ريم الأحمد ابنة الطبقة ساهمت في تحرير سبع إيزيديات مختطفات
عندما تصبح المرأة دعماً وسنداً لبنات جنسها بغض النظر عن الانتماء القومي أو الديني، وتأبى الظَّلم وتسعى للتصدي له بكافة الوسائل، حتى لو غاصت في قلب الخطر لتحقق هدفها، فقط نستطيع القول بأنها تحررت
سيلفا الإبراهيم
الطبقة ـ .
عانى الإيزيديون من 74 فرماناً أي محاولة إبادة كان أغلبها على يد الدولة العثمانية، أما الفرمان الأخير والذي حمل الرقم 74 كان على يد مرتزقة داعش بتاريخ الثّالث من آب/أغسطس 2014، هذه الجريمة التي تعرض لها الإيزيديون تعد الأسوأ على الإطلاق على النساء اللواتي نلن النصيب الأكبر من الانتهاكات.
اختطفت مرتزقة داعش ما يقارب 6500 امرأة، إضافة للأطفال، بعد أن قتلت الرجال أمام عائلاتهم، أما النساء الطاعنات في السن فكان مصيرهنَّ الوأد.
مع بدء عمليات التّطهير من داعش، عبر الحملات التي أطلقتها قوات سوريا الدّيمقراطيَّة في شمال وشرق سوريا والتي كانت قد تأسست عام 2015، تحررت المئات من النساء والأطفال، وسهل البيت الإيزيدي في مدينة الحسكة إيصال العديد منهم لذويهم.
بلغ عدد الإيزيديين/ات الذين تم تحريرهم 3500، ليس فقط على نطاق شمال وشرق سوريا ولكن أيضاً في الموصل وصلاح الدّين وعدد من المدن العراقية، ولا يزال العشرات منهم في مخيم الهول لم يتم التّعرف إليهم بعد، بحسب تأكيد البيت الإيزيدي.
وحسب معلومات خاصة لوكالتنا من البيت الإيزيدي فإن مصير الآلاف لا يزال مجهولاً، فبعد الخطف قُتل المئات منهم ودفنوا في مقابر جماعية، إضافة إلى وجود الكثير من الإيزيديات في المناطق المحتلة كتل أبيض/كري سبي، ورأس العين /سري كانيه، وهنالك احتمال مُرجح بأنهنّ ينقلن إلى تركيا عبر مرتزقة درع الفرات وجبهة النّصرة.
ريم الأحمد (30) عاماً، من مدينة الطَّبقة التي تحررت على يد قوات سوريا الديمقراطية في العاشر من أيار/مايو 2017، عانت كامرأة خلال سيطرة داعش على مدينتها لأربع أعوام متتالية، لذلك تشجعت لمساعدة الإيزيديات المختطفات للهروب "عانينا من الظَّلم، حتى تلاشى أملنا بالخلاص".
تقول ريم الأحمد "في أحد الأيام عندما كان القصف على أشده، رأيت امرأة وطفلان يقفون تحت القصف، لم يتحركوا إلى أي وجهة، وكان يبدو أنهم لا يعلمون ما يجب عليهم فعله".
عندما أدخلتهم والدتها إلى المنزل عرفت أنها إيزيدية مختطفة من شنكال وجلبت للخدمة "مكثوا عندنا سبعة أيام. عندما تحدثت المرأة لاحظنا أن لغتها العربية ثقيلة جداً وعندما سألناها سردت لنا قصتها".
لم تكن تعرف تلك المرأة أحداً تلجأ إليه، فهي من شنكال "لم أكن قد سمعت عن شنكال من قبل، ولا عن المجازر التي ارتكبها داعش هناك، فلم تكن لدينا رفاهية مشاهدة التَّلفاز، وفعلاً استطاعوا لفترة من الزمن عزلنا عن العالم".
