روايات أطفال محرومون من الطفولة

في جميع أنحاء العالم، هناك انتهاكات لحقوق الطفل الذي يتعرض لكافة أشكال العنف، ويعد الأطفال الذين يعملون رغم صغر سنهم في أماكن غير مناسبة الأكثر تعرضاً للانتهاكات وحرماناً للحقوق.

سارة محمدي

جوانرود ـ يصادف الـ 20 من تشرين الثاني/نوفمبر من كل عام اليوم العالمي للطفل، الذي يهدف إلى الحد من العنف الممارس ضد الأطفال وانتهاك حقوقهم، فالملايين من الأطفال في جميع أنحاء العالم محرومون من حقوقهم ويعملون رغم صغر سنهم بسبب الفقر أو المرض أو عدم وجود معيل للأسرة.

تعتبر عمالة الأطفال ظاهرة عالمية لها أنواع وأشكال مختلفة؛ إلا أنها بحسب تعريف منظمة حقوق الطفل مجموعة من الأنشطة التي تضر بصحة الطفل الجسدية والعقلية وتحرمه من حقه في التعليم، كحرمانه من الذهاب إلى المدرسة، أو تركه لها أو إلزامه بعمل شاق وطويل في نفس وقت الدراسة.

ووفقاً لمنظمة العمل الدولية، فإن 250 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين الخامسة والرابعة عشر عاماً في العالم محرومون من الطفولة، وبحسب هذه الإحصائيات دخل 120 مليون منهم سوق العمل ويعملون بدوام كامل 61 بالمئة من هؤلاء الأطفال يعيشون في آسيا، و 32% في أفريقيا، و7% في أمريكا اللاتينية. 

وبحسب تقرير مركز أبحاث المجلس الإسلامي، فإن 15% من أطفال إيران يعملون وقرابة 10 % منهم لا يذهبون إلى المدرسة.

وحول هذا الموضوع يقول الطفل محمد .ع البالغ من العمر 11عاماً ويعمل في مطعم شواء ليلاً ويذهب إلى المدرسة صباحاً، ويعيش مع أخته البالغة من العمر 9 سنوات ووالدته "قبل ثلاث سنوات، توفي والدي في حادث سير ظروفنا المادية ليست جيدة ونسكن في بيت للإيجار والدتي تفعل كل شيء لدعمي أنا وأختي، نعيش ظروف اقتصادية صعبة جداً، ولهذا السبب بدأت بالعمل والدراسة معاً حتى أتمكن على الأقل من دفع الإيجار".

وأضاف "يجب أن أهتم بأختي الصغيرة وأمي، ولهذا أحاول أن أدرس لأن أمي دائماً تقول لي أن دراستي أهم من أي شيء آخر"، لافتاً إلى أن هناك صعوبات يواجهها في عمله "في الأيام التي أذهب بها للعمل يجب أن أعمل من الساعة الخامسة صباحاً حتى الثانية عشر ليلاً، و في الأيام التي أذهب فيها للدراسة أذهب للعمل فور عودتي من المدرسة، وعندما لا يكون لدينا عمل كثير أعود للبيت في العاشرة مساءً، رغم كل ذلك أنا متفوق في دراستي حيث أنني استفيد من فترة تواجدي في المنزل وأركز بها على دروسي".

إنها الساعة التاسعة والنصف ليلاً وبدلاً من أن ينام في سريره الدافئ، يحمل أكار. خ البالغ من العمر 10 سنوات  كيساً من النفايات على ظهره الصغير في هذا البرد وينظر إلى كل سلة قمامة يمر بها ليرى أن كان سيجد شيئاً خفض رأسه وهو يتحدث ولم يرد أن يُرى وجهه، وقال "أدرس في الصف الرابع، أبحث عن بقايا الطعام في سلة المهملات ليلاً لأبيعها، فمن خلال بيع القصاصات التي أجمعها، أستطيع شراء الدفاتر والأقلام لنفسي ولأخواتي، وأتجول في الشوارع المحيطة بمنزلنا، وأحياناً أمشي حتى الساعة 10 ليلاً وأعود إلى المنزل للبحث عن نفايات، وأعطي أمي الأموال التي أجمعها من جمع النفايات لتنفقها على مستلزمات المنزل".

أما كارو .ن البالغ من العمر 14 عاماً وهو في الصف الثاني الإعدادي يحمل بين يديه مجموعة من الجوارب الرجالية، ويتنقل من متجر إلى آخر في مدينة جوانرود شرق كردستان لبيع الجوارب يقول "يجب أن أعود إلى المنزل باكراً، حتى أتمكن من تناول الغداء ومتابعة دروسي"، مشيراً إلى أن ظروفه المعيشية صعبة جداً "يعاني والدي من انزلاق غضروفي في الظهر بسبب نقل المعدات الثقيلة لدرجة أنه لم يعد قادراً على العمل، ولا يستطيع تحمل نفقات أسرة مكونة من 5 أفراد، ولهذا السبب أبيع الجوارب في أيام العطلات أو عندما لا يكون لدي مدرسة، في بعض الأيام أبيع ما يصل إلى 20 ـ 30 زوجاً من الجوارب وفي بعض الأيام لا أبيع حتى زوجاً واحداً، بعض أصحاب المتاجر الذين يعرفون وضعي يشترون مني الجوارب كلما ذهبت"، مبيناً أنه من خلال بيع الجوارب يستطيع مساعدة عائلته ومواصلة دراسته لأنه لا يريد أن يصبح عاملاً مثل والده حتى يتمكن من الحصول على مستقبل أفضل.

ويعيش الطفل ريبوار. م البالغ من العمر 14 عاماً في أحد الأحياء الفقيرة لمدينة جوانرود في ظروف صعبة للغاية حيث تعيش عائلة مكونة من 6 أفراد في منزل يحتوي على غرفة واحدة فقط ومطبخ، ويقع الحمام والمرحاض الخاص بالمنزل في ساحة صغيرة لا تزيد مساحتها عن 6 أمتار، يبيع الجوارب الرجالية والنسائية، وفي مواسم البرد يستعير قبعات الأطفال والأوشحة من صاحب متجر، ثم يبيعها ويأخذ ربحه الخاص ويعيد أموال صاحب المتجر.   

تقول والدة ريبوار.م والتي تدعى جلافيزه. ك "توفي زوجي منذ سنوات بسبب مرض في القلب، وترك لي أربعة أطفال، يعود ريبوار من المدرسة بعد الظهيرة، يذهب على الفور إلى السوق لبيع الجوارب والقبعات التي يشتريها من إحدى العائلات التي تمتلك متجراً، لمساعدتي على تأمين الاحتياجات الأساسية للمنزل وعندما يعود إلى منزله ليلاً يقوم بحل جميع دروسه وحفظها"، مؤكدةً أنها لا تحب أن يعمل أبنائها لكن ظروفهم المعيشية صعبة "دائما أقول لأطفالي أنه عليهم أن يدرسوا حتى لا ينتهي بهم الأمر كعمال عاديين".