نسرين الأشقر: السياسة والطائفية والعنصرية التحديات التي واجهتها

بحماسها وجهودها وحبها للعمل النقابي، استطاعت نسرين الأشقر أن تكتسب ثقة الرجال والنساء على حد سواء لتنتصر في معركة نقابة المهن البصرية وتكون أول نقيبة امرأة في النقابة التي تأسست في العام 1951

كارولين بزي
بيروت ـ .
 
"لم يكن سهلاً الحصول على ثقة النقابة"
"لم يكن من السهل الحصول على ثقة النقابة والمنتسبين إليها" تقول نقيبة المهن البصرية نسرين الأشقر في حديث لوكالتنا، وتوضح "البداية كانت عندما ترشحت منذ أربع سنوات لمنصب عضو هيئة مكتب وكنت أول امرأة تفوز بهذا المقعد، وأول امرأة تدخل إلى هيئة المكتب، علماً أن النقابة تأسست في العام 1951 وللمصادفة هيئة المكتب لم تضم منذ تأسيسها حتى الأربع سنوات الماضية إلا رجال".
قلما نجد أشخاصاً يتمتعون بالكفاءة في لبنان يتسلمون مناصب بعيداً عن الواسطة، ولكن يبدو ما حصل مع نسرين الأشقر استثناء. إذ أنها شخصية نشيطة وناجحة وتتمتع بكاريزما كما خاضت المجال الإعلامي بتجربة إعلامية على قناة تلفزيون لبنان، ما لفت إليها الأنظار ولاسيما من زملائها، وتقول "كان هناك لفتة من قبل أعضاء النقابة إذ قاموا بزيارتي وطلبوا مني الترشح لوضع خبرتي الإعلامية في خدمة النقابة ودعمها، وبالفعل خلال الأربع سنوات الماضية سلطت الضوء على النقابة وعملها، من خلال وسائل الإعلام المتنوعة ومواقع التواصل الاجتماعي".
الجدية في العمل خلال السنوات الأربعة التي شغلت فيها منصب عضو هيئة المكتب في النقابة، دفعت زملاءها لأن يتنبهوا إلى جهودها، وحتى أولئك الذين كانوا في منافسة معها، وتقول "أعضاء هيئة المكتب يعترفون بجهودي، حتى الأشخاص الذين كانوا ينافسونني يعترفون بأنني شخصية نشيطة جداً، ومن ناحيتي لدي متعة في العمل النقابي وكنت أعمل بشغف وتحملت المسؤولية وكنت سعيدة بذلك". 
 
"نقابة المهن البصرية أول نقابة يفوز فيها المستقلون"
تعترف نسرين الأشقر بجهود الزملاء والنقباء السابقين وبأن كل واحد منهم ترك بصمته عندما تولى منصب النقيب، وتقول "لا شك أن كل نقيب ترك بصمة في مكان ما، مثل النقيب الذي اشترى مركز النقابة في مبنى السوديكو سكوير، أو النقيب السابق أحمد شري الذي صدر في عهده قانون تنظيم المهنة بعد عشرين عاماً من بقائه في أدراج مجلس النواب".
وتتابع "بعدما برزت كعضو هيئة مكتب في النقابة، أتمنى أن يكون عهدي هو العهد الذي ستبرز فيه نقابة المهن البصرية أكثر على كافة الصعد".
وتتحدث عن فكرة ترشحها عن منصب النقيب "قبل موعد انتخابات النقابة هذا العام طلب مني الزملاء الترشح لمنصب النقيب لأنهم يعتبرون أن ذلك في مصلحة النقابة، وبالفعل لبيت طلبهم وترشحت".
وتلفت إلى أن التحدي كان كبيراً، وتوضح "واجهت ثلاثة أشباح: الشبح الأول هو شبح السياسة بسبب وجود عدد كبير من الأحزاب والتي بغالبيتها اجتمعت ضدي، لأنني كنت أتكلم لغة مختلفة، كانت لغتي وحزبي هو مهنتي.. عندما ترشحت قمت بزيارة الزملاء على كافة الأراضي اللبنانية، بهدف الاطلاع على احتياجاتهم والظروف التي يمرون بها. كان بالنسبة لي التحدي الانتخابي في النقابة صورة مصغرة عن الانتخابات النيابية المقبلة".
وتوضح "إذا اصطف المثقفون والمتعلمون خلف أحزابهم وطوائفهم فلن نشهد أي تغيير بصورة الانتخابات النيابية، لكن إذا اتخذ هؤلاء الأشخاص لأنفسهم خيارات مستقلة، تبدأ التغييرات من النقابات. وتعتبر انتخابات نقابة المهن البصرية هي أول انتخابات يفوز فيها المستقلون. 
وتضيف "كما ذكرت السياسة هي الشبح الأول، الشبح الثاني كان شبح الطائفية والتحريض المذهبي، وهذا الأمر صدمني ولكن أود أن أحيي الوعي عند الناس التي لم تنجر إلى هذا الفكر المخيف لا بل أثار اشمئزازهم. 
أما الشبح الثالث، فهو العنصرية بما أنني سيدة مرشحة لهذا المنصب، ولكن كما كان هناك أشخاص يحاربونني لأنني امرأة، هناك أشخاص وثقوا بدوري ووقفوا إلى جانبي وساندوني لأنني امرأة إن كان رجال أو نساء، وأود أنا أحييهم وأشكرهم وأتمنى أن أكون عند حسن ظنهم".
 
