شبح النزوح يراود النساء في إدلب

مع استمرار القصف تخشى نساء إدلب النزوح الذي سيفاقم المعاناة في تأمين المأوى وتلبية الاحتياجات الأساسية، مؤكدات أن "المدنيين هم الخاسر الوحيد لكل ما يحدث من مآسي".

هديل العمر

إدلب ـ ينذر استمرار التصعيد على مدينة إدلب بموجة نزوح نحو المخيمات المهددة أساساً بكارثة إنسانية، بالتزامن مع ضعف الاستجابة الإنسانية وقلة المساعدات الإنسانية، في منطقة يعيش فيها أكثر من 4 ملايين مدني نصفهم مهجرون قسرياً حرموا من حقهم في الغذاء والدواء.

قالت زينب الغاوي البالغة من العمر 38 عاماً إنها لا تستطيع النوم خوفاً من استهداف منزلها الواقع في مدينة أريحا جنوب المدينة التي تتعرض لهجمات متكررة، حيث أنها لا تعلم هل ستبقى في المدينة أم أنها ستنزح تاركة بيتها.

وأضافت أن الخوف وعدم الأمان هو الشعور السائد لدى المدنيين الذين يحاولون الصمود أطول فترة ممكنة، خاصة أن المنطقة تقع على بعد كيلومترات قليلة من نقاط تمركز لقوات حكومة دمشق، مؤكدةً أن النزوح في هذا البرد سيكون صعباً للغاية نظراً لتردي أوضاعها الاقتصادية حيث أنها لا تملك المال الكافي لاستئجار منزل أو شراء مواد التدفئة خاصة أنها المعيل الوحيد لعائلتها بعد وفاة زوجها الذي فقد حياته جراء قصف سابق على سوق المدينة تاركاً لها أربعة أبناء لا تكاد تستطيع تأمين متطلباتهم الغذائية وسط الغلاء وقلة فرص العمل.

حال زينب الغاوي لا يختلف عن مروة الفهيم الستينية المقيمة في قرية الفطيرة إحدى قرى جبل الزاوية، فالأخيرة تخشى أن تكون التالية بعد جيرانها الذين نال القصف من منزلهم ودفعهم للنزوح، ولا تريد ترك بيتها وأرضها المزروعة بأشجار الزيتون والتي تشكل مصدر رزقها الوحيد.

قامت بزراعة بعض الخضار الورقية في حديقة بيتها لتوفر بعض الغذاء لها ولأحفادها الذين يعيشون معها، وتقول "الناس هنا يعتمدون على مواسمهم ومحاصيلهم وأراضيهم الزراعية، ولا يمكن الاستغناء عنها، فإذا هربنا من القصف سيقتلنا البرد والتشرد، نحن بين خيارين أحلاهما مر، لذا أفضل البقاء في بيتي وأراضي، سيكون ذلك أفضل بكثير من تحمل أعباء النزوح بجسدي الضعيف المتعب"، لافتةً إلى أنه في حال نزحت فإن المساعدات الإنسانية المتقطعة والغير دائمة لا يمكن الاعتماد عليها، خاصة أن الأزمة والنزوح والوضع الاقتصادي الصعب في سوريا دفع 90% من سكان الشمال السوري للاعتماد على المساعدات الدولية، وبالنسبة لها الاستمرار في زراعة أرضها وكسب لقمة العيش منها أفضل بكثير.

ومع استمرار القصف وسط اشتداد البرد وقلة وسائل التدفئة فإن أكثر ما تخشاه النازحة من قرية حاس ومقيمة في مخيمات سرمين شرق إدلب بيان البرهان ذات الـ 44 عاماً، شبح النزوح الذي يشكل أبرز المخاوف والتحديات التي تواجه المدنيين في إدلب، الأمر الذي سيفاقم معاناتهم في تأمين المأوى وتلبية احتياجاتهم الأساسية.

وأكدت أنها تخشى النزوح ثانية خاصة مع تصاعد وتيرة القصف منذ أواخر العام الماضي وبداية هذا العام "نعيش حالة خوف وترقب، فالقصف المتواصل أحيا مخاوف النزوح لدينا ولكن هذه المرة وسط ظروف مناخية أقسى وفقر مدقع"، مضيفة أن "المدنيين بكل الأحوال الخاسر الوحيد لكل ما يحدث من مآسي".