صرخات مكتومة... النساء والأطفال ضحايا العنف في بيوت المدمنين
تترك المخدرات نتائج سلبية على المجتمع كتدهور العلاقات الأسرية، والتدهور الاقتصادي للأسرة بسبب إنفاق المال على المخدرات.
لينا الخطيب
إدلب ـ تقع الكثير من النساء ضحايا العنف الأسري من قبل أزواجهم المدمنين على المواد المخدرة، حيث يسقط العديد من سكان إدلب في بئر الإدمان، وتعاطي سُم قاتل دون وعيٍ ولا إدراك، بهدف الهروب من الفقر والنزوح وقسوة الواقع، فضلاً عن سهولة الحصول على المواد المخدرة وغياب الرقابة، مما يجعل أفراد أسرهم عرضة للعنف وجميع أنواع المخاطر.
الإدمان على المخدرات، من مسببات العنف الأسري، فمشكلة المخدرات لا تؤثر على المدمن فقط، بل يمتد تأثيرها لتشمل العديد من الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والصحية، كما تعد المشاكل العائلية من أبرز النتائج السلبية التي تنتج عن انتشار الإدمان على المخدرات، وذلك من خلال تدهور العلاقات الأسرية، وحدوث الاضطرابات النفسية والسلوكية التي تنشأ جراء التعاطي، إلى جانب التدهور الاقتصادي للأسرة بسبب إنفاق المال على المخدرات، فضلاً عن تأثير المخدرات على العمل والاستقرار المهني.
"كان زوجي ملتزم بعمله، يسعى لتوفير جميع احتياجاتي مع أولادنا الثلاثة، لكنه فجأة تحول إلى إنسان آخر مختلف كلياً" بهذه الكلمات بدأت زهراء العلوش، النازحة من مدينة سراقب بريف إدلب الجنوبي إلى مدينة معرة مصرين شمالي مدينة إدلب حديثها عن زوجها ومعاناتها من الإدمان وتعنيفه لها بشكل مستمر قائلةً "كان زوجي يعمل في مقلع للحجارة، إلا أنه تعرض لحادث أصابه بكسور في قدميه".
وتبين أن زوجها بقي في طور العلاج لمدة ثلاثة أشهر، أدمن خلالها على الأدوية المخدرة، ومنذ تلك الفترة بدأت الأسرة تعيش الفقر وضيق العيش، كما تغيرت طباع زوجها بشكل كامل، حيث أصبح عصبي المزاج، يعنفها باستمرار مع الأولاد دون رحمة.
وأشارت إلى أن أحواله النفسية ساءت بشكل كبير، حتى أصبحت عاجزة عن التفاهم معه، لذا طلبت منه مراجعة طبيب للتخلص من الإدمان، وحين رفض ذلك، تركت المنزل برفقة أطفالها وتوجهت إلى منزل أهلها، وبدأت العمل في الزراعة، بهدف الاعتماد على نفسها في تأمين مصاريف أسرتها".
أما الشابة سلام المناع من مدينة معرة النعمان، فقد قتلت على يد زوجها المدمن على المواد المخدرة، وعن ذلك تتحدث والدتها علا الكرامي "في أحد الأيام طلب زوجها منها مصاغها الذهبي لبيعه وشراء الحبوب المخدرة، وحين رفضت إعطاؤه قام بضربها وخنقها حتى فارقت الحياة".
وقالت "تزوجت ابنتي بسن الثامنة عشرة، وعانت العنف واعتادت أن تتحمل ظلم زوجها، دون أن تفصح عن أشكال العنف النفسي أو اللفظي الذي يمارس عليها، وصبرت على الضرب والإهانة، وهو ما شجعه في النهاية على قتلها بدم بارد".
كذلك الطفلة تسنيم العمر البالغة من العمر 7سنوات من بلدة كفرلوسين شمالي إدلب، هربت من عنف والدها الذي يتعاطى المخدرات بعد أن ضربها وتسبب بكسر في يدها، وعن ذلك تتحدث والدتها فاطمة البلان قائلة "لم أتمكن من الاستمرار في حياتي الزوجية بسبب إدمان زوجي على المواد المخدرة، ولكنه بعد انفصالنا وزواجه من امرأة أخرى، بدأ ينتقم مني من خلال تعنيف ابنتنا الوحيدة، وقد اكتشفت ذلك حين جاءت لزيارتي، ولاحظت آثار ضرب على جسدها، وحين سألتها عن السبب بدأت بالبكاء وأخبرتني أن والدها يضربها باستمرار، ويحرمها من تناول الطعام لأيام".
وأوضحت أنها تقدمت بشكوى قضائية ضد زوجها، لكنها لم تستفد أي شيء لكونه عنصر في أحد الفصائل، وبعد عدة أشهر علمت أن ابنتها تعرضت لكسر في يدها، فتقدمت بطلب لحضانة ابنتها وربحت القضية "قررت أن أسخر ما بقي من حياتي لابنتي لأنقذها من العنف، التي عاشتها مع والدها خلال الفترة السابقة".