نساء وأطفال ضحايا الصيادلة في إدلب

في ظل الحرب الدائرة منذ عدة سنوات انتشرت العديد من الظواهر التي أثرت على أفراد المجتمع، ومنها ظاهرة انتشار الصيدليات العشوائية حيث يعمد أشخاص لا يحملون شهادات جامعية لافتتاح صيدليات والعمل في المجال الطبي لكسب الربح.

لينا الخطيب

إدلب ـ تقع الكثير من النساء والأطفال ضحايا أخطاء من يدعون أنفسهم بالصيادلة في ريف إدلب، ولكنّهم في واقع الحال لا يملكون أيّ شهادات أو خبرات تؤهلهم لبيع الدواء ووصفه للمرضى، بل يسعون للربح المادي دون الاكتراث لصحة الأهالي وسلامتهم.

كاد الطفل وليد الحجي البالغ من العمر ثلاث سنوات، يفقد حياته بعد زيارة والدتها بيان العثمان لإحدى الصيدليات القريبة من المخيم الذي تقطنه، وعن ذلك قالت "أعيش في مخيم عشوائي يخلو من النقاط الطبية، وبسبب بعد النقاط الطبية وغلاء أجرة الكشف الأطباء، لجأت لصيدلية قريبة من المخيم لعلاج طفلي الذي أصيب بالزكام والتهاب البلعوم، حيث قام صاحب الصيدلية بمنحي بعض الأدوية، وبعد استعمالها ساءت حالة الطفل الذي أصيب بارتفاع حرارة واختلاج، وعند عرضه على طبيب أطفال أخبرني أن الدواء لا يستعمل للأطفال، ما أدى لسوء حالته الصحية".

وبينت أنها علمت لاحقاً أن صاحب الصيدلية هو ممرض تعدى على مهنة الصيدلة لجني الأرباح، لذلك تنتقد ظاهرة الصيدليات المخالفة التي تعتبرها استخفافاً بحياة الناس لتحقيق الأرباح المادية "لقد أصبحت حياتنا دون قيمة، حتى لم يعد من المستبعد أن نموت بحبة دواء".

إن كان الطفل وليد الحجي قد نجى من الموت إلا أن سامية الأصلان (24) عاماً فقدت جنينها بعد تناول حبوب اشترتها من أحد الصيادلة للعلاج من مرض الالتهاب الكلوي، وعن ذلك قالت "كنت في الشهر الثالث من الحمل حين شعرت بآلام شديدة في البطن والظهر، وعند زيارة الطبيب أخبرني أنني أعاني من التهاب في الكلية، ووصف لي الأدوية المناسبة، وعند صرف الوصفة الطبية من إحدى الصيدليات، قام الصيدلي بتغيير الدواء واستبداله بدواء آخر له ذات الفعالية بحسب تعبيره"، مبينة أنها بعد تناول الدواء لعدة أيام، تعرضت للإجهاض، وفي المشفى أخبرتها الطبيبة المعالجة أن الدواء الذي تتناوله لا يوصف للنساء الحوامل.

وأوضحت أنها قامت مع زوجها برفع دعوى قضائية على الصيدلي، لكنه توقف لعدة أيام ثم عاد إلى عمله مجدداً، وكأن شيئاً لم يكن.

عامرة السيد (62) عاماً من مدينة إدلب، وقعت أيضاً ضحية بائعي الدواء، حيث قالت "كنت أعاني من كريب وسعال شديد، فلجأت إلى الصيدلي القريب من منزلي، فقام بإعطائي إبرة ديكلوفيناك (ديكلون) المسكنة، لتسوء حالتي الصحية بعد ذلك بشكل كبير، فقام زوجي بإسعافي إلى المشفى المركزي في المدينة، وهناك أكد الأطباء أني مريضة بالضغط والسكري، وحذروني من استخدام الإبرة بسبب آثارها الجانبية على مرضى الضغط".

وأوضحت أنها تقصد الصيدليات بشكل مستمر للحصول على حاجتها من الدواء دون استشارة الطبيب، بسبب ارتفاع كشفية الأطباء في المنطقة والتي تصل إلى 5 دولارات أحياناً، وهو المبلغ الذي يعجز عن دفعه الكثيرون في ظل الفقر المدقع الذي تعيشه المنطقة.

من جانبها أوضحت الطبيبة فاطمة الغزال (41) عاماً نازحة من مدينة حلب إلى مدينة إدلب، مخاطر الصيدليات العشوائية "الصيدلة مهنة حساسة، وقد تؤدي أخطاؤها إلى أثمان تمس حياة الناس، ولكن خلال سنوات الحرب ونتيجة ضعف الرقابة، عمد أشخاص لا يحملون شهادات جامعية لافتتاح صيدليات والعمل في المجال الطبي لكسب الربح".

وحذرت الطبيبة من موضوع انتشار الصيدليات العشوائية وأخطاء الصيادلة في تبديل الدواء في كثير من الأحيان، ووصف الدواء للمريض بدون تشخيص طبي، الأمر الذي قد يوقع الصيدلي والمريض في خطأ طبي نتيجة التشخيص الخاطئ، مؤكدة أن هؤلاء المتطفلين على مهنة الصيدلة يقومون أيضاً ببيع الأدوية النفسية والمخدرة دون وصفة طبية.

وبينت أن مغادرة الخريجين دفع الكثيرين ممن لا يملكون شهادات جامعية لافتتاح صيدليات، إضافة إلى قلة عدد المستشفيات والنقاط الطبية التي تتعرض للقصف بشكل مستمر، ما يجعل هذه الصيدليات تحظى بإقبال من قبل المدنيين.

وأضافت "من المستحيل أن يتم ضبط هذا الموضوع، لأنّ معظم الصيادلة غير المجازين يتسترون بشهادة صيدلي مجاز، أو من خلال استئجار شهادة صيدلي مجاز، وعند المساءلة ستكون ضمن الصيدليات القانونية".