عقب إعصار "دانيال"... أخصائيات تطالبن بضرورة تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال

يعد الأطفال من أكثر الفئات المتضررة من الكوارث سواء أكانت هذه الكوارث طبيعية كالفيضانات والبراكين والزلازل أو من صنع البشر كالحروب والنزاعات المسلحة والصراعات، لما لها من تأثيرات سلبية عليهم.

هندية العشيبي

ليبيا ـ أكدت اخصائيات نفسيات أن الضرر الذي يطال الأطفال جراء الكوارث يطالهم بشكل كامل، نفسياً واجتماعياً واقتصادياً، ما يجعلهم عرضة للأذى بشكل كبير ويؤثر على نموهم الجسدي والعقلي.

عقب ضرب إعصار دانيال لمدن الشرق الليبي في أيلول/سبتمبر الماضي وتسببه بمقتل الآلاف وإصابة العديد من المواطنين من بينهم أطفال، وتدمير أحياء سكنية كاملة ومناطق وأرياف وجرفها بشكل مدمر للبحر، تعرض الأطفال خلال تلك الفترة لظروف صادمة وضاغطة والتي تركت بصماتها على كافة جوانب الحياة.

وحول ذلك قالت المستشارة الاجتماعية والخبيرة في التعايش العام الاجتماعي خيرية فرج الفرجاني إن الحروب والصراعات في ليبيا تركت أثر نفسي واجتماعي كبير لدى الأطفال في البلاد على مر السنوات الماضية، ولكن فيضانات درنة وما وقع خلالها من مأسي وفقدان وغرق كانت تجربة قاسية جداً على الشعب الليبي عامة وخاصة الأطفال الذين مروا بها.

وعن الأثار الناجمة عن الكوارث الطبيعية أوضحت إنها عديدة ومختلفة منها أثار نفسية وأخرى اجتماعية وأثار جسدية واقتصادية والاضطرابات التي نشأت بسبب الأثار النفسية، وحينها تكون النساء والأطفال أكثر الفئات المتضررة من هذه الكوارث.

ودعت إلى احتواء الأطفال كونهم أكثر الفئات والشرائح تضرراً في ليبيا من الحروب والصراعات والكوارث الطبيعية مثلما حصل في إعصار دانيال.

وبينت أن الاطفال قد يرفضون حتى العيش أو الاستمرار في الحياة في حالات فقد الوالدين أو الأشقاء "أعالج طفلة صغيرة بعمر 10 سنوات، فقدت والدتها خلال إعصار دانيال في مدينة درنة، ترفض العيش أو تناول الطعام من دونها، فهي لا تدرك تماماً ما الذي حصل، ولكن شعور الفقد والخسارة أفقدها الرغبة بالحياة".

ودعت لتكثيف العمل على تنظيم برامج الدعم النفسي والإرشاد للأطفال والبالغين بعد كارثة دانيال في ليبيا، التي فقدت فيها عائلات بأكملها وتوفي فيها الآلاف، من خلال وسائل الإعلام والمنظمات المدنية وحتى من خلال الطفل نفسه بتعزيز قدراته وإمكانياته واكتشاف مواطن الاستجابة لدى الطفل لمعرفة احتياجاته والعمل على توفيرها، مشيرة إلى أن للمجتمع دور هام في تأهيل الاطفال والبالغين نفسياً ما بعد الصدمة.

 

 

الأطفال الأكثر تضرراً

ومن جانبها قالت عضو هيئة التدريس بكلية التربية قسم العلوم النفسية والتربوية بجامعة بنغازي ورئيسة وحدة الدعم الحياتي والنفسي في مركز الامل لمتعددي الاعاقة فوزية الهادي سالم أن الأطفال أكثر الفئات المتضررة من الكوارث سواء أكانت هذه الكوارث طبيعية كالفيضانات والبراكين والزلازل أو من صنع البشر كالحروب والنزاعات المسلحة والصراعات.

وأوضحت أن الضرر الذي يطال الأطفال جراء هذه الكوارث يطالهم بشكل كامل، نفسياً واجتماعياً واقتصادياً، ما يجعلهم عرضة للأذى بشكل كبير ويؤثر على نموهم الجسدي والعقلي.

وترى أن التعليم والدراسة من أهم الوسائل المساعدة على إعادة التوازن النفسي للأطفال الذين عاشوا تجارب الكوارث الطبيعية أو البشرية، فالتعليم والدراسة من وجهة نظرها يتضمن العديد من الأنشطة والبرامج التوعوية والرياضية والعقلية التي تساعد الأطفال على الاندماج وتأهلهم لتجاوز الأزمة التي مروا بها سابقاً "تكون استجابة الأطفال مختلفة للصدمة النفسية، فيجد الطفل صعوبة في النوم، أحلام مخيفة وكوابيس، وأحياناً الأعـراض لا تظهر مباشـرة بعد الصدمة فقد تظهر بعد أيام أو أسابيع".

ومن أهم أساليب معالجة ما بعد الصدمة هو تقبل الاضطراب الذي يحصل للطفل، فالتحدث مع الأطفال داخل الأسرة أو المدرسة يساعدهم على التعايش مع الخبرة المؤلمة، فقد يعاني الأطفال ما بعد الصدمة من فقدان الثقة في الأخرين ما يؤثر على سلوكه الخارجي ومزاجه العام، فقد يكون عصبي ومتوتر وقلق أغلب الأوقات.

وأوضحت أنه من أهم الأساليب المتبعة في علاج الأطفال في مرحلة ما بعد الصدمة هي تشجيعهم على ممارسة الألعاب والرياضات التي اعتاد ممارستها والعمل معهم من خلال جلسات جماعية تهدف للتفريغ النفسي والانفعالي وتعديل السلوك الاجتماعي لديهم، بالإضافة لتقديم الإرشاد النفسي والاجتماعي للأسرة لمعرفة طرق التعامل مع أطفالها ما بعد الصدمة، وتوفير الأمن والأمان العاطفي والاجتماعي للأطفال من خلال إبعادهم عن الأماكن التي وقعت فيها الأحداث الصادمة أو الأزمات.