شوارع غزة بلا كمامات
ينتاب المتجوّل في شوارع قطاع غزة حالة من الشك حول انتهاء وباء كورونا، فجميع المواطنون يتجوّلون دون ارتداء الكمامة خاصةً بعد انتهاء العدوان الأخير على القطاع المحاصر
رفيف اسليم
غزة ـ ، الذي خلق نوع من اليأس وعدم الاكتراث حول الإصابة أو عدمها، ليصبح الالتزام بذلك القناع الطبي أمر شبه مستحيل خاصةً مع ارتفاع درجات الحرارة بشكل كبير جداً وغياب دور الجهات الرقابية.
تقول سمر البرعي (22) عاماً، أنّها امتنعت عن ارتداء الكمامة منذ أن أصيبت بفايروس كورونا منذ عدة أشهر، فبالرغم من اتخاذها أقصى درجات الحرص والوقاية كي لا تصاب إلا أنّها لم تستطيع حماية نفسها. مضيفة أنّها مع حلول فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة بشكل خانق قررت ألا ترتديها خاصةً أنّ جميع مواطنين المدينة المحاصرة تخلوا عن الالتزام بها لأن ما عايشوه من رعب خلال الحرب أفقدهم الخوف من الفايروس.
وتتابع أن ما يجري حالياً في قطاع غزة أشبه بتطبيق نظام ما يسمى مناعة القطيع؛ لأن غالبية من تعرفهم قد أصيبوا بالفايروس وتعافوا عدا عن توافر التطعيمات بالمراكز الصحية، الأمر الذي خلق نوع من الاطمئنان لدى المواطنين حيال الفايروس، متسائلة حول كمية اللقاح هل ستكفي إذا ما حدثت كارثة صحية أخرى في مدينة يعد فيها القطاع الصحي شبه متهالك بعد عدوان إسرائيلي طاحن؟
وأكدت أنّه في الفترة الحالية إذا ما تم الكشف عن ظهور حالات بالطفرة الهندية يأتي دور الجهات الرقابية كوزارة الداخلية التي فرضت من قبل على كل سائق لا يرتدي الكمامة غرامة مالية وكذلك المواطنين ليتشكل لديهم رادع كما في بدايات دخول الفايروس للقطاع، مضيفةً أن دخول الطفرة الجديدة قد يسبب نوع من القلق سيرجع مواطنين غزة للعودة إلى الالتزام من جديد لأن التجربة الهندية مع كورونا أثبتت مدى تغول الفايروس وصعوبة السيطرة عليه.
والطفرة الهندية "متغير دلتا" تعتبر مزيجاً من طفرتين وهو ما أعطي الفيروس قوة ومقاومة أكثر في جسم الإنسان وهي الأكثر قدرة على الانتقال من بين متغيرات فيروس كورونا التي تم تحديدها حتى الآن وينتشر بسرعة كبيرة بين الأشخاص خاصة الذين لم يتلقوا التطعيم.
فيما تشير شذى أبو دقة (26) عاماً إلى أن سبب عدم ارتداء المواطنين في قطاع غزة للكمامة هو الخرافة القاضية بأن العدوان قد دمر كورونا معه كما سحق المباني والعديد من الأرواح في غضون أيام معدودة، لافتةً أن الضغط النفسي المعاش والذي جعل جميع السكان يرون الموت في كل لحظة هو ما خلق حالة من البلادة والتي لم تكن موجودة من قبل بل كان يسيطر بدلاً منها الالتزام الكامل من قبل المواطنين.
وتتابع أنّها لا تلتزم التزام كلي بارتداء الكمامة بل تكتفي بوضعها شكلياً ورفعها على وجهها في المناطق ذات التجمعات الكبيرة والمؤسسات الرسمية التي ترفض إدخال أي شخص دون الالتزام بالقناع الطبي لتبقي نفسها في حالة وسطية وسط ما تقابله من مواقف غريبة وأشخاص أقل ما يقال عنهم غاية في الاستهتار، لافتة أنّ حالة العطاس أو السعال التي قد تتم بشكل همجي في الشارع يدفعها للابتعاد عن الناس خلال المشي واستخدام القناع.
