قرية الجارودية... مثال على الحياة الجماعية والتعاون
قرية الجارودية التابعة لناحية ديريك بإقليم شمال وشرق سوريا، تعد مثالاً للحياة الجماعية، يعمل سكانها على تعزيز أسس الأمة الديمقراطية، وتجسد نساؤها معنى التضامن في ظل الكومينات والأنشطة التعاونية، مؤكدين أن "نظام الكومينات والتعاونيات هو الرد على الهجمات".
بيريفان إيناتجي
ديريك ـ تُعزز أسس الأمة الديمقراطية في شمال وشرق سوريا من خلال الكومينات والتعاونيات، حيث أن النظام الجماعي بات حيوياً ويعمل بنشاط في القرى والأحياء كما في قرية الجارودية التابعة لديريك بقيادة نسائية يتم حل مشاكل القرية في الكومين، ومن خلال التعاونية التي أنشأها القرويون، يقومون بتطوير اقتصادهم المجتمعي.
تعتبر قرية الجارودية أحد الأمثلة على نجاح كومين القرية والنظام التعاوني، حيث تتكون القرية من 47 عائلة من 7 عشائر مختلفة، ومنذ انطلاق ثورة المرأة في 19 تموز 2012 بإقليم شمال وشرق سوريا، تم تأسيس كومين القرية تحت اسم كومين الشهيد كاني، ومع مرور الوقت تم تنفيذ الأنشطة الاقتصادية والثقافية والصحية، وتأسيس لجان الصلح وما إلى ذلك تحت مظلة الكومين.
وللتعرف أكثر على الحياة الجماعية التي أنشائها الكومين والأنشطة التعاونية في قرية الجارودية، كان لوكالتنا لقاء مع الرئيسة المشتركة لكومين الشهيد كاني في القرية وأحد ممثلي تعاونياتها نيريمان حسين، والرئيسة المشتركة للجنة الصلح في كومين الشهيد ناجدة خليل.
يتم حل المشاكل في الكومين
أكدت نيريمان حسين على أهمية إنشاء النظام السليم للكومين وتأثيره على العلاقة بين العائلات التي تعيش في القرية "لقد أحب سكان هذه القرية بعضهم البعض دائماً هناك تضامن كبير بينهم، على الرغم من وجود 7 عشائر مختلفة فيها، إلا أن من يزورها لا يلاحظ هذا الاختلاف، هناك روح التضحية في القرية منذ بداية الثورة، لم نسمح لمشاكلنا بالوصول إلى الجهات العليا بل نحلها فيما بيننا، إذا كانت لدينا مشكلة نعقد اجتماعات ولدينا لجان تقوم بحلها سواء كانت مشكلة تخص القرية أو كان وضعاً خاصاً".
وعن إنشاء اللجان الرئيسية تحت مظلة الكومين، قالت "لدينا لجان صلح ولجان مالية وأكاديمية منذ خمس أو ست سنوات، وتم إطلاق دورة تدريبية تعلم 30 شخصاً فيها مبادئ الإسعافات الأولية، أنا من الذين تعلموا الإسعافات الأولية والحقن والمصل، كما افتتحت دورة تدريبية لقوى الحماية الجوهرية في القرية وتلقى هذا التدريب في مجال الحماية حوالي 30 شخصاً، بينهم نساء كون المرأة تلعب دورها بشكل جيد هنا، وفي قرية جارودية بشكل خاص يحتل عمل المرأة الصدارة أي أن المرأة تأخذ زمام المبادرة في كل شيء".
أول تجربة تعاونية في القرية
أما اللجنة الاقتصادية أوضحت نيريمان حسين إنه بعد إنشاءها تحت مظلة الكومين، قرروا بدء تعاونية فيما يتعلق بالأنشطة الاقتصادية "بعد أن بدأت الثورة وقمنا بتأسيس كوميننا، اجتمعنا بالقرويون وقلنا إننا سنقوم بشيء ملموس يستفيد منه الجميع، في ذلك الوقت وبمساعدتهم قمنا بإنشاء حديقة، في البداية زرعنا الأشجار الحراجية، ثم قلنا لو كان شيئاً ذا فائدة أكثر سيكون أفضل فقررنا زراعة أشجار يأكل منها الأطفال والعائلات لذلك زرعنا أشجار الفاكهة بجوار تلك الحديقة ويتم توزيع منتجاتها على جميع أهالي القرية من تين ورمان تغطي احتياجات 32 عائلة في القرية ساعدت على زراعتها والاعتناء بها".
يتم العمل وبذل الجهود معاً ويتم تقاسم المنتجات بالتساوي
في تعاونية قرية الجارودية تمت زراعة القمح والكزبرة والحبوب على مساحة 50 دونم من الأراضي هذا العام، حيث ذكرت نيريمان حسين أن كافة الخدمات الضرورية للتعاونية تتم بشكل منسق بمساهمة الأسر المشاركة في التعاونية.