القصة التي سمعتها ريم الأحمد لأول مرة عن نساء من قومية محددة يتعرضنَّ للسبي وكل تلك الانتهاكات وسط صمت مطبق أثارت فضولها لمعرفة المزيد "المرأة تدعى زهور أو هكذا أسمت نفسها لا أعرف، قالت هاجمونا عندما كنا في منازلنا، ولكننا لم نخرج منها، لأننا كنا نعلم أننا لم نرتكب أي خطأ، اعتقدنا أنهم لن يؤذونا، وقمنا بدفع كُل ما نملك من مال مقابل ألا يخرجونا من أرضنا، إلا أن ظنوننا لم تكن بمحلها".
وأضافت ريم الأحمد على لسان ضيفتها زهور "فرقوا الرّجال عن النّساء، وقتلوهم أمام أعيننا، زوجي كان من بينهم، رأيته يقتل أمام عيني، بعد ذلك أخذونا سبايا إلى مدينة تدمر السورية، وتاجروا بنا، لقد باعونا من مكان لآخر، وقسم منا وزعوه على منازل مرتزقة داعش للخدمة".
بقيت هذه المرأة الإيزيدية في الطّبقة لعام ونصف، ولم تستطع وقتها التّفكير بالهرب، تقول ريم أن زهور رضيت بكل شيء فقط لإن أطفالها معها وقد قالت لها "أرادوا تزويجي قالوا سنبيعك ونشتري سيارة. لم أهتم فقد كان أطفالي معي لكنهم قالوا إنهم سيبقون الأطفال عندهم، عندها قررت الهرب". وأكدت أيضاً أن المرتزقة يضربون أبنائها أمام عينيها.
ولم تكتفي ريم الأحمد بسماع قصة زهور بل إنها قدمت لها يد المُساعدة للفرار من منطقة سيطرة مرتزقة داعش، وقالت "تواصلت مع إحدى صديقاتي، لأسترشد لعائلة زهور، ووجدتها بالفعل، وتواصلنا معهم، وتولوا هم أمر التّنسيق مع قوات سوريا الدّيمقراطيَّة. في الواقع اعتدنا عليها لذا كان فراقها صعباً، ولكن كان عليها الذهاب تجنباً للخطر فقد كانت حياتنا وحياتها على المحك".
وتوضح ريم الأحمد أن والدها كان يعمل في المستشفى، وفي إحدى المرات شاهد عناصر من داعش يحملون صور لزهور وأطفالها ويسألون عنها، "قالوا إن من أخفى المرأة في منزل سوف يذبح"، وتضيف "ما بين فترة وأخرى تعلق نّساء ويذبحنَّ بسبب مخالفات بسيطة للقوانين التي فرضوها، لقد كان الخطر محدقاً بنا، لكنني لم أقبل بتسليمها".
وترى أن موت الضمير يعني فناء ونهاية كل شيء، وبعيداً عما دعا إليه داعش، فجميع الأديان السّماويّة تدعوا للمحبة والتّسامح "أرفض أن يعتدي أحد على أي امرأة، وأن تكون خادمة تحت رحمة أحد، وتباع وتشترى في المزادات، حتى لو دفعت حياتي ثمناً، لأنني لا أقبل ذلك على نفسي".
وهذه التّجربة لم تكن الأخيرة، بل إنها كانت البداية لإنقاذ سبع إيزيديات بطرق مختلفة مستفيدة بعملها بأحد محال الإنترنت الذي كان له قسم خاص للنساء "أزور الدّاعشيات لأتمكن من التّواصل مع الإيزيديات اللواتي يعملنَّ في منازلهنَّ لمساعدتهنّ، وكنت أرشدهنّ لعنوان منزلي، وأتواصل مع قوات سوريا الدّيمقراطية، ليتم تحريرهنَّ".
وتمييز الإيزيديات بالنسبة لها كان سهلاً، فعكس جميع سكان الطّبقة والمناطق التي احتلتها داعش، لم يسمح لهنّ بارتداء الخمار والملابس التي فرضها المُرتزقة "لم تسنح لي الفرصة لأعرف قصصهنَّ، فعمليات الإنقاذ كانت سريعة".
واختتمت حديثها بالتأكيد أنه "لا يمكن لأي امرأة أن تكون حرة ما دام هناك امرأة مستعبدة، كما قال القائد عبد الله أوجلان".