"نسيج نسوي"... مشروع يستهدف خلق جيل نسوي جديد

خلال الفترة الأخيرة كان للمبادرات الشابة دور مؤثر في العمل على قضايا النساء، وتمكنت من تحقيق انتشار بين المجموعات المتنوعة والمتباعدة، وامتلكت قدر من الجرأة في طرح الكثير من الأزمات الشائكة على وسائل التواصل المختلفة.

أسماء فتحي

القاهرة ـ يعد "نسيج نسوي" واحد من أهم المشاريع التي تمكنت من العمل مع المجموعات الشابة خلال العام الماضي والذي جمع بداخله عدد من المبادرات وصل عددها بنهاية العام لنحو 17 مجموعة نسوية شابة.

"نسيج نسوي" تجربة مختلفة تعزز من قدرات المجموعات الشابة وتعمل على مساعدتهم وفق ما حددوه من احتياجات لرسم خارطة تشاركية متكاتفة تمكنها بالفعل من خلق جيل جديد من الحركة النسوية قوي ومستقل وواعي ولديه من المعرفة ما يساعده على التأثير الفعلي على أرض الواقع.

وللتعرف أكثر على هذا المشروع الذي يشرف عليه وينفذه مركز تدوين لدراسات النوع الاجتماعي قمنا بتصوير عدة لقاءات مع أعضاء النسيج والقائمين عليه للتعرف على مخرجات عملهم خلال العام الأول من تنفيذه وخططهم للعام الجديد.

 

"بناء قدرات ودعم من المجتمع النسوي"

وقالت الدكتورة والمديرة التنفيذية لمركز تدوين لدراسات النوع الاجتماعي أمل فهمي أنهم اجتمعوا قبل انتشار وباء كورونا وناقشوا دورهم كمؤسسة نسوية في دعم وبناء قدرات المجموعات الشابة، خاصة أنه ومع الكوفيد كانوا الأكثر تأثيراً وانتشاراً وقدرة على نشر عدد من القضايا القوية عبر منصات التواصل المختلفة.

وكشفت أنهم كانوا على وعي كبير بأهمية إعطائهم كامل الحق في التقرير لذواتهم وأن تفكيرهم كان يتركز في سبل تقديم الدعم الذي تحتاجه المجموعات وتقرره لتجنب الاقتراب من فكرة السيطرة أو القيادة في معناها المتعارف عليه، والذي وقعت به الكثير من التجارب السابقة وكانت نتيجتها الفشل في تحقيق مخرج ملموس على أرض الواقع، مشيرة إلى أنهم انتهوا من كتابة مشروع وقاموا بعرضه على الجهات الداعمة ولكن تم رفضه لمرتين متتاليتين وتم قبوله في الثالثة.

وأكدت أن المشروع في بدايته كان يضم سبع مبادرات ووصل الآن إلى 17 مبادرة، وأنهم حينما قرروا العمل على هذا المشروع كانت لديهم أفكار وبعد لقاء المجموعات وجدوا أن احتياجاتهم مختلفة وهو ما تم في النهاية وتغير قدر كبير من الخطط المكتوبة مسبقاً.

وأوضحت أن السبب الرئيسي في نجاح نسيج نسوي يكمن في وجود بحث حقيقي لأشكال الدعم المؤسسي السابق والاستفادة من الخبرات الأخرى سواء السلبي منها أو الإيجابي، فضلاً عن الشراكة من اليوم الأول مع المجموعات فلم يتم اتخاذ أي قرار بمنأى عنهم، بالإضافة إلى عدم الرغبة في فرض أي نوع من الوصاية الذي ظل المبدأ الرئيسي لعمل فريق تدوين، لافتةً إلى أن هناك الكثير من الأنشطة التي قررت خلالها المجموعات عدم المشاركة بها لأسباب ترجع لها.

وأوضحت الدكتورة أمل فهمي أنهم نتيجة اختلاف المجموعات في تكوينها وأسلوب عملها وعدد أعضائها لجئوا للقاءات الفردية مع المدرب، وكان هناك اتفاق على مخرجات مع مجموعات تتمثل في الانتهاء لخطة استراتيجية وخطة أنشطة سنوية وهو ما تم فعلياً كبداية.

وكشفت أنهم اختاروا المدربين بعناية لضرورة وجود محترفين للتعامل مع هذه المجموعة، بالإضافة إلى عقد عدة لقاءات معهم لتعريفهم بالمستهدف من التدريب وطبيعة نسيج نسوي وإطلاق برامج مخصصة لكل مبادرة تناسب ما تقوم به على الأرض.

وأكدت أن أزمة المجتمع المدني تقتصر فقط على تدريب المجموعات والأفراد، لكن لا يتم النزول بالأمر لحيز التنفيذ الفعلي على الأرض وفي النسيج يتم تنفيذ التدريبات ومتابعة المجموعات بالممارسة الفعلية ومنها كتابة المشروعات على سبيل المثال كما تم طرح حملة للراغبين كتطبيق عملي لحملات المناصرة التشاركية وهو ما أثقلهم بالخبرة وتنمية تلك المهارة.

