سجينة في سجون الاحتلال تروي قصتها
يقبع مئات المعتقلين/ات في سجون الاحتلال التركي ومرتزقنه بمدينة رأس العين/سري كانيه المحتلة، على خلفية اتهامات وحجج واهية، وينتظر هؤلاء المعتقلين/ات أن تستطع عليهم شمس الحرية يوماً ما.
سوركل شيخو
الحسكة ـ "وضعوني في الحبس الانفرادي حيث لا ماء ولا طعام ولا ضوء، كما قاموا بتعذيبي بشتى أشكال التعذيب حتى الصعق بالكهرباء، لدرجة أنني أصبحت أرى أن الحرية باتت حلماً ومن الصعب أن يتحقق"، بهذه الكلمات عبرت إحدى المعتقلات التي أفرج عنها بعد عام و6 أشهر و18 يوماً، عن المعاناة والانتهاكات التي تعرضت لها في سجن الشرطة العسكرية في رأس العين/سري كانيه بشمال وشرق سوريا على يد المخابرات التركية ومرتزقتها.
بعد احتلال مدينة رأس العين/سري كانيه بشمال وشرق سوريا تصاعدت وتيرة الانتهاكات بحق سكان هذه المدينة بشكل كبير على يد الاحتلال التركي ومرتزقته الذين نهبوا المنازل وهجروا الأهالي واعتقلوا عدد كبير من الناس الذين صمدوا هناك وملأوا بهم السجون حتى النساء لم تسلمن من هذه الاعتقالات، ففي حديث وكالتنا مع (ر. ك) وهي إحدى النساء اللواتي قبعن في سجن الشرطة العسكرية في حي حوران، أكدت أن ما يحدث في سجون سري كانيه هو انتهاك صارخ لحقوق الإنسان عموماً وحقوق المرأة خصوصاً وللقوانين والمواثيق الدولية الهادفة لحماية واحترام الإنسان وحقوقه.
اعتقلت (ر. ك) في 6 شباط/فبراير عام 2020، وبعد عام و6 أشهر و18 يوماً تم الإفراج عنها لتكون أول امرأة يتم الإفراج عنها بعد كانت أول امرأة يتم اعتقالها والزج بها في سجن الشرطة العسكرية والمعروف أيضاً بسجن الإرهاب في حي حوران التابع للمدينة.
حجج واهية واتهامات مفبركة
بدأت (ر. ك) الحديث بقولها "عندما هاجم الاحتلال التركي مدنية سري كانيه اضطررنا إلى مغادرة المدينة، لكن بعد أن هدأ الوضع قليلاً قررت العودة إليها على أمل أن أخرج بعض الأشياء التي تحتاجها عائلتي ثم العودة من حيث أتيت، وفي ذلك الوقت وحين تواجدي في المنزل داهمت المخابرات التركية ومجموعة من المرتزقة التابعة لها المنزل بحجة أني أنتمي لمخابرات وحدات حماية الشعب وأن عودتي إلى المنزل كان بداعي الحصول لها على معلومات، لم يسمحوا لي بالتفوه ولو بكلمة واحدة أو حتى الدفاع عن النفسي وقاموا باعتقالي وأخذي إلى سجن الشرطة العسكرية حيث طرحوا عليّ هناك العديد من الأسئلة التي تتعلق بمخابرات وحدات حماية الشعب ومدى علاقتي بها، كان من بين الأشخاص الذي قاموا بسؤالي عناصر من المخابرات التركية وعدد من مرتزقتها الذي دخلوا معهم إلى المدينة عند احتلالها".
حبس انفرادي لمدة شهرين وصعق بالكهرباء
وأوضحت أنه "تم استجوابي لمدة 13 ساعة وكانت المخابرات التركية تستجوبني من الساعة التاسعة صباحاً وحتى السادسة مساءاً ثم يؤتي دور مرتزقتها ليقوموا باستجوابي أيضاً فهم يعتقدون أن الضغط قد يجبرني على الاعتراف بأشياء حتى وأن لم أفعلها، كان من المهم لديهم أن الشخص المعتقل يؤيد أي تهم ينسبوها إليه وخاصة فيما يتعلق بالإدارة الذاتية"، وأضافت "في اليوم الأول من التحقيق، قام عناصر المخابرات بصعقي بالكهرباء ولأنني لم أؤيد اتهاماتهم وضعوا رأسي في الماء لفترات طويلة لدرجة أنني لم أعد استطيع التنفس اعتقدت أنها اللحظات الأخيرة لي في هذه الحياة، لكن غايتهم ليس موتي فقط لذلك قام المرتزقة بتكبيل يدي وقدمي ووضعوني في دولاب، بقيت اتعرض لهذه الأشكال من التعذيب لمدة 20 يوماً، لكنهم لم يحصلوا مني على أي اعتراف كانوا يتوقعونه أو يرجونه، لأنهم أرادوا اتهامي بشيء لم أفعله لكنني أصررت وأنكرت اتهاماتهم جميعها".
