عقبات جديدة على الواقع التعليمي في إدلب

الصعوبات التي تعاني منها المعلمات تزايدت بعد سيطرة ما يسمى "هيئة تحرير الشام" على كافة مفاصل الحياة، وفي مقدمتها مجال التعليم من خلال فرض سياستها ومعتقداتها على الأهالي والسكان بالترهيب والقوة.

هديل العمر

إدلب ـ تواجه المعلمات في إدلب الخاضعة لسيطرة ما تسمى "هيئة تحرير الشام"، صعوبات وتحديات كبيرة نتيجة التضييق على عملهن بحجج وذرائع مختلفة تأتي في مقدمتها منع "بالاختلاط".

منذ بداية العام الدراسي، تحاول سعاد الرجب البالغة من العمر 36 عاماً وهي مدرسة نازحة في مخيمات بلدة أطمة الحدودية شمال إدلب، تأمين شاغر وظيفي في المدارس العامة والخاصة، ولكن دون أي جدوى.

وقالت إن جميع محاولاتها للحصول على فرصة عمل ضمن مجال اختصاصها باءت بالفشل، نتيجة القرارات والتعقيدات التي فرضتها "حكومة الإنقاذ" التابعة لهيئة تحرير الشام، والتي تتمثل بمنع المعلمات من مزاولة المهنة مع المدرسين الرجال وهو ما أثر بشكل كبير على عمل العديد من المعلمات.

وأضافت أنها دائماً ما كانت تجد شواغر وظيفية في المدارس، ولكن القرار حال بينها وبين عملها كمدرسة، إذ أن معظم الشواغر تتطلب مدرسين بسبب قرار فصل المعلمين عن المعلمات بحجة "الاختلاط"، تحت طائلة المساءلة والغرامة المالية والاعتقال والسجن في بعض الأحيان.

وأشارت إلى أن جميع المدارس في المنطقة تعمل ضمن دوامين رسميين الرجال والنساء، ابتداءً من المرحلة الابتدائية وحتى الثانوية، وهو ما يجعل فرص الحصول على شاغر وظيفي ملائم غاية في الصعوبة للمعلمة، نتيجة حصر الشواغر لفئة أو جنس معين.

ولا تخفي سعاد الرجب نيتها بالعمل خارج إطار اختصاصها إذ استمر الحال على ما هو عليه، خاصة وأنها المعيلة الوحيدة لأربعة أطفال فقدوا والدهم بفيروس كورونا في عام 2022.

والشهر الماضي، تعرضت رزان ديوب اسم مستعار البالغة من العمر 32 عاماً، وهي مدرسة لمادة الرياضيات في مدرسة خاصة، للفصل من المجمع التربوي التابع لمدينة حارم، بعد ضبطها أثناء مزاولتها مهنة التعليم في دوام الطلاب والمعلمين.

وأوضحت أن هناك صعوبات ومخاطر تتعرض لها المعلمات في مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام، حولت مهنة التعليم عن مسارها الصحيح، وحرفتها ضمن سياسات وأجندة تخدم مصالحها.

وقالت أنها تعرضت للفصل بعد أن وجدها موجه تربوي كان ضمن جولة تفقدية في المدرسة مع المعلمين، إذ أنها اضطرت لمخالفة القرار نتيجة تعذر المدرسة الخاصة التي تعمل بها، عن إيجاد معلم رياضيات لطلاب الصف التاسع، مما دفعها للمخاطرة والتدريس ضمن بيئة لا تخلو من الخطورة.

وأشارت إلى أن التعليم في إدلب بات متهالكاً نتيجة خضوعه للسياسات والأفكار التكفيرية التي باتت تلاحق جميع العاملين في المؤسسات التعليمية الخاصة والعامة بما فيها الطلاب والطالبات، موضحةً أنها باتت دون عمل تنفق به على عائلتها وزوجها المقعد، في حين ستضطر للانتظار حتى العام الجديد حتى تتقدم على مسابقات التعيين إن وجدت فرصة.

ومن جانبها تعبر الناشطة الحقوقية تيماء العبد الله البالغة من العمر 28 عاماً، أن قرار فصل المعلمات عن المعلمين "مثيراً للسخرية" ويعري مستويات التفكير التي تحكم هؤلاء الأشخاص الذين فرضوا أنفسهم كسلطات أمر واقع على المجتمع.

وأوضحت إن هذه القرارات زادت من معاناة المعلمات في تأمين فرص عمل شاغرة، كما أجبرت العديدات منهن الانقطاع عن المهنة نتيجة استمرار الانتهاكات والتعقيدات التي تمارسها هيئة تحرير الشام، على المعلمات في إدلب بحجج وذرائع تتعلق "بالاختلاط والكفر والفسق".

وأضافت أن الأجدى بهم تأمين رواتب للمعلمات اللواتي تعملن بشكل تطوعي منذ سنوات، عوضاً عن فرض عقبات جديدة على الواقع التعليمي المتردي أصلاً، بسبب ممارساتهم الهمجية والعشوائية.

وأشارت إلى ضرورة مواجهة هذا القرار الذي يؤثر بالدرجة الأولى على المعلمات اللواتي تعانين من صعوبات جمة، وذلك من خلال حملات توعوية هادفة، واحتجاجات منظمة تكبح الأفكار والمعتقدات والتوجهات عن العملية التعليمية في إدلب.