الحرب في السودان تزيد نسبة الإدمان وسط النساء

أكدت الخبيرة الاستراتيجية في مجال الإدمان والإرشاد الأسري لبنى علي، أن من أكثر الأسباب التي فاقمت مشكلة ارتفاع أعداد مدمني/ات المخدرات هو إغلاق المستشفيات النفسية ومراكز التأهيل بسبب الحرب الدائرة في البلاد.

ميرفت عبد القادر

السودان ـ أثرت الحرب في السودان بشكل سلبي على النساء، حيث تعرضت الكثيرات منهن للاغتصاب والتعذيب والاستعباد كل تلك التداعيات كانت سبباً في لجوء الكثيرات منهن للمخدرات.

تقول (س. ن) "لجأت لتعاطي المخدرات بسبب الضغوطات التي مررت بها وما زادني سوءً إغلاق الجامعات المتكرر والذي حرمني من التخرج وشق طريقي فوجدت المخدرات هي الطريق الأقرب للهروب من واقعي ومشاكلي، وبعد أن قررت تلقي العلاج، اندلعت الحرب التي تسببت بإغلاق المراكز التأهيلية وانتهاء رحلة العلاج".

وبحسب المعلومات التي حصلت عليها وكالتنا من وحدة مكافحة التهريب بولاية البحر الأحمر فإنه تم ضبط 424 كيلوجرام من المخدرات بإحدى المناطق جنوب مدينة بورتسودان خلال شهر حزيران/يونيو الماضي "تم ضبط 297 كيلو من مادة الآيس المخدرة و64 كيلو كوكايين و2 كيلو حشيش و4 كيلو هيروين".

وفي وقت سابق حذرت وزارة الداخلية من تنامي انتشار المخدرات في السودان في ظل الحرب المستمرة منذ أكثر من عام، وكشفت عن وجود 43 جزيرة في البحر الأحمر يتم عبرها تهريب المخدرات إلى البلاد.

 

مدمنات ترفضن العلاج خوفاً من الوصمة

ويعتبر المجتمع السوداني من المجتمعات المنغلقة والمحافظة خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالنساء فلا يُسمح لهن بالتدخين في الأماكن العامة ولكن رغم ذلك رصدت العيادات النفسية بالسودان خلال السنوات السابقة إدمان النساء بواقع 5 أضعاف الرجال، وفق إحصائيات تحدثت عن ارتفاع نسب تعاطي النساء للمخدرات.

وخوفاً من وصمة العار التي قد تلاحق الفتاة أو العائلة تمنع بعض الأسر تقديم فتياتهن للعلاج في مراكز التأهيل العامة والخاصة لأن الإدمان يتنافى مع قيم المجتمع السوداني ويُعتبر عار وذنب لا يُغتفر.

لذلك أطلقت السلطات السودانية خلال العام الماضي حملة واسعة النطاق لمكافحة المخدرات بكل أنواعها وعملت على توعية المجتمع بضرورة تقديم المدمنين بما فيهم النساء للعلاج بالمراكز، حيث كشفت تقارير عن دخول 13 ألف حالة تعاطي للمخدرات إلى مراكز معالجة الإدمان، ووفقاً للإحصاءات التي أكدت أن أعمار المترددين على المراكز تتراوح بين 14ـ 24 عاماً، وأثبتت نتائج الفحوصات الطبية تعاطي الفتيات لمخدر الآيس والترامادول بنسبة كبيرة وتعتمد المراكز التأهيلية عند بداية العلاج على فحص 10 أنواع من المخدرات وتحديد فترة التداوي حسب كمية المادة الكيمائية في الجسم.

 

إغلاق مراكز التأهيل وزيادة نسب المدمنات

ومع بداية الحرب في السودان منتصف نيسان/أبريل 2023، تم إغلاق جميع المراكز التأهيلية بالعاصمة الخرطوم وبعض الولايات التي انتقلت إليها الحرب مما فاقم من أزمة المدمنين الذين بدأوا العلاج بمراكز التأهيل.

وتقول الدكتورة والخبيرة الاستراتيجية في مجال الإدمان والإرشاد الأسري لبنى علي إن نسبة الإدمان وسط النازحين خصوصاً الفتيات ارتفعت كثيراً في الآونة الأخيرة على الرغم من عدم الحصول على إحصائية واضحة نتيجة فقدان 11 مركز تأهيل بعدد من الولايات.

ولفتت إلى أنه "بعد الحرب مباشرة بدأنا باستقبال الاستشارات النفسية ووجدنا أن 90 % منها كانت استشارات عن الإدمان سواءً من انقطع منهم عن العلاج بسبب الحرب أو مدمنين جدد بسبب الحرب خاصة الفتيات"، مؤكدةً أن زيادة نسبة الإدمان تعود إلى أن البلاد التي بها حروب تنشط فيها تجارتي السلاح والمخدرات.

وأكدت أن من أكثر الأسباب التي فاقمت مشكلة ارتفاع أعداد مدمني المخدرات هو إغلاق المستشفيات النفسية ومراكز التأهيل بسبب الحرب الدائرة "بدأنا في التواصل مع المدمنين لتقديم العلاج عبر الانترنت ولكن انقطاع شبكة الاتصال أجبرتنا على الانقطاع من التواصل معهم لفترة طويلة حتى تمكنوا من فتح المركز بمدينة بورتسودان بولاية البحر الأحمر".

وأوضحت أنه بحسب الإحصائيات بعد فتح المركز، فهناك ارتفاع في نسبة تعاطي الفتيات للمخدرات والتي وصلت إلى 35 % أغلبها كانت في البداية باستخدام أدوية العلاجات النفسية نتيجة الضغوط النفسية التي سببتها الحرب بشكل خاطئ وإدمانها وفي بعض الولايات انتشرت أنواع من المخدرات كالهيروين والآيس لاسيما في شرق السودان، مناشدةً المجتمع بتقديم التوعية للمدمنات وتقديم المساحات لهن للتعبير من أجل مساعدتهن على التخلص منها.