وأشارت إلى إنه عندما لم تعترف بما اتهمت به من قبل المخابرات والمرتزقة، قاموا بوضعها في الحبس الانفرادي لمدة تزيد عن شهرين، ففي الفترة الأولى حرمت من الماء والطعام والضوء كما أن هذا الحبس لم يكن مهوى بشكل جيد لدرجة أنها لم تستطع التنفس بسهولة هناك، وأضافت "كانوا في كل مرة يضغطون عليّ ويأملون أن أعترف بأكاذيبهم واتهاماتهم، حيث كنت مراقبة بشكل لا يصدق من قبل مرتزقة الاحتلال التركي في السجن، وبقيت على هذا الحال لمدة 9 أشهر وفي كل يوم يعدونني أنهم سوف يطلقون سراحي لكن بشرط أن أعترف بانتمائي لمخابرات وحدات حماية الشعب أو أن اعطيهم أسماء بعض أعضاء هذه المؤسسة".
"لقد طبقوا كل أساليبهم لكنهم لم ينجحوا"
عن الأساليب الملتوية التي تنتهجها تركيا ومرتزقتها بحق المعتقلين قالت (ر. ك) "في بعض الأحيان يقولون إنهم رأوا أنفاقاً تحت منزلي قامت الإدارة الذاتية بحفرها في وقتاً سابق، وأحياناً أخرى يقولون إنهم وجدوا أسلحة ومعدات في المنزل وأنني كنت استخدمها في القتال ضدهم، وفي كل مرة أرفض اتهاماتهم وكنت دائماً أطلب منهم أن يحضروا دليلاً واضحاً وملموساً لكل هذه الادعاءات وفي حال ثبت أياً منها كنت أؤكد لهم أنني مستعدة لأي عقاب يتخذونه بحقي، لقد جربوا كل أساليبهم لكنها لم تنجح معي في النهاية قالوا لي ستبقين هكذا ولن ندعك تتذوقي طعم الراحة، لكن فجأة توقف التحقيق لمدة 15 أو 20 يوماً لم أعد أذكر، لكنهم عندما عادوا مرة أخرى قالوا إننا جمعنا وثائق عنك تثبت إدانتك بالتهم الموجهة ضدك حيث قاموا بعرض صورة شخصية لامرأة لا أعرفها على أنها ليّ، لكنني أنكرت مجدداً وأكدت لهم أن هذه الصورة لا يمكن أن اعتبرها دليل ضدي".
"يقومون بتصوير فيديوهات تحت التهديد بالقتل"
كما ذكرت نقطة مهمة يجب على العالم أن يعرفها حول الأكاذيب المفبركة التي يقوم بها الاحتلال التركي "في إحدى المرات سمعت وبوضوح صوت رجل كان يتعرض للتعذيب في ذلك السجن لإجباره على تصوير مقطع فيديو يعترف فيه أن وحدات حماية الشعب أرسلته إلى سري كانيه حتى يقوم بعملية تفجير تستهدف المدنيين الأبرياء، وهذا الرجل في كل مرة يكرر لهم أنه بالصدفة كان هناك عندما وقع التفجير حاله حال أي شخص تواجد في ذلك المكان، في النهاية وتحت التعذيب الشديد استطاعوا إجباره على قول ما يريدون وأن وحدات حماية الشعب هم من أرسلوه إلى سري كانيه للقيام بالتفجير الذي نفى ضلوعه فيه بأي شكل من الأشكال، وبعد أن حصلوا على الفيديو الذي يريدونه قاموا بقتل ذلك الرجل دون أي ذنب أو دليل ملموس بحقه، في تلك السجون إذا لم تختار التعذيب والظلم فإنك ستجبر على تصوير مقاطع مبركة تعترفها فيها عن أشياء وأفعال لم تفعلها ولن تفعلها، تم تصوير الكثير من الفيديوهات للعديد من المعتقلين الذي وصل لنهاية الحياة نظراً للكم الهائل من التعذيب الذي تعرضوا له".