 

 

في العام الجديد سيصبح النسيج أكثر تماسكاً بممارسة وتنفيذ الأنشطة

أكدت نائلة رفعت التي عملت لنحو 40 عام في مجال التنمية في مؤسسات دولية ومحلية وتعمل حالياً خبيرة مع تدوين في مشروع نسيج نسوي، أن بداية العمل مع النسيج كان من خلال لقاءها مع مجموعة من المبادرات النسوية التي خلقت في ظروف مختلفة ولكنهم يمتلكون حماسة اتضحت منذ الوهلة الأولى.

وأضافت أنها خلال عملها معهم على التخطيط الاستراتيجي وجدت بينهم نماذج رائعة، متوقعة أن دخولهم لمجتمع الممارسة سيحدث حراك حقيقي في الوسط النسوي لأنهم متفقين على مجموعة من القيم يمارسونها ومهتمين بتحقيقها.

وكشفت أنها في تدريب نهاية العام الأول تأكدت أن تلك المجموعات أصبحوا فعلياً نسيج وبه مجموعة أساسية سيكون لها عمل مهم خلال الفترة المقبلة لكونهم يعلمون جيداً احتياجاتهم وقدراتهم ومحددين لأهدافهم.

وبينت أن العام المقبل سيشهد تنفيذ أنشطة بعض المبادرات التي شاركوها مع النسيج، وأنها ترى تلك المجموعة مختلفة وبها زخم ومعرفة ومهارات متنوعة، مؤكدةً أن العام الجديد سيشهد تماسك أكبر لبعض أعضاء النسيج.

 

 

"تحديد الاحتياجات للخروج باستراتيجية وخطة تنفيذية"

وقالت المديرة التنفيذية للمبادرة آمنة بمحافظة أسيوط وواحدة من عضوات النسيج هبة ممتاز إن تدوين لدراسات النوع الاجتماعي طرح استمارة أعلنوا خلالها أنهم يرغبون في التشبيك مع مبادرات من جميع أنحاء مصر وأنهم في المبادرة قاموا بتعبئة النموذج وتم التواصل معهم وإخطارهم بالقبول وتمت المتابعة حتى تم اللقاء الأول الذي كان مخصص لتحديد احتياجاتهم.

وأوضحت أن هذا اللقاء تم خلاله مجموعة من ورش العمل انتهت بموافقة الجميع على احتياجهم لسلسة من التدريبات تراوحت من 10 إلى 15 وتم رفع الأمر لتدوين لبحث تنفيذه.

وأشارت إلى أنهم تلقوا العديد من التدريبات ومنها التخطيط الاستراتيجي والوقوف على الأهداف الرئيسية والفرعية والتعرف عليها، فضلاً عن تحديد الرؤية والرسالة واللغة الحساسة للنوع الاجتماعي، وكتابة المشروعات وغيرها من التدريبات التي ساعدت المبادرات في النهوض والفاعلية بشكل أكبر.

وأكدت أنهم في مبادرة آمنة استفادوا بدرجة كبيرة من التدريبات وأن القائمين على المشروع فتحوا لهم آفاق عديدة بداية من المعرفة والتعلم وصولاً لحضور لقاءات ونقاشات داخل السفارات المختلفة، فضلاً عن فتح المجال التشبيك فيما بينهم على حملات ومواقف وبيانات تعبر عنهم فعلياً.

 

 

"الخوف من التنافسية لنقطة قوى"

أوضحت المحامية والمديرة التنفيذية لمبادرة صوت لدعم حقوق المرأة نهى سيد أن انضمامهم لمشروع نسيج نسوي جاء عن طريق ترشيح من مبادرة أخرى، وأنهم منذ الوهلة الأولى لحضورهم لمسوا حالة من الألفة والتنافسية البناءة مع المجموعة، لافتة أنه وقبل بداية هذا المشروع أيقنوا أنه متكامل وسينجح.

وبينت أنه عبارة عن نسيج من بعض المبادرات والكيانات يسمح لهم بالتواجد في خلية واحدة من أجل التكامل، مشيرة إلى أنهم ومنذ البداية وجدوا اهتمام كبير من القائمين على المشروع وخطوات ثابتة بداية من تعريف كل مجموعة لمبادرتهم والوقوف على القصور للعمل من أجل استكماله.

وأضافت أن التدريبات أثرت على فريق عملهم بشكل أساسي وأصبح الفريق يجتمع من أجل تطوير ذاته والارتقاء بالرؤية والرسالة والأهداف والتأكد من وضوحها والتفكير توجه نحو المستقبل أكثر من تركيزه على التفاصيل الفرعية المتجزئة من سياقها وكل ذلك نتيجة تدريب التخطيط الاستراتيجي الذي حصلوا عليه في مشروع "نسيج نسوي".

واعتبرت أن وجودهم بالنسيج عرفهم بمبادرات أخرى وفتح آفاق للشراكة فيما بينهم لأهمية ذلك، موضحةً أن أحد أهم مخاوفهم كانت تتعلق بعدم ظهور عملهم وسط مبادرات أخرى، إلا أن الأمر تغير مع الوقت وتحول لنقطة قوة في عملية الإحالة التي تتم مع المبادرات الأخرى.

وأضافت أن أهم ما في الأمر أن القائمين على المشروع يتركون كامل الحرية لأعضائه في التقرير لذواتهم وأن التوجيه أغلبه إن حدث يأتي بطلب من الراغبين فيه بعد إمعان التفكير لفارق الخبرة والمعرفة.