قتل الزوجات... جرائم مدروسة وذرائع جاهزة وملفقة
غدت ذريعة "الشرف" حجة ومبرر قوي يتيح للمجرمين ارتكاب جرائمهم الشنيعة بحق النساء اللواتي تعانين من غياب الرادع والقوانين التي جعلت الاستهتار بدامائهن يصل إلى هذه الدرجة.
هديل العمر
إدلب ـ تتصاعد حوادث وقضايا الجرائم الأسرية في الشمال السوري، وخاصة ظاهرة قتل الأزواج لزوجاتهم في ظل غياب الرادع نتيجة القوانين الهشة التي تتعامل بها سلطات الأمر الواقع في المنطقة، ما أدى لارتفاع معدلاتها بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة.
فقدت الشابة فيحاء زكور (28) عاماً وهي من سكان مدينة كفرتخاريم غرب إدلب، حياتها في إحدى المشافي نتيجة الكسور والحروق والضرب المبرح الذي تعرضت له من قبل زوجها ما سبب لها نزيف حاد أفضى لوفاتها في نهاية المطاف، لتكون واحدة من عشرات الضحايا اللواتي فقدن حياتهن نتيجة الجرائم الأسرية والزوجية.
تقول ريما حاج زكور شقيقة فيحاء، أن شقيقتها كانت تتعرض بشكل مستمر للضرب والتعنيف من زوجها، نتيجة حالة عدم التفاهم والمشاكل الزوجية والأسرية التي دفعتها لطلب الطلاق أكثر من مرة، إلا أن أهلها وذويها كانوا يمنعونها من اتخاذ هذه الخطوة ويسعون لحل المشاكل والخلافات بينها وبين زوجها.
وأوضحت أنهم تلقوا خبر وفاة شقيقتها من أحد الأشخاص العاملين في مشفى المدينة، وذلك بعد اسعافها من قبل زوجها الذي لاذ بالفرار بعد إدراكه خطورة الوضع الصحي لشقيقتها التي لم يتحمل جسدها الضعيف والهزيل إجراءات العمل الجراحي المستعجل لوقف النزيف الداخلي والخارجي.
وأشارت إلى أن الأطباء أخبروهم بأن سبب الوفاة عائد لتعرضها لضربات جسدية بالغة الخطورة بسبب تعرضها للضرب بأداة معدنية أو صلبة على الرأس ومناطق متفرقة من الجسد سببت لها مضاعفات خطيرة أدت لوفاتها أثناء العمليات.
قضت رائدة الخلوف (27) عاماً وهي نازحة مقيمة في مخيمات بلدة أطمة الحدودية شمال إدلب، برصاص زوجها المنتمي لإحدى فصائل المعارضة، بعد أن علم نيتها في ترك المنزل وطلب الطلاق بسبب المعاملة السيئة والضغوط النفسية والجسدية التي يمارسها عليها طيلة فترة زواجها.
وعلى الرغم من إلقاء القبض عليه إلا أن الجاني لم يمكث بالسجن سوى ثمانية أشهر، بعد ادعائه أن إقدامه على قتل زوجته كان بداعي "الشرف" بعد اكتشافه بأنها على علاقة بأحد الأشخاص، وهو ما تعتبره المؤسسات القضائية التابعة "لهيئة تحرير الشام" عذر مخفف للجرم، بحسب ما قاله ذوي الزوجة.
"نعيش وفق شريعة الغاب" تقول سامية جمال (52) عاماً والدة رائدة الخلوف في إشارة منها لغياب الرقابة والفلتان الأمني الذي تعززه قوانين "هيئة تحرير الشام" التي تشجع على ارتكاب مثل هذه الجرائم والانتهاكات بحق النساء، على حد وصفها.
وأضافت أن ذريعة "الشرف" غدت حجة وذريعة ومبرر قوي يتيح للمجرمين ارتكاب جرائمهم الشنيعة بحق النساء اللواتي يعانين من غياب الرادع والقوانين التي جعلت الاستهتار بدمائهن يصل إلى هذه الدرجة.
وأشارت إلى أن ابنتها قُتلت لمجرد طلبها الطلاق من رجل لم تستطيع إكمال حياتها بجانبه، وهو ما دفع زوجها لقتلها متذرعاً بحجج لا أصل ولا صحة لها.
من جهتها أكدت الناشطة الحقوقية منار عبد العزيز (38) عاماً، على ضرورة الضغط على الجهات القضائية لإلحاق أشد العقوبات بمرتكبي الجرائم الأسرية دون أحكام مخففة تتيح للمجرمين تنفيذ مخططاتهم الدنيئة، وهو ما بدا واضحاً من ارتفاع معدلات هذا النوع من الجرائم في المنطقة.
وأضافت إنه لا يمكن اعتبار محاكم الهيئة مؤسسات قانونية رسمية، فهي مجرّد سلطة أمر واقع فُرِضت على المجتمع بقوة السلاح، إذ أنيطت بعض الأمور القضائية بهذه المحاكم، في حين ليس هناك قانون فعلي يضبط وينظِّم عملها ويشكل مرجعية واضحة للمتخاصمين.
وأشارت إلى أن الحملات التوعوية وخاصة في مجال تنظيم الأسرة من شأنها الحد من هذه الجرائم، التي يكون سببها الرئيسي حالة عدم التفاهم والطلاق بين الأزواج.