"54 من نساء داعش كن هناك ولم تتعرضن للتعذيب"
لفتت (ر. ك) الانتباه إلى العلاقة بين مرتزقة داعش والاحتلال التركي "بعد مرور عام على اعتقالي في سجن الشرطة العسكرية في سري كانيه تم إحضار العديد من النساء إلى هذا السجن وكلهن بريئات، ولكن ذات مرة أحضروا 54 امرأة هن زوجات وبنات لمرتزقة داعش وتم وضعهن في السجن معنا لكن لم يسمحوا لنا بالتحدث معهن أو الاقتراب منهن حيث تم فصلهن عن بقية النساء المعتقلات، لكن الشيء المثير للاهتمام هو أن هؤلاء النسوة مكثن لمدة 4 أيام فقط ثم تم نقلهن إلى تركيا، وخلال فترة تواجدهن في السجن عوملن بأفضل معاملة على عكس بقية المعتقلات، فقد كانوا يؤمنون لهن كافة احتياجاتهن ودون أي تعذيب أو استجواب، وكنت أقول في نفسي أنا صاحبة هذه الأرض يضعون مصيري في يد المخابرات التركية وكان المرتزقة في كل مرة يؤكدون أن قضيتي ليست بسيطة".
"تبعوني مثل ظلي حتى بعد إطلاق سراحي"
عن عقوبتها قالت (ر. ك) "في البداية أخبروني أن عقوبتي ستكون السجن لمدة 30 عاماً وأنني سأبقى في هذا السجن ولن يتم نقلي إلى أنقرة، لكن عندما لم يحصلوا على أي معلومات أو وثائق وصور وفيديوهات تدينني ولأنني لم أؤيد الأكاذيب والاتهامات التي نسب إلى قرروا إطلاق سراحي ولكن بعد أن دفعت عائلتي مبلغ من المالي، وقالت المخابرات إنه لا ينبغي أن أخبر أحداً بما حدث معي في السجن ويجب ألا اتحدث عن التعذيب الذي تعرضت له".
وأكدت أنه أطلق سراحها بعد أن قضت في سجن الشرطة العسكرية عام و6 أشهر و18 يوماً، لكنها كانت تحت المراقبة حتى بعد أن أطلق سراحها "بعد أن دفع أحد أفراد عائلتي 5 آلاف دولار، تم إطلاق سراحي من السجن، لكن كانت سيارة المخابرات تتبعني أينما ذهبت كانوا يتبعوني مثل ظلي لم يتركوني، ومكثت في سري كانيه لمدة 20 يوماً فقط بعد إطلاق سراحي ثم غادرت وعدت إلى حيث كنت قبل الاعتقال، وبالرغم من مرور عامان على إطلاق سراحي إلا أنني زلت لا أصدق أنني خارج السجن وبمقدوري أن أرى الناس".
"اذهبوا إلى سجون سري كانيه وشاهدوا الحقيقة"
في نهاية حديثها ناشدت (ر. ك) منظمات حقوق الإنسان والأمم المتحدة "هناك الكثير من المعتقلين الأبرياء الذين سقطوا ضحايا في سجون سيري كانيه على يد الاحتلال التركي ومرتزقته، وتحت الضغط يعترفون بجرائم وأفعال لم يقوموا بها فقط لكي تنتهي سلسلة التعذيب التي ينتهجها الاحتلال والمرتزقة بحقهم، والكثير من الناس لم يستطيعوا الخروج سري كانيه والتوجه إلى مناطق الإدارة الذاتية، يجب على المنظمات الحقوقية والدولية أن تخرج عن صمتها إزاء الوضع المأساوي الذي يعيشه أهالي سري كانيه عموماً والمعتقلين خصوصاً، عندما كنت في السجن كنت أقول في نفسي ماتت الضمائر أليس هناك حقوق للإنسان، أين المؤسسات والمنظمات التي تطالب بهذه الحقوق، هناك من هم في وضع أسوأ مني إنهم ينتظرون الأمل، وينتظرون من بعض المنظمات أن تمد لهم أيديها وتنقذهم من ذلك الكابوس، لا تتأخروا عليهم اذهبوا إلى سجون الاحتلال التركي وشاهدوا الحقيقة".