قرارات فصل جائرة ضحيتها معلمات في إدلب

تستمر مشكلة إبعاد معلمات عن وظائفهن في إدلب بعد خبرة تزيد عن 15 عاماً، لتجدن أنفسهن فجأة مفصولات عن مدارسهن بقرار تعسفي صادر عن وزارة التربية والتعليم التابعة لما تسمى بـ حكومة الإنقاذ، وسط ظروف اقتصادية ومعيشة متردية.

هديل العمر

إدلب ـ لم تفلح كل الوقفات الاحتجاجية التي نظمتها المعلمات المفصولات أمام مديرية التربية والتعليم في مدينة إدلب، لمطالبة حكومة الإنقاذ التابعة لـ "هيئة تحرير الشام" بإيجاد حل لمشكلتهن، بتراجع الأخيرة عن قرارها الذي يقضي بفك تكليف عدد كبير منهن ومن شتى الاختصاصات.

تقول إيناس الشيخ علي (41 عاماً) وهي إحدى المدرسات المفصولات وحائزة على شهادة معهد في الرسم والفنون، إن قرار إبعادهن عن التعليم جاء بقرارات شفوية، بذريعة أن "شهاداتهن ليست تربوية"، رغم ممارستهن المهنة لسنوات.

وأضافت أنها أجرت مسابقة كبقية المعلمات الأخريات ونجحت فيها وأثبتت جدارتها في العمل التدريسي لأكثر من ست سنوات مضت، ولم تتوانى في تعليم الطلاب من الحلقة الأولى كل ما يحتاجونه من علوم ومعارف.

وأوضحت أنها بحاجة كبيرة للوظيفة رغم تدني راتبها بعد فقدانها لزوجها في الحرب الدائرة تاركاً لها خمسة أبناء، مطالبة جميع المعنيين والمنظمات الدولية النظر في أمرهم، وإعادتهم للعمل وخاصة وأن معظمهن لديهن أسر يعيلونها.

وأكدت إيناس الشيخ علي أنها راجعت جميع الجهات التابعة لوزارة التربية والتعليم، لمعرفة من يقف وراء القرار، لكنها وزميلاتها المبعدات عن التدريس فشلن ولم يتبن لأحد اتخاذ قرار الإبعاد هذا "لكننا لن نيأس وسنمارس حقنا في الاحتجاج والتظاهر إلى أن تحل مشكلتنا، التي تضرر منها مئات المعلمين والمعلمات".

وفوجئت المعلمة غنوة الحميدي (35 عاماً) بتلقي خبر فصلها من التدريس بعد العطلة الانتصافية، من قبل إدارة المدرسة، دون قرار رسمي من التربية، لتكون واحدة من عدداً كبيراً من أصحاب الاختصاصات الفنية كالرسم، والموسيقى والفنون، والتجارة، ممن أصبحوا خارج المجمع التربوي وقد حرموا من عملهم رغم سنوات الخبرة الطويلة.

وعملت غنوة الحميدي بالتدريس لأكثر من عشر سنوات ورغم أن اختصاصها بالفنون النسوية ليس بالمجال التربوي لكن ذلك لم يمنعها من الإلمام بكل طرائق التدريس والإبداع فيها.

وقالت إنها عملت لسنوات بشكل تطوعي إلى أن تم دعم القطاع التعليمي برواتب رمزية، ليأتي القرار مؤخراً ويضيع كل أتعابها سدى، على حد وصفها.

فيما اشتكت براءة البرهوم (31 عاماً) وهي إحدى المعلمات المفصولات أيضاً الظلم الواقع عليها وعلى زميلاتها جراء القرار المجحف الذي حرمها عملها في أحلك الظروف وأقساها.

وقالت إنها ورغم أن اختصاصها في المجال الموسيقي إلا أنها خضعت لدورات تأهيل تربوي، وإعداد مدرسين، وأصبحت بمستوى عالي من الكفاءة، وخضعت لفحص واختبار من قبل الموجهين التربويين نالت من خلاله أعلى الدرجات.

بدورها قالت مديرة مدرسة "الحكمة" في إدلب راميا المصطفى (45 عاماً)، إنه من الظلم المفرط الاستغناء عن خدمة هؤلاء المعلمات بقرار من وزارة التربية التابعة لـ "حكومة الإنقاذ"، بذريعة أنهن اختصاصات غير تربوية.

حيث نص القرار على وجود عدد من حملة المؤهلات العلمية المكلفة بمسميات وظيفية لا تناسب اختصاصها وهي كما وردت في القرار "ثانوية عامة، ثانوية فنون، معهد أعمال يدوية، معهد صناعي، معهد فنون نسوية، معهد موسيقى، معهد تجاري" بناء عليه، تم فك تكليف كل عامل لا يتوافق مع اختصاصه.

وقالت إن "حكومة الإنقاذ تسعى لاستغلال ملف التعليم، الذي أصبح له نصيب كبير من ضرائبها المفروضة بشكل متكرر".

وأوضحت أن هؤلاء المعلمات ورغم اختصاصاتهن الغير تربوية يجب توفير فرص العمل البديلة لهن والعدول عن القرار وعدم توقيفهن عن ممارسة المهنة التي أبدعن فيها لسنوات طويلة، وعدم التخلي عنهن بتلك البساطة، لاسيما وأن معظمهن أرامل ومعيلات وبحاجة كبيرة لهذا العمل.

وعبرت راميا المصطفى عن حزنها على قرار فصل المعلمات "يحز في نفسي أن تطرد هؤلاء المعلمات بهذه الطريقة، هن من كابدن سنوات من العمل التطوعي والتدريس في أقسى الظروف الصعبة وسنوات القصف والرعب، ليكون مصيرهن اليوم الطرد والفصل دون تقدير لقيمة تعبهن أو تعويض عن مدة خدمتهن الطويلة".

ويعاني القطاع التعليمي في إدلب، من ضعف واضح وقلة الدعم المقدم من المنظمات الدولية المعنية بالتعليم، ويبدو ذلك جلياً بعد سيطرة "حكومة الإنقاذ" على المنطقة، حيث تخلت الكثير من المنظمات الداعمة عن ملف التعليم منذ وضعت الحكومة الأخيرة يدها عليه، وهو ما أدى إلى تسرب آلاف الطلاب من المدارس.