عنصرية الأجور تطارد المرأة العاملة في إدلب

تزداد معاناة النساء في الحياة العملية في إدلب، كما أصبح سوق العمل على وجه الخصوص أحد المجالات التي يزداد فيها عدم المساواة بالأجور.

هديل العمر
إدلب ـ
تواجه المرأة في إدلب تحديات عديدة في مجال الوظائف والأعمال ولعل الأسوأ فيها ما يتعلق بعدم المساواة في الأجور مقارنة مع الرجل رغم التوازي بالجهد وعدد ساعات العمل، ما يشعرها بالظلم وسط محدودية قدرتها على المطالبة بالتساوي في الأجور، كل ذلك بالتزامن مع ضيق الفرص وقلة مصادر الدخل.
لم تكن سلوى الجع 36 عاماً تعلم أنها تتقاضى أقل الأجور بين العمال مع زميلات عمل أخريات بعد ساعات عملها المجهدة والطويلة في إحدى معامل الألبان والأجبان الكائن في مدينة سرمدا شمال إدلب.
وقالت إن المعمل يضم عمالاً وعاملات ويتشارك الجميع في إنجاز العمل الذي يبدأ منذ ساعات الصباح الأولى وحتى الساعة الرابعة عصراً، وكل اعتقادها أن الأجور متساوية لتعلم صدفة فيما بعد أنها تحصل مع زميلاتها الإناث على أجرة أقل مقارنة بالعمال الذكور الآخرين.
وأوضحت أنها تتقاضى أجرتها بشكل أسبوعي، حيث تحصل على مبلغ 500 ليرة تركية مقابل 800 ليرة تركية للعمال الرجال، ومع ذلك لم تلجأ للاعتراض أو ترك العمل لحاجتها له ضمن ظروف حياتها الصعبة في مخيمات النزوح شمال إدلب.
وبينت أنها "لم أحصل على عملي في معمل الألبان هذا إلا بعد جهد وتعب، وبعد رحلة بحث طويلة، ولذلك لا يسعني الاعتراض على الأجر القليل لأنني لن أجد عملاً بديلاً بسهولة في بلد يعاني الصراع والغلاء وقلة فرص العمل، وهو ما جعلني أتغاضى مجبرة عن الأمر بشكل كلي رغم شعوري بالظلم والاستغلال".
أما العاملة في إحدى مشاغل الخياطة بمدينة إدلب روعة الصوراني 28 عاماً، فقد آثرت التمرد والمطالبة بتوحيد الأجور بين العمال والعاملات ذوي الأعمال المماثلة، غير أن طلبها بحقها بالمساواة قوبل بطردها وخسارتها لعملها.
وتقول إنها لم تستطع الصمت عن حقها رغم معرفتها المسبقة بالنتيجة "فأرباب العمل يستغلون حاجة المرأة للعمل من أجل إعالة أبنائها وسط الظروف الصعبة التي تعيشها ليتحكموا بالأجر وفق ما يناسبهم، ويحددوا الأجور على أهوائهم بلا رقيب أو حسيب".
وتتساءل "لما لا يعمل الرجل بذات أجر المرأة الضئيل، وبذات العمل المماثل، بينما على المرأة الرضوخ والرضى بأي أجر يحدد لها دون أن تتمكن من المطالبة بالمساواة خوفاً من خسارتها لعملها".
لا تشعر روعة الصوراني بالندم على مطالبتها بحقوقها بل تؤكد على أن المرأة يتوجب أن تحصل على حقها في الأجر المتساوي مع غيرها، وألا يبخس حقها ويضيع تعبها سدى، بل ينبغي أن يصل إلى مستوى جيد من التقدير والاحترام، مطالبة جميع العاملات في المنطقة بعدم الرضوخ للأمر الواقع، بل الدفاع عن حقوقهن المشروعة في الأجر الكريم والمساواة.
من جانبها قالت المرشدة النفسية والاجتماعية صفاء البيوشي 31 عاماً أن التمييز في الأجور يترك آثاراً سلبية على حياة المرأة المعيشية والنفسية ولا يمكن النهوض بواقع المرأة الاقتصادي طالما يقل أجرها بالمقارنة مع الرجل وتعامل على أنها درجة ثانية وثالثة ورابعة.
وشددت على ضرورة تعزيز المساواة في الأجور الذي من شأنه أن يساعد على التصدي للتمييز، ويساهم في النهوض بالمساواة بين الجنسين في عالم العمل، وبالتالي تغيير الصورة النمطية لتطلعات المرأة وأفضلياتها وقدراتها والحد من التبعية الاقتصادية للمرأة، ما يفضي لزيادة مكانتها في الأسرة والمجتمع، والتخفيف من خطر وقوع المرأة وأسرتها تحت خط الفقر.
وأكدت إن اللامساواة في الأجور مشكلة مستعصية في البلدان النامية، فمنذ أن ولجت المرأة مضمار العمل وهي تتقاضى بوجه عام أجراً أدنى من أجر الرجل، وأرجعت السبب لافتراض أرباب العمل أن المرأة ليست بحاجة إلى أجر يؤمن معيشتها باعتبار أن الزوج هو المعيل.
وأوضحت أن المرأة تعيش اليوم ظروفاً معيشية قاسية تلازمها منذ أعوام، خصوصاً النساء اللواتي فقدن المعيل في الحرب وغدون المسؤولات عن أسرهن وتكافحن وحدهن لتوفير أبسط متطلبات العيش، محاولات تحقيق اكتفاء أبنائهن رغم الصعوبات الكبيرة.
وأكد فريق "منسقو استجابة سورية" في بيان له، تزايد نسبة الفقر في مناطق الشمال السوري إلى مستويات جديدة، وارتفاع نسبة العائلات الواقعة تحت حدّ الفقر إلى 89.24%، وكذلك تزايد الجوع، لترتفع نسبة العائلات التي بلغت حدّ الجوع إلى 39.64%.