"هذه هي التحديات الكبيرة التي تواجهنا في المهنة"
وتعبّر نسرين الأشقر عن رغبتها في أن تخطوا باقي النقابات على خطى الانتخابات في نقابتي المهن البصرية ونقابة المهندسين وصولاً إلى الانتخابات النيابية. 
تعترف نسرين الأشقر أن النقابة تعيش حالة استثنائية على كافة الصعد، وتقول "أنا اليوم في حالة استثنائية إذا لا يمكنني أن أعيش وكأن البلد بأفضل حال، في ظل الوضع القائم، أريد أن انطلق من الواقع لكي اساعد الزملاء. نحن أمام تحديات كبيرة في المهنة، أولاً نواجه أزمة الاستيراد، إذ نحن نفتقد لصناعة العدسات اللاصقة وحتى زجاج النظارات الطبية والشمسية. جميع منتجاتنا مستوردة أي علينا أن ندفع بالدولار الأميركي، الشركات كانت تبيع للمستهلك بالليرة اللبنانية اليوم اتخذت قرار البيع بالدولار الأميركي وهو ما يشكل أزمة لدى المستهلك. سأتخذ خلال المرحلة المقبلة خطوة جريئة، فمن ناحية سنتابع كيفية مساعدة الزملاء ووضع خطة من أجل الاستمرارية. أما التحدي الثاني فهو الخريجون الذين لم يجدوا عملاً لغاية الآن، وبالفعل بدأت بتوقيع اتفاقيات مع بلدان أخرى إن كان في أوروبا أو الدول العربية لإيجاد فرص عمل للخريجين، بالتأكيد لا نشجع على الهجرة ولكن الهدف أولاً أن نؤمن لهم وظيفة يستفيدون منها وثانياً سيساعدون لبنان بإرسال الدولار".
لم تنس نسرين الأشقر حماية المستهلك، وتقول "نحن نسعى لأن نجد أفضل نوعية للمستهلك بسعر مقبول"، وتسأل "هل نبيع نظارات أو عدسات لاصقة"، تجيب "لا، نحن نبيع نظر... وبالتالي المستهلك يدفع ثمن نظره، لذلك مسؤوليتنا أن نستثمر خبراتنا لكي نؤمن للمواطن نوعية جيدة وسعر مقبول". 
وتضيف "أجريت اجتماعات مع الجامعات لفتح آفاق جديدة للاختصاص، مثل اختصاص الـ Orthoptist أو "مقوم البصر" وهو اختصاص تدريب العين على تقوية العضل، الاختصاص الثاني هو Aesthetic Optometry هو عبارة عن البصريات الجمالية وذلك بهدف تجميل العين من إزالة الهالات السوداء حول العين وارتخاء الجفن وغير ذلك... وكذلك الدراسة في مجال العين الاصطناعية وهو ما نفتقده في لبنان وعملت مع الجامعات على خطة افتتاح هذه الأقسام، بالإضافة إلى اختصاص تدريب الأشخاص الذين أصبحوا على حافة العمى. 
كما أجري حالياً إحصاءات على الأرض حول عدد مراكز أو محلات بيع النظارات والعدسات اللاصقة الغير مسجلة في النقابة، إذ نسعى إلى فرض إلزامية الدخول إلى النقابة". وتشير إلى أن الخطوة المهمة هي ميدانية "سنقوم بمداهمة المحلات الغير شرعية التي تفتقد للاختصاصيين وتتاجر بعيون الناس وتنتحل شخصية الاختصاصي". 
 
"سأواجه التحديات بحكمة وإصرار وعزيمة"
وعن عمل نقابة المهن البصرية تقول "عمل كل النقابات هو الدفاع عن حقوق الاختصاصيين والمحافظة على حقوقهم وتنظيم أمورهم بين بعضهم البعض، ونسعى في نقابتنا أن نطوّر عملنا أكثر كي لا نكون نقابة شكلية فقط".
ورداً على سؤال حول قدرتها على مواجهة الصعاب، تقول "من كان على قدر من المسؤولية في مواجهة هذه الانتخابات الشرسة، حتماً سيكون قادراً على تحمل مسؤولية متابعة عمل النقابة ومتابعة التحديات التي سنواجهها بهدوء وبحكمة وإصرار وعزيمة". 
وتقول نقيبة المهن البصرية نسرين الأشقر في رسالة إلى المرأة "نعم أنت قادرة، نعم أنت مسؤولة، أنت قائدة وقيادية، ما يثبت قدرتك القول المأثور المرأة التي تهز السرير بيمينها تهز العالم بيسارها، سأقول أكثر إذا كانت عندما تهز السرير بيمينها فقط هي تهز العالم بيسارها، اليوم مع كل المسؤوليات التي تتحملها المرأة من تربية الأطفال إلى العمل داخل وخارج المنزل، من تستطيع أن تقوم بكل هذه المسؤوليات في وقت واحد ستستطيع حتماً أن تتحمل مسؤولية هي أقل إرهاقاً من الدور الذي تقوم به. أقول لكل امرأة أنتِ قادرة ونحن نثق بك، وأينما حللت في أي مركز فلتتحلي بالإصرار والثقة بالنفس، وتثقي بأنك قادرة على الوصول إلى كل المناصب".