيات اللواتي تم ابعادهن عن عوائلهن في ظل ظروف استثنائية لازالت الفتيات تعانين من تبعاتها، خاصة بالنسبة للواتي فقدن أفراداً من أسرهن جراء الزلزال.
ولفتت الانتباه إلى مشكلة طلاب المرحلة الثانوية الذين لازال مصيرهم مجهولاً ولم يلتحقوا بفصول الدراسة إلى غاية اليوم، مؤكدة على ضرورة توفير حصص مكثفة لتدارك ما فتاهم بعد انقضاء شهرين على بداية الموسم الدراسي.