قرار الإنجاب أو عدمه... حق لا تمتلكه النساء في إدلب

ويعتبر قرار الإنجاب في إدلب هو من حق الرجال فقط، وهو المعتقد المرتبط بسلطتهم على المرأة ومكانتهم في العائلة، مستخدمين سطوتهم المستمدة من العادات والتقاليد السائدة.

هديل العمر

إدلب ـ تواجه المرأة في إدلب ضغوطاً من المجتمع تتمثل بمنعها من المطالبة بحقوقها التي وصلت حد حرمانها حق اختيار الإنجاب أو رفضه في ظل ظروف ترهقها نفسياً وجسدياً.

قالت رولا البكر البالغة من العمر 27عاماً، أنها غير مخيرة بما يخص الحمل والإنجاب وخاصة وأن زوجها يحب الأطفال ولا يأبه بما يمر بهم من أوضاع صعبة.

وأضافت أن قرار الإنجاب أو عدمه يُفترض أن يكون مشتركاً بين الزوجين، وهي تفضل عدم الإنجاب في الوقت الراهن كونهم نازحين عن بلدتهم البارة جنوب إدلب، ومقيمين في مخيمات النزوح في إدلب منذ قرابة الثلاث سنوات، غير أنها لا تمتلك حق الرفض.

لدى رولا البكر طفلين لم يتجاوز أصغرهما السنة ونصف من عمره، وبانتظار طفلها الثالث بعد أن مضى على حملها الستة أشهر وتقول "لم يسمح لي زوجي الذي يعاني قلة فرص العمل باتخاذ أي وسائل تنظيم الحمل ريثما تتحسن أوضاعنا المادية، ولا سيما وأن حياة المخيمات لا تصلح لحياة الكبار فكيف سيكون الحال مع الصغار".

ومن جانبها تعرضت حياة الراجي البالغة من العمر 35 عاماً، للتهديد من زوجها بالطلاق إن فكرت بالتوقف عن الإنجاب وهو ما جعلها تحت وطأة الحمل والإنجاب وتربية الأولاد منذ زواجها الذي قارب السنة الخامسة عشرة، ووصل عدد أبنائها للثمانية بينما هي بانتظار مولودها التاسع.

وتقول إنها أسيرة لرغبة زوجها في الاستمرار بالأنجاب بالرغم من المتاعب الصحية التي باتت تهدد حياتها في كل حمل جديد، فسطوة زوجها في اتخاذ قرار الأنجاب منفرداً، في حياتها إلى "ألم وأوجاع مستمرة"، فهي لم تعد قادرة على تحمل متاعب الحمل والولادة مجدداً.

وأبدت استغرابها من إصرار زوجها على الإنجاب بالرغم من أوضاعهم الحياتية الصعبة، وخاصة بعد نزوحهم عن قريتهم معرشمارين جنوب إدلب واستقرارهم في خيمة ضيقة شمال إدلب.

وتشكو من آلام الظهر وهشاشة العظام والسكر الحملي وحالات اكتئاب متكررة جراء تقارب حالات الحمل دون أن يشكل ذلك أي مشكلة لزوجها الذي ما يزال يحول بينها وبين اتخاذ أي وسيلة لتنظيم حمل أو منعه.

بينما قالت المرشدة الاجتماعية فدوى الجدعان البالغة من العمر 33 عاماً، أنه من الإجحاف بحقوق المرأة أن يملي عليها أحد متى تقرر الإنجاب أو عدمه حتى لو كان الزوج، إذ لا بد أن يأخذ في عين الاعتبار استعدادها نفسياً وجسدياً ومادياً ليأخذ كل فرد في الأسرة حقه على كل الأصعدة.

وأشارت إلى أن مخاطر الإنجاب المتكرر النفسية والجسدية وما يترتب عليه من تأثير ليس على نفسية المرأة وحسب وإنما على صحة الطفل ورعايته وتربيته أيضاً.

ونبهت لضرورة وعي الأزواج بالمخاطر الصحية التي قد تتعرض لها المرأة بعد تكرار الحمل لمرات عديدة، إضافة الى أهمية الوعي بنوعية الحياة التي تنتظر كل طفل جديد وحقه في الحصول على رعاية جيدة.

وحذرت الطبيبة المختصة بالتوليد والأمراض النسائية الطبيبة عائشة العلي البالغة من العمر 42 عاماً، من خطورة الحمل المتكرر والمتقارب، مشددة على ضرورة مرور من 3 إلى 5 سنوات بين كل ولادة وأخرى للحفاظ على صحة الأم.

وأشارت إلى أن "الحمل يعتبر رحلة متعبة تسحب من رصيد جسد المرأة من فيتامينات ومعادن وما إلى ذلك، وبعد الولادة تحتاج إلى إعادة شحن جسدها بالفيتامينات والحديد والكالسيوم، فإن حدث حمل ثان يكون الجسد مرهق ومتعب ومعرض للإصابة بأمراض عديدة أهمها الأنيميا أو فقر الدم".

ولم تقف الأضرار بإصابة المرأة بعدد من الأمراض سواء على المدى القريب أو البعيد عند هذا الحد بل تعدتها لهشاشة العظام نتيجة نقص نسبة الكالسيوم وفيتامين د، آلام في الظهر والحوض، الضعف العام، أمراض تناسلية مثل سقوط الرحم والتهابات عنق الرحم، نزيف وتسمم الحمل، حمى النفاس وغيرها.

ووفق ما نص عليه في "اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة"، المتفق عليها منذ عام 1979 من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة فإن منع المرأة من اتخاذ قرار الإنجاب أو عدمه انتهاك لحقوقها.

وأكدت المادة الـ16 من الاتفاقية ذاتها على أن للمرأة الحق في أن تقرر الفترة الإنجابية بين الطفل والآخر، والحصول على كل الوسائل التي تتيح ذلك، إلى جانب الحصول على التوعية الكافية فيما يخص هذا الأمر.