سنوات المآسي والظلم والقتل في ظل سيطرة داعش جروح لا تلتئم
قالت فاطمة عثمان التي شهدت الممارسات اللاإنسانية التي ارتكبها مرتزقة داعش بحق أهالي مدينة منبج أن الأهالي متخوفون من الاحتلال التركي معتبرين أنه الوجه الآخر لداعش.
سيبيلييا الإبراهيم
منبج ـ تشتد حدة التهديدات التركية لاجتياح جديد لمناطق شمال وشرق سوريا يستهدف مدينتي منبج وتل رفعت، مما يدفع الأهالي لاسترجاع ذكرياتهم المؤلمة مع داعش، فتؤكد فاطمة عثمان التي عايشت هذه المعاناة أن الاحتلال التركي وداعش وجهان لعملة واحدة.
وهي تسير بشوارع منبج تتذكر ما حدث لعائلتها قبل سبعة أعوام من تحرير المدينة، وتسترجع المعاناة التي عاشها الأهالي والخوف والرعب الذي استقر في نفوسهم إبان سيطرة داعش، وتقول فاطمة عثمان (60) عاماً، "لا نريد عودة مرتزقة داعش مرة أخرى إلى مناطقنا وسنحارب بكل ما لدينا من قوة كل من يريد النيل من الأمن والأمان الذي نعيشه منذ تحرير منبج".
"خدعوا الجميع في البداية"
تقول فاطمة عثمان "بداية سيطرة مرتزقة داعش لم يرتكب أي نوع من الجرائم لكسب محبة الجميع، لكن بعد فترة قصيرة خلعوا اقنعتهم ومارسوا أبشع الجرائم بحق المدنيين لقد شاهدت كيف رجموا النساء وجلدو الرجال وأيضاً قطعوا الأيدي والرؤوس وقاموا بتعليقها في الأماكن العامة، هذه الجرائم باتت حدث يتكرر بشكل يومي".
وأضافت "شاهدت أفظع الجرائم بأم عيني لم أستطع أن أنقذ ثلاثة أشخاص من عائلتي، فقدت زوجي وشقيقي وابن شقيقتي".
اعتقلوا زوجها وقتلوه
وعن حادثة اعتقال زوجها قالت "جلبت أوراق مما يسمى الحسبة تسمح لنا بالسفر لعلاج زوجي الذي يعاني من انسداد في أحد شرايين القلب وهو بحاجة لإجراء عملية قثطرة في دمشق، وفي اليوم الثاني كنت خارج المنزل وعند عودتي كان مرتزقة داعش قد اعتقلوا زوجي، بتهمة تواصله مع ابننا الذي يعمل في دمشق كما اتهموه أيضاً بأنه يتواصل مع قوات سوريا الديمقراطية".
واجهت الكثير من الصعوبات وهي تبحث عنه "قالوا إنهم سوف يذبحونه ويعلقونه فكنت أقصد الدوارات كلما أعلنت عما يسمى القصاص، على أمل أن أراه وأستطيع تخليصه من أيديهم، كنت أحبس أنفاسي في كل مرة عندما لا أجده من بين الضحايا أطمئن لكن من تم ذبحهم هم أيضاً أبرياء وكنا نبكي عليهم".
وفي نهاية المطاف بعد خمس أشهر من السجن قاموا بقتله وتعليقه على دوار الجزيرة بمنبج، تقول فاطمة عثمان "لقد رأيت زوجي وهو معلقاً على دوار الجزيرة معصوب العينين وقد اخترقت رصاصتين رأسه والناس مجتمعة حوله وكانوا يتجولون ويجبرون الناس على مشاهدة جرائمهم".
وأضافت "عندما شاهدته ركضت نحوه لكنهم لم يسمحوا لي أن اودعه للمرة الأخيرة، أخذني أشقائي إلى المنزل كنت أراقب زوجي وهو معلق لأيام والناس حوله كان مشهد فظيع للغاية، بعدها قاموا برميه هو وعدد كبير من الضحايا بمقبرة جماعية في مكان مخصص للصرف الصحي في قرية العزر".
وبينت أنه "حتى بعد قتلة لم يسمحوا لنا ببناء خيمة عزاء ومنعوا الأقرباء والجيران من أن يقدموا لنا واجب العزاء، ولم أكن أستطيع أن آخذ جثته لأدفنها ولكن بعد تحرير منبج ذهبت للمقبرة الجماعية بعد مضي ثمانية أشهر تعرفت على جثته من قميصه، أخرجنا جثته وقمنا بدفنه بالمقبرة في منبج".
اعتقال شقيقها وابن شقيقتها
تقول أيضاً أن داعش اعتقل ابن شقيقتها في قرية الحيمر البوبنا جنوب شرقي منبج واسمه تركي الخلف ويبلغ من العمر 18 عاماً "كان يعمل في فرن خاص بالمعجنات، اعتقلوه مع عدد من العاملين معه بدون سبب، وبعد نحو أربعة أشهر قتلوه على يد طفل من داعش يبلغ من العمر 11عاماً، ومن ثم أعطيت الجثة لأهله وقالوا لهم أنهم قتلوه بالخطأ".
أما عن شقيقها خالد عثمان الذي يبلغ من العمر 35 عاماً، تقول "بعد أن علموا أنه كان مع الشهيد فيصل أبو ليلى اعتقلوه، ومنذ ذلك الوقت لم نعرف أي شيء عنه، وفي كل مرة نسأل عنه كانوا يقولون شيئاً مختلفاً، مر ما يقارب الـ 9 سنوات وإلى الأن لا نعلم ماذا فعلوا به لم نراه مقتولاً ولكنهم أخبرونا أنهم قتلوه".
رفض الاحتلال التركي
تحررت مدينة منبج على يد قوات مجلس منبج العسكري في 15 آب/أغسطس عام 2016 وانتهى ظلم داعش، عن تلك اللحظات قالت "أجبرونا على ارتداء النقاب، لكننا سارعنا لخلعه عندما بدأت عمليات التحرير".
وأما عن التهديدات التركية على مدينة منبج بينت أنه "لا يمكننا القبول بعودة الانتهاكات من خلال البوابة التركية، فالاحتلال التركي يسعى للسيطرة على مدينتا فهؤلاء المرتزقة المدعومين من قبله تحت مسمى الجيش الوطني لا يختلفون عن داعش، ولذلك سنحاربها في حال حدوث أي هجوم".
وتؤكد "شاهدت الكثير من الجرائم وعانيت الكثير فإذا تطلب مني أن أحمل السلاح بهذا العمر لن أتوانى عن ذلك. لا نريد إعادة داعش مرة أخرى إلى مناطقنا وسنحارب كل من يود النيل من أمننا".