شاهدات على انتهاكات تركيا ومرتزقتها في عفرين

تعيش نساء عفرين بشمال وشرق سوريا في ظلّ الاحتلال التَّركي لحظاتٍ تحبسُ الأنفاس، حسب وصف شاهدات عيان عشنَّ جزءاً من الانتهاكات.

فيدان عبد الله 
الشهباء-  
تَشهدُ مدينةُ عفرين، تعتيماً إعلامياً بعد احتلال تركيا لها في 18 آذار/مارس 2018، إذ يُمنع دخول وسائل الإعلام المُستقلة، ويُغيب دور المُنظمات الحُقوقية على أرضها، وتتم ملاحقة النُّشطاء والتَّضييق عليهم.
 
خطف وابتزاز وإحصائيات توثق الانتهاكات في عفرين
وثقت منظمة حقوق الإنسان 70 حالة قَتل في عفرين منذ ثلاث أعوام، وخمس حالات انتحار للنساء نتيجة الضَّغط النَّفسي، واغتصاب 68 امرأة من قبل عناصر مرتزقة تركيا، كما اختطفت أيضاً 111 امرأة أغلبهنَّ أقل من 18 عاماً.
ويتعرض ذوي المُختطفات للابتزاز، عبر طلب مبالغ باهظة مقابل الإفراج عنهنَّ، ومع استمرار عمليات الاختطاف، تزداد قيمة الفَّدية، إضافة لمُحاكمة العديد من المختطفات في تركيا، وهذا خرق للقوانين الدولية، كالحكم الصادر عن محكمة الجنايات العليا في مدينة أورفا التركية بالسجن المؤبد على دوزكين تمو في23 آذار/مارس 2021. 
وبأمر من الدولة التركية أنشأت العديد من السُّجون الخاصة بالنَّساء، أحدها في قرية معراتة التَّابعة لمركز عفرين، ويحتوي اليوم آلاف المُعتقلات.
وحسب إفادة سجينات تمكنَّ من الخُروج، فإن النساء داخل السَّجون يتعرضنَّ لجميع أشكال التَّعذيب كـ "الاغتصاب الجَّماعي، والإهانة اللفظيَّة، والتَّجويع، والضَّرب" وغيرها.
ويُطبق الاحتلال التَّركي على المرأة في عفرين ذات السَّياسة التي اتبعها داعش، إذ باتت تخشى الخروج من منزلها، نتيجة انعدام الأمن، وتحاشياً للاختطاف، إضافة للإجبار على الزواج تحت التَّهديد.
وتُفيد معلومات من مصدر موثوق داخل مدينة عفرين أن عدداً من المُختطفات يُنقلنَّ إلى ليبيا كسبايا للمرتزقة.
وعلى الرغم من التَّهجير القسري الذي فرضه الاحتلال، إلا أن العديد من العوائل لم تخرج من منازلها وأغلب هؤلاء لديهم كبار سن.
ورَفعت منظمة حقوق الإنسان في عفرين مئات التقارير الموثقة للانتهاكات إلى المُنظمات الإنسانية، إلا أننا لم نشهد على أرض الواقع خطوات جدية لوقفها، مما شجع تركيا ومرتزقتها على ارتكاب المزيد من الجرائم.
 
"20 يوماً في السَّجن شهدت خلالها على أبشع الجَّرائم بحق النَّساء"
تقول (ف، أ) التي فضلت عدم الكشف عن اسمها وصورتها حرصاً على سلامة أسرتها التي لا يزال قسم منها في عفرين، "لم نخرج من منزلنا بعد الاحتلال لشهر ونصف، إذ كان من الصَّعب أن نتجاوز عتبة بابنا".
إلا أنهم لم يتمكنوا من تجنب ممارسات الاحتلال ومرتزقته، "اقتحم المرتزقة منزلنا، وخطفوني مع امرأتين، ثم أخذونا نحو مقراتهم العسكريّة، وبعدها سلمونا للقوات التَّركيَّة، وتم اقتيادنا من عفرين إلى مدينة الكلس على الأراضي التركية، وسُلمنا لمرتزقة السَّلطان مراد، كنا 40 مختطف/ة، أغلبهم من المسنين، واستمرت عمليات الاختطاف العشوائية في المقاطعة".
وتكمل حول الانتهاكات التي تعرضت لها النَّساء في سجن السَّلطان مراد في أحد أقبية عفرين، "عصبوا أعيننا، وعندما فتحناها شاهدنا المئات من المُختطفات بينهنَّ قاصرات، وكان هنالك طفلة بعمر العشرة أعوام ووالدتها. في السَّاعة الواحدة بعد منتصف الليل اقتادوا الأم لغرفة التَّعذيب وضربوها بهمجية، كنا على أعصابنا، نسمع صراخ تلك المرأة وبكائها الذي يصل إلى الغرفة التي احتجزنا فيها، ورأينا ابنتها تتحرك بشكل غير طبيعي تحت الغطاء، وعندما رفعناه عنها، وجدناها تَلف حزام بنطالها على رقبتها لتنتحر، من شدة حزنها على أمها، وبدأنا بالصراخ عليهم، فجلبوها إلى الغرفة، واحتضنت ابنتها، لقد بكينا جميعنا".
في المعتقل وجراء التعذيب فقدت العديد من المعتقلات حياتهنَّ، تقول (ف، أ) إن من بين الضحايا شاب من قرية خليلاكا وشقيقته "فصلوا النَّساء في غرفة منفردة وبدأوا بضربهنَّ بلا رحمة على مدار 24 ساعة". وتضيف "احتجزوا إيزيدية في مطبخ منزلها، وابنتها وزوجة ابنها في الغرفة، وارتكبوا بحقهما ممارسات لا اخلاقية، ولأن المرأة كانت عاجزة عن إيقافهم، طعنت أجزاءً من جسدها بالسكين في مطبخها مفضلة الموت، وبهذه الجراح جلبوها إلى السَّجن. بقيت 20 يوماً، رأيت خلالها العديد من الفظائع".
 
لتتفادى التّحرش دفعت أكثر من مليوني ليرة سورية
تتحدث (ح، ر) عما شهدته إبان الاحتلال التركي لعفرين، فبعد مرور شهر على احتلال المدينة، اختطف المرتزقة زوجها من منزلهم "بحثت عنه لمدة 15 يوماً، في جميع مقرات المُرتزقة، وأخلت الشرطة التَّركيَّة سبيله بعد هذه الفترة".
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد فبعد شهر من ذلك اختطفوه مرة أخرى، "جاءنا بلاغ من المحكمة فتوجهنا إليها، وطلبوا منا مبلغاً من المال قدره 75 ألفاً، دفعناه مقابل إخراجه".
وتضيف "بعد فترة بدأوا بخلق العراقيل أمامنا، وطلبوا مني رقم هاتفي، من أجل إقامة علاقة معهم بالسَّر، وهددوني أن يقتلوا زوجي إذا لم استجب لهم، لهذا فضلنا الخروج من المقاطعة".
الخروج من عفرين لم يكن بالأمر الهين كما تصف (ح، ر) "سرنا على الأقدام من السَّاعة الثَّامنة مساءً حتى الخامسة فجراً، ونحن نشعر بالخوف، وتكلفة خروجنا بلغت مليونين و600 ألف ليرة سورية".