قصص ومعاناة فتيات تخطين الثلاثين

تحمل الحياة اليومية معاناة كل فتاة مصرية تخطت سن الزواج، الذي يعد وصمة عار داخل المجتمع تتعرض فتياته لكافة أنواع العنف إذا بقين داخل أسرهن دون زواج

نيرمين طارق
القاهرة ـ .
"يا عانس"، "أنتِ كبرتِ وتخطيتِ سن الزواج"، "ما في رجل يتزوجك"، كلمات جارحة تتردد على مسامع الفتيات في مصر، على الرغم من مشاركتهن الفعالة داخل الأسرة والمجتمع. فقد روت عدة فتيات تجاربهن الخاصة داخل أسرهن وطرق معاملتهن حول موضوع الزواج.
تقول شروق عادل (31 عاماً) التي تعيش في حي الشروق في القاهرة، "عندما عدت إلى المنزل يوم ميلادي الثلاثين ومعي هدية اشترتها زميلة معي في الشركة التي أعمل بها، وجدت أمي تبكي، قالت لي "لو أنك غالية عندها كان أهدتك عريس من أصدقاء زوجها"، فقلت لها لا أرغب في عريس". 
فوالدة شروق عادل تشعر بالعار حيال بقاء ابنتها ضمن العائلة دون زواج، بقولها "هل أنت فخورة بكونك عانس وكل بنات أعمامك تزوجن، وأنت الهم الوحيد في عائلتنا، شعرتُ بألم لا يمكن وصفه، لأن أمي تراني هم وعبء".
بينما ندى عبد الرحيم (33 عاماً) التي تعمل طيلة أيام الأسبوع وتنتظر يوم عطلتها الجمعة، تروي معاناتها مع أفراد أسرتها، فهي تقوم بأعمال المنزل واعداد الطعام، ولم تسلم من كلمات أسرتها الجارحة، التي تتردد على ألسنتهم، تقول "تحولت لخادمة في منزل والدي، حيث تزوج جميع أخوتي، وبعد عودتي من العمل أقوم بالطبخ والتنظيف، لأن والدتي كبيرة في السن، وهذا الأمر لا يزعجني، ولكن يوم الجمعة الذي انتظره حتى أشعر بالراحة بعد أسبوع من العمل الشاق، لا أشعر فيه بالراحة، فأقوم بإعداد الطعام لأخواتي المتزوجات وأزواجهن وأولادهن، فهن يذهبن لبيوتهن دون محاولة لتقديم المساعدة، قالت لي أمي اعتراضك ليس له داعي سوى الغيرة، لأنهن متزوجات ولديهن أولاد وأنتِ عانس، فهن يتعبن في رعاية أطفالهن طيلة أيام الأسبوع، بينما أنتِ متفرغة وخدمة أخواتك واجب عليكِ". 
وقصة سارة حسن (34 عاماً) التي تقطن في حي أكتوبر بالجيزة، لا تختلف عن قصص الفتيات الأخريات اللواتي يسمعن مصطلح "أنتِ عانس" على الرغم من عملها وإعالتها أسرتها، تقول "أعمل طبيبة نسائية في قسم التوليد، وفخورة بنجاحي في مجال العمل، وقبل حوالي شهر قال لي أخي العاطل عن العمل، يا عانس، وذلك لأنني رفضت إعطائه نقود بعد أن أنفق المبلغ الذي أعطيته إياه في بداية الشهر، وعندما أخبرت أمي وأنا انتظر منها أن توبخه، قالت لي هو لم يقل لكِ سوى الحقيقة، فكل بنات جيلك تزوجن وأصبحن أمهات ونقودك في النهاية سيرثها أخوتك، فلا تحرصِ عليها واعطيهم منها وأنتِ على قيد الحياة".
كما روت مها حسان (35 عاماً) من حي حدائق القبة في القاهرة، ما تعرضت له من ضرب وشتم من قبل والدها حيال رفضها للزواج "أبي لا يقول لي إلا "يا بيت وقف، يا بومة"، حاول كثيراً أن يزوجني من أحد أصدقائه المتزوجين سابقاً والذي يلتقي بهم في المقهى يومياً، وقال لي هذا مقامك فبعد الثلاثين لن يفكر أحد في الزواج منكِ إلا الأرمل أو المتزوج، وعندما رفضت تعرضت للضرب والشتم، لم يدافع عني أحد من أخوتي".
ومن منظور بعض العائلات تعتبر الدراسة والعمل عائقاً أمام زواج الفتيات في مصر، وهذا ما تردد على مسمع يسرى عبد العزيز (37 عاماً) من مدينة نصر في القاهرة بقولها "سمعت البواب وهو يهمس لزوجته عندما دخلت المبنى ومعي مجموعة من الحقائب الثقيلة قائلاً المهندسة العانس، ولكني تجاهلته وكأنني لم أسمع، فكل الجيران والأقارب يقولون عني عانس، وقال لي أبي قبل وفاته "كلية الهندسة كانت أكبر خطأ في حياتك"، لاعتقاده أن الهندسة منعتني من الزواج".
وجسدت العديد من الأفلام والمسلسلات واقع الفتيات في المجتمع المصري وتطرقت للعديد من القضايا منها تخطي سن الزواج كفيلم "بنتين من مصر" ومسلسل "عايزة أتجوز" إلا أن تلك الأفلام لا تمثل إلا جزء بسيط من معاناة أغلب الفتيات، تقول مريم لطفي البالغة من العمر 36 عاماً والقاطنة في حي الزيتون في القاهرة "أعمل صيدلانية في إحدى المستشفيات الكبرى، ومنذ شهرين حدثت مشاجرة بيني وبين زوجة أخي، وبعد المشاجرة كلما تأتي لزيارتنا كل جمعة مع أخي تشاهد معي حلقات من مسلسل "عايزة أتجوز" للممثلة هند صبري التي تجسد دور علا عبد الصبور التي تعمل كصيدلانية، وأنا على علم أنها تحاول أن تقول لي بطريقة غير مباشرة أنتِ عانس".
وتشعر عائلة منى ثابت البالغة من العمر 35 عاماً بالحرج حيال تخطيها سن الزواج وقالت "علمت بخبر خطوبة أختي الصغرى قبل الخطوبة بيوم واحد وأخفت عني شبكتها، ورفضت أن تريها لي خوفاً من الحسد وعندما اعترضت على طريقة معاملتها لي قالت لي أمي نحن نخجل منك وعندما سألنا والد عريسها عن عدم زواجك شعرنا بالإحراج". 
بينما هاجر عبد السلام التي تبلغ من العمر 32 عاماً تعرضت للضرب يوم خطوبة ابنة عمها تقول "تعرضت للضرب يوم خطوبة ابنة عمي لأن والدها لم يوجه لأبي دعوة لحضور حفلة الخطوبة، فإنهال أبي عليّ بالضرب بكل قوة وكأنني ارتكبت جريمة ليقول لي: عمك عنده حق ما كل بناته ربنا كرمهم وأنا عندي مصيبة في البيت".  
مهما حصلت النساء على شهادات علمية ووصلن إلى مراكز عالية، تبقى مسائلة عدم الزواج وصمة عار تلاحقهن طول مسيرة حياتهن ويتعرضن يومياً لضغوطات ونظرات دونية من قبل المجتمع والعائلة، فهل تقدر قيمة ومكانة المرأة بالزواج وعدم الزواج؟