"شرطة الآداب" ذراع أمني يهدف للتضيق على النساء في إدلب

تواصل حكومة الإنقاذ الذراع المدني لما يسمى بـ "هيئة تحرير الشام" في إدلب، إصدار القرارات التي تهدف للتضييق على السكان عامة والنساء خاصة بعد إحداثها فرع "شرطة الآداب العامة" الذي يتشابه إلى حد كبير مع جهاز "الحسبة" في مرتزقة داعش.

سها العلي

إدلب ـ بعد أن افتتحت "حكومة الإنقاذ" باب الانتساب للعمل ضمن ما سمتها "شرطة الآداب" وفق شروط محددة، الأمر الذي أثار قلق النساء والطالبات نتيجة التضييق الغير محدود الذي كانت تمارسه أجهزة "سواعد الخير" و"الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" بحقهم مما أثر على حريتهن الشخصية وحياتهن الاجتماعية.

"دمروا حياتي وقلبوها رأساً على عقب" تقول إسلام الرواس (24) عاماً وهي طالبة جامعية منقطعة والألم يعتصر قلبها، وذلك بعد أن اعتقلت لمدة خمسة أيام من قبل أجهزة هيئة تحرير الشام، بحجة "الخلوة غير المشروعة" مع أحد مدرسيها في إحدى الأماكن العامة في مدينة إدلب.

وأضافت أن أهلها وذويها أجبروها على ترك الجامعة بعد أن كانت على أبواب التخرج، بسبب تلك الحادثة التي تصفها بـ "المأساوية" نتيجة العادات والتقاليد الاجتماعية المحافظة التي تضع المرأة ضمن دائرة ضيقة تلاحقها في أدق حركاتها وتصرفاتها، لدرجة أنها باتت تخاف الخروج من المنزل.

وأشارت إلى أن "شرطة الآداب العامة" ما هي إلا فرع أمني أنشأته "هيئة تحرير الشام" لخنق ما تبقى من مساحة الحرية لدى النساء اللواتي تتعرضن لمختلف طرق القمع والترهيب والضغوطات النفسية والجسدية حتى باتت تشكل لهن هاجساً يؤرق حياتهن ويمنعهن من القيام بواجباتهن وأعمالهن بشكل طبيعي.

ونص القرار الصادر عن حكومة الإنقاذ الذي أسمته بـ "قانون الآداب العامة" على فرض الحجاب على الفتيات فوق 12 عاماً، ومنع الاختلاط بين الجنسَين في العمل، ومنع تشغيل الأغاني في الأسواق والمقاهي وصالات الأعراس، ومنع الأراجيل.

تقول نساء في إدلب إن "هيئة تحرير الشام" تعمل على تشكيل هذه التنظيمات بين الفترة والأخرى لتقييد الحريات العامة والتي تكون النساء أبرز ضحاياها إذ أن انتهاكات "مركز الفلاح، وسواعد الخير، وهيئة الأمر بالمعروف" بحق النساء أجبرت الهيئة على حل هذه التشكيلات، وخلق تنظيم جديد يتمتع بالشرعية والصلاحيات الكاملة.

لازالت رندا السوكو (25) عاماً وهي نازحة مقيمة في مدينة إدلب، تذكر حادثة اعتقالها من قبل جهاز "مركز الفلاح" التابع لهيئة تحرير الشام بسبب عدم التزامها باللباس الشرعي المفروض من قبلهم على النساء.

تقول إنها اضطرت لدفع مبلغ 200 دولار بعد فترة اعتقال دامت 48 ساعة، مقابل خروجها من المعتقل الذي تعرضت فيه لمعاملة سيئة نتيجة الإهانات والضرب من قبل نساء يتبعن للجهاز الأمني، وهو ما سبب لها مشاكل وصدمة نفسية لازلت تعاني من آثارها حتى الآن.

وأضافت أن إحداث فرع "شرطة الآداب العامة" المنشئ حديثاً من قبل حكومة الإنقاذ، سيزيد من معاناة النساء من خلال فرضه قوانين وصفتها "بالتعجيزية" تعيق عمل وحركة النساء من خلال عمليات الترهيب والقمع التي كانت تمارسها التشكيلات السابقة، والتي أثرت بشكل كبير على حرية المرأة الشخصية وحقها في اختيار ملابسها وأماكن عملها وغيرها من الحقوق الشخصية.

من جانبها أكدت روان العلو (28) عاماً وهي ناشطة حقوقية وفاعلة في مجال تمكين المرأة، على ضرورة محاربة التشكيل الجديد والوقوف في وجه جميع المحاولات التي تهدف للتضييق على النساء، من خلال الاعتراض عليها بالسبل القانونية والاحتجاجات ضد هذه المحاولات والتشكيلات.

وأوضحت أن الانتهاكات بحق النساء تتصاعد تدريجياً في مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام وحكومة الإنقاذ، في ظل غياب الرادع ومنع الناشطات من الدفاع عن حقوق المرأة من خلال محاربة مراكز التمكين النسوية وإغلاقها، وفرض قرارات تخدم أجندات وسياسات تناسب الفكر الديني الذي تتبناه هذه السلطات.