سودانيات تقاومن الحرب والنزوح بالعمل
دخل النزاع المسلح في السودان شهره السادس، فالقتال الذي اندلع في العاصمة الخرطوم ومدن أخرى أجبر السكان على النزوح ومغادرة منازلهم نحو مستقبل مجهول.
ميساء القاضي
السودان ـ قبل النزاع لم يكن أكثر الناس تشاؤماً يتوقع أن يدور قتال في العاصمة وأن يحدث كل هذا، توقفت رواتب الموظفين وأغلقت الجامعات والمدارس أبوابها، كما أن المدارس في المناطق الآمنة أصبحت مراكز إيواء للنازحين والفارين من جحيم الحرب.
هناك من فقد كل ما يملك وهناك من لم يفقد المال فقط بل فقد أرواحاً من أفراد أسرته وتزداد الأحوال سوءاً يوماً بعد يوم على الناجين من الحرب والفارين نحو المجهول بسبب طول أمدها والأوضاع الاقتصادية المنهارة في البلاد ككل.
لكن هناك من لم يستسلم للألم والحزن وجعل من هذه الظروف فرصة لبداية جديدة وفتح نافذة من الأمل على مستقبل لا يعلم ملامحه حتى الآن لكن بإمكانه أن يرسمها بعزيمته وصبره وسعيه.
زينب عز الدين طالبة في السنة الأخيرة بكلية الطب، كانت تقيم في العاصمة الخرطوم ونزحت بفعل الحرب إلى الولاية الشمالية وهي المنطقة التي تنحدر منها أسرتها وتعود إليها جذورها.
في جبل البركل وهي منطقة أثرية وسياحية مشهورة في الولاية الشمالية تبيع زينب عز الدين مخلل المانجو في عبوات صغيرة جاذبة، إذ استفادت من براعتها في صنع المخللات وحبها لها في تأسيس مشروع صغير، حيث أصبحت تقوم بصنع المخللات وبيعها، لأن الموسم حالياً هو موسم المانجو في الولاية الشمالية وهي فاكهة محببة للجميع، حيث لاقت صناعتها إعجاباً وقبولاً من الناس.
تقول زينب عز الدين أن هذا المشروع ملأ الفراغ لديها الذي كان يدفعها للتفكير فيما يحدث والمستقبل المجهول "في البداية كنت أعمل في المنزل وأقوم بتوصيل الطلبات لكن واجهتني مشكلة الوقود وتوفره ففكرت في تحديد نقاط بيع حيث أقوم بالتوزيع في السوبرماركت الذي يضع على السعر الذي أحدده ربحاً بسيطاً، أقوم بتوزيع المنتج على السوبرماركت ثم آتي وأحاسبهم على الكميات التي تم بيعها".
اتجهت زينب عز الدين إلى جبل البركل كونها منطقة سياحية يقصدها الكثيرون بصورة يومية، وفيها كذلك رواد أعمال آخرين وشباب أصحاب مشاريع ناشئة "تعتبر تجربتي فريدة من نوعها في ظل الظروف التي تمر بها المنطقة".
وتتمنى زينب عز الدين أن تعود إلى مدينتها وتقوم بتعميرها مرة أخرى "نتمنى إننا نعود، ونعمر البلد وننسى ما فات، ونبني السودان، ونفرح مرة أخرى فمنذ سنوات لم نذق طعم الفرحة".
عزيزة بابكر عوض نزحت بعد بدء النزاع في الخرطوم إلى الولاية الشمالية وكانت تعمل في إحدى الشركات في الخرطوم، لم تستسلم للواقع الصعب والظروف فقد بدأت عملها مرة أخرى عبر شراء عطور سودانية من ماركة سودانية، وشاركت في البازارات المختلفة للإعلان عن نشاطها التجاري واكتساب زبائن جدد، وحول ذلك قالت "كنا في صدمة حينما حلت بنا هذه الكارثة وبعد مرور شهر كان لا بد من التعامل مع الموضوع كأمر واقع، وعلينا التأقلم معه لأننا لا نعلم مصير الحرب إذ كانت ستتوقف أم لا ليس".