وعن تنظيم التعاونية، قالت "العائلات تذهب إلى الحصاد معاً، وتعمل في الأرض معاً، الآن يقومون بالحصاد ولم يتبق الكثير لإنهاء العمل، يقوم قسم من الأهالي بتحميل المحصول والقسم يحصدون، تعمل هذه العائلات الـ 32 معاً مهما اقتضت حاجة الأرض والتعاونية، ثم نجتمع معاً ونقدر المبالغ التي نحتاجها للزراعة والتسميد والمبيدات وما إلى ذلك، وتدفع كل أسرة جزءاً من المال لتغطية هذه الاحتياجات، بالمقابل يتم أيضاً تقاسم غلة الأرض التي يتم الحصول عليها بين هذه العائلات، من أجل العمل التعاوني نعقد اجتماعاتنا ونناقش أسس العمل معاً ونقوم بتشكيل مجموعات كل مجموعة تركز على مهمة ما، الآن 7 أشخاص هم المسؤولون عن الحصاد يتبادلون مع 7 أخرين للحصول على الراحة، هذه هي الطريقة التي تسير بها أعمالنا".
أصبحت الثقة أكبر بعد نجاح التعاونية
لفتت نيريمان حسين الانتباه إلى الصعوبات التي واجهوها في بداية تأسيس التعاونية، وعلى رأسها انعدام الثقة "ما إذا كانت ستنجح أم لا"، "التعاونية بدأت بـ 22 عائلة، لكن مع توسع العمل والثقة بعمل التعاونية، وصل عددهم الآن إلى 32 عائلة"، مضيفةً "نجاحها منح الأهالي المزيد من الثقة، وبالتالي العمل يتزايد والمشاركة والانضمام إلى التعاونية يتزايد أيضاً، تم حل العديد من المشاكل التي واجهناها في البداية، الآن أصبح عمل التعاونية مفهوماً بشكل أفضل وسلاسة أكثر".
وأشارت إلى أنهم من خلال بيع الفائض من المنتجات التي تبقى في أيديهم يسدون احتياجات التعاونية "في العام الماضي قمنا بزراعة محصول البطاطا في حديقة القرية، أخذنا احتياجات العوائل منها وقمنا ببيع الفائض في سوق القامشلي، وبالأموال التي كسبناها، تمكنا من تلبية احتياجات التعاونية مرة أخرى، وبهذه الطريقة قمنا أيضاً بتطوير التعاونية".
"تنمية وتطوير التعاونيات والكومينات هي الرد على الهجمات"
ولفتت نيريمان حسين الانتباه إلى هجمات الاحتلال التركي على إقليم شمال وشرق سوريا والحصار المفروض على المنطقة "أتمنى من كل قرية أن تطور العمل التعاوني وأن تدير مصالحها أن أمكن ذلك، فتطوير نظام الكومينات والأنشطة التعاونية هو الرد الأفضل والأبرز على الهجمات والحصار".
وأضافت "يمكن لكل قرية أن تبني وتعزز تعاونيتها مثل قرية جارودية، ومهما كانت احتياجاتهم، يمكنهم الجلوس معاً، ويمكن لكل قرية تطوير العمل التعاوني فيها، نريد أن تتحمل كل قرية المسؤولية وتدير نفسها وتعزز مبدأ العمل التعاوني، لأن تطوير التعاونيات والكومينات هو الرد على من يعادون شعوب المنطقة، وطالما أن عملنا يتقدم بغض النظر عن عدد الأبواب التي أغلقوها بوجهنا، فإننا سنفعل ما هو مناسب وسننجح".
"تضامننا يتعزز مع الكومينات والتعاونيات"
من جهتها أعربت إحدى سكان القرية والرئيسة المشتركة للجنة الصلح في كومين الشهيد كاني بقرية الجارودية ناجدة خليل، عن رأيها حول الروح التعاونية والجماعية التي يتحلى بها أهالي القرية "نقوم بأعمالنا معاً في القرية هناك حب كبير وتضامن، عملنا في الكومين نشط، أنا الرئيسة المشتركة لمجلس الصلح، في القرية عندما يتخاصم شخصان نعمل بكل جهد على الإصلاح بينهما، في مثل هذه الحالة نجتمع بأعضاء الكومين ونساعد بعضنا البعض على حل المشكلة".
وأضافت "الرجال والنساء يعملون معاً في أنشطتنا التعاونية في القرية، قد لا نكون قادرين على القيام بما يفعله الرجال، ولكننا نفعل ما بوسعنا، كنا قد زرعنا القمح في الحديقة لنصنع منه الفريك، قمنا بالعمل المطلوب معاً رجالاً ونساءً، كامرأة أفعل ما يتوجب عليّ مهما كانت الاحتياجات التي تترتب في القرية فأنا أيضاً أشارك فيها، ودعوتي لكافة النساء أن نساعد بعضنا البعض، أريد أن تكون جميع النساء متيقظات".