صرخة من "برج مشتهى"... امرأة تروي لحظات النجاة من الموت
في خضم الحرب المستمرة على قطاع غزة منذ أكثر من عامين، تروي إحدى النازحات في برج "مشتهى" اللحظات العصيبة التي عاشوها بعد أن وجهت القوات الإسرائيلية إنذاراً بإخلاء البرج لقصفه.

رفيف إسليم
غزة ـ في إطار العملية البرية الكبرى لاجتياح مدينة غزة، تقوم القوات الإسرائيلية في الوقت الحالي بقصف الأبراج السكنية في المدينة والتي تضم كثافة سكانية عالية، عدا عن تواجد المخيمات بالتالي يسهل تفريغ سكان المدينة وانتقالهم قسراً جنوباً، ليصبح قصف تلك الأبراج هاجس جديد يؤرق النساء.
مهيرة الزناتي إحدى النازحات ببرج "مشتهى" في قطاع غزة، تقول إنه كان يوم عادي تحضر لإعداد وجبة الغذاء لأطفالها خاصة، فقطع زوجها تلك اللحظة صارخاً "بسرعة سنترك البرج القوات الإسرائيلية أعطت إنذاراً لإخلاء السكان المنطقة تمهيداً لقصفها".
وتتساءل "ما الذي تستطيع المرأة جمعه في عشر دقائق فقط، فيكفي التدافع الذي حدث بين عشرات العائلات التي تسكن البرج وهم يهبطون الدرج"، لافتةً إلى أنها نسيت بعض حقائب الطوارئ التي أعدت مسبقاً لتلك اللحظات، حتى أنها نسيت ابنتها الصغرى وعادت مرة أخرى مع التدافع الشديد لتجدها تجلس باكية في أحد زوايا المنزل الذي أخلوه للتو.
وبينت أن 70 عائلة كان عليها أن تهبط 18 طابق لتتحول ساعات الظهيرة من أمان واستقرار إلى صراخ والهروب بسرعة من أجل النجاة بأرواحهم، مشيرة إلى أن العديد من العائلات لتجنب الزحام على الدرج قامت برمي الفراش والملابس من شرفات الطوابق العلوية للأرض.
شعرت بإنجاز كونها استطاعت إنقاذ أطفالها
"النازحين لجئوا لبرج مشتهى بحثاً عن الأمان، لكن لا مكان أمن في قطاع غزة من شماله وحتى أقصى جنوبه"، بهذه الكلمات تعبر مهيرة الزناتي عن واقع صعب حاولت وصفه بتلك الجملة وحلم كل عائلة فلسطينية بالاستقرار والسكن بمكان ما دون الإجبار على الخروج منه بعد أشهر قليلة معدودة، لافتةً إلى أنها شعرت بإنجاز كبير كونها استطاعت النزول بأطفالها والابتعاد عنه لأمتار عدة قبل أن يستهدف بعدة صواريخ ويساوى بالأرض.
ليس السكان فقط من أخلو البرج فكونه يقع بالغرب آخر النقاط التي لا تشتد بها الغارات الإسرائيلية فقد لجأ الكثير من النازحين لنصب خيامهم في محيطه، عدا عن أن هناك مخيم "الكتيبة" الملاصق له والذي يجمع آلاف الخيام، إضافة لثلاث مخيمات أخرى كل مخيم يحوي 200 عائلة جميعهم تركوا المكان وذهبوا ليحتموا بعيداً، وتساءلت "ماذا ستفعل لهم قطعة قماش في مواجهة الشظايا التي تناثرت بالفعل لعدة أمتار مغطية المكان".
الشقة الواحدة في البرج تحوي أكثر من عائلة
اليوم تعيش عشرات النساء الفلسطينيات في هلع شديد، فكل واحدة منهن تسكن برج سكني تحاول تخيل مشهد نزوحها منه أو موتها داخله خشية أن يتم استهدافه دون تحذير، مشيرة إلى أنها تنزح الآن في مخيم "الكتيبة" وتخبرها النساء جاراتها عن تدمير غالبية الخيام وتمزقها، خاصة أنهم على أبواب فصل الشتاء، بالتالي لن تصمد في وجه الرياح والمطر وستغرق العائلات.
وأوضحت أن الأبراج السكنية في الماضي كانت تحوي عدة شقق في الطابق الواحد والشقة بها عائلة، بينما اليوم مع ظروف النزوح أصبحت الشقة الواحدة تحوي عائلتان أو أكثر بالتالي استمرار استهداف الأبراج، يقضي على آخر أمل للفلسطينيين في المسكن.
وقد قصفت القوات الإسرائيلية في اليومين الماضين كل من برج مشتهى، والسوسي، والرؤية جميعهم في غرب مدينة غزة ما بين حيي تل الهوى والصناعة، ويهدد عدة أبراج في حي الصحابة منها برج القدس، في الوقت الذي تجري به مفاوضات برعاية أمريكية ما بين القوات الإسرائيلية وحركة حماس، وسط حالة من الترقب فهل سيتم دخول المدينة برياً أم ستنتهي الحرب على غزة؟