وتروي أنّها قبل عدة أيام كانت تتجوّل في السوق لشراء بعض الحاجيات لتتفاجأ بأشخاص من حولها يشيرون عليها مع همسات رافقتها صوت ضحكاتهم كأنّها اقترفت ذنب فقط لأنّها ما زالت ترتدي الكمامة، مشددة على أنّ من واجب وزارة الصحة عقد مؤتمر عاجل لتخبر المواطنين أنّ فايروس كورونا ما زال متواجد وبقوة بالقطاع بل ويحصد كل يوم عدد من الأرواح نتيجة لعدم احتمال أجساد هؤلاء المصابين المرض.
وعلى عكس سابقتيها كانت براء حسنين (23) عاماً التي رفضت فكرة خلع القناع الطبي في ظل تواجد فايروس كورونا في قطاع غزة، فتقول أنّها ما زالت تلتزم بلبس الكمامة خاصةً في المواصلات والأسواق العامة المزدحمة بالمواطنين الذين لا يمكن التنبؤ بتصرفاتهم أو حالتهم الصحية، لافتة أنّها تحث أفراد عائلتها على ذات السلوك خاصة في ظل الإعلان عن ظهور عدة حالات جديدة بالطفرة الهندية بالضفة الغربية والتي من المحتمل أن تنتشر بشكل مرعب مع الكثافة السكانية العالية بغزة وعدم الالتزام بتدابير الوقاية.
وتتابع أنّ التثقيف حول الوقاية يجب أن يكون مسؤولية فردية حيث يبدأ كل فرد بإلزام عائلته كما فعلت هي مع والدتها ومن ثم جماعية عن طريق الجهات المختصة ووزارة الصحة، موجهة حديثها للشباب إلى ضرورة تنظيم مبادرات لتوعية بخطورة الفايروس من جديد وخاصة لأصحاب الأمراض المزمنة وكبار السن مع تذكيرهم بإمكانيات القطاع الصحي شبه المعدومة في مدينة غزة.
وكانت قد أعلنت وزيرة الصحة مي الكيلة خلال بيان لها، يوم الأربعاء 7تموز/يوليو، عن تسجيل 20 إصابة جديدة بالطفرة الهندية لفيروس كورونا بالضفة الغربية محذرة من وصولها لقطاع غزة عما قريب، وذلك بعد إجراء الفحص الخاص بالطفرة لمجموعة من العينات الإيجابية التي تم جمعها من مختلف محافظات الضفة، ليكون مجمل الإصابات المكتشفة بتلك الطفرة 22 إصابة.
وأشارت إلى أنّ الإصابات الجديدة التي سجّلت بفايروس كورونا بشكل عام كانت على النحو التالي "جنين 11، طولكرم 2، الخليل 2، رام الله والبيرة 1، قطاع غزة 73 فيما وصلت اجمالي الحالات الخطيرة والحرجة لـ 30 حالة، وإجمالي جرعات اللقاحات التي وصلت قطاع غزة 207200 جرعة".
وأهابت وزيرة الصحة مي الكيلة خلال البيان بالمواطنين لسرعة التسجيل في المنصّة الإلكترونية لحجز مواعيد تلقي لقاح كورونا، مضيفةً أنّه وبحسب منظمة الصحة العالمية فإنّ غالبية اللقاحات المستخدمة حالياً تحد من الإصابة بالفيروس، وإن لم تمنع الإصابة به فإنّها على الأقل تمنع ظهور الأعراض الخطيرة.
وانتشر فايروس كورونا في فلسطين في آذار/مارس 2020، وسجلت عدد الإصابات حتى يوم الخميس 8تموز/يوليو، أكثر من 340 ألف إصابة و أكثر من ثلاثة آلاف حالة وفاة.