نساء تنظمن أنفسهن ضد العنف الاقتصادي

أكدت خديجة محمود أنه مقارنة بالسنوات السابقة، خطت المرأة العربية اليوم خطوة ملحوظة في مجال الاقتصاد، وعندما تتاح لها الفرصة تحقق إنجازات قيمة.

سوركول شيخو

الحسكة ـ التفاوت المالي الذي يواجهه الأفراد والأسر والتضخم الاقتصادي الذي يؤثر على حياتهم يجعل من الصعب كسب لقمة العيش، وبسبب الأزمة التي تعيشها سوريا تم فرض الحصار على مناطق شمال وشرق سوريا وإغلاق البوابات والمعابر الحدودية الإنسانية والتجارية مثل تل كوجر، فضلاً عن هجمات الاحتلال التركي واستهداف المؤسسات، ولكن رغم ذلك فإن بعض النساء وجدن طريقاً للخروج من الأزمة الاقتصادية وتخطي الذهنية الذكورية وتكن قادرات على الدعم والحد من آثارها على الأسرة والمجتمع.

اضطرت خديجة محمود للنزوح من مدينة الحسكة بشمال وشرق سوريا، إلى ناحية تل تمر مع بداية الثورة التي انطلقت من مدينة درعا، وعُرفت بـ "ربيع الشعوب"، وتحولت فيما بعد إلى صراع مسلح ووصلت شرارته إلى كافة مدن سوريا.

وتعيش خديجة محمود مع فتياتها الأربعة وابنيها، الأكبر منهم قُتل وهو في الخامسة والعشرين من عمره، في مدينة الحسكة أثناء عمله مع والده في المخبز نتيجة إطلاق النار العشوائي بين حكومة دمشق ومرتزقة الجيش الحر.

ومثل أي امرأة أخرى، عانت كثيراً بسبب العادات والتقاليد المجتمعية البالية، لكنها لم تسمح لذلك الألم أن يؤثر على حياتها بشكل عام، ومع بداية ثورة المرأة في روج آفا وبهدف دعم زوجها، ووضع بصمتها في سوق العمل فأدارت مع زوجها فرناً لصنع خبز التنور، وفي كل صباح، يشم الرجال والنساء والأطفال رائحة خبز التنور التي تفوح وتملأ الشارع. الخبز الذي تعده بشغف تحبه النساء، والجميع يعرفها بسبب الخبز الذي تصنعه.

وعن بداية دخولها عالم العمل، تقول "مع بداية الأزمة السورية تأثرت منطقتنا أيضاً، وقل عدد العمال وهذا أثر على المخبز الذي كان يديره زوجي، فاقترحت عليه أن نعمل معاً في المخبز، قبل بالاقتراح وكانت هذه تجربتي الأولى في مجال العمل، ويمكنني أيضاً إدارة المخابز والعمل فيها".

 

العنف الاقتصادي ضد المرأة في المجتمع

وأوضحت أن المجتمع والذهنية الذكورية يجعلان المرأة تتوجه إلى طرق لا تليق بها "بالنسبة لي، العمل في مخبز أفضل من الذهاب للتسول. إن ما يدفع النساء إلى التسول هي نظرة المجتمع الخاطئة، كما أن عدم وجود بيئة آمنة وداعمة هو السبب الأساسي لذلك، ولكن عندما ترى المرأة أنه بإمكانها العمل في المصانع والمجتمع يساعدها، فإنها ستتحلى بالقوة وستعمل بجد، المرأة في مجتمعنا تحتاج إلى الدعم لتتمكن من بناء المشاريع وهذا لا يمكن أن يتم بيد واحدة، وهذا ما يسمونه بالعنف الاقتصادي ضد المرأة، لكن وعي المرأة والرجل قد تغير، لذا يجب على المجتمع أيضاً أن يساعدنا على خوض هذه المعركة معاً".

 

"غالبية المشاكل الاجتماعية أسبابها اقتصادية"

وشددت خديجة محمود على أهمية الاقتصاد المستقل للمرأة "من المهم أن يكون للمرأة اقتصاد مستقل وأن تكون عاملاً أساسياً في بناء المشاريع، فإذا كان لها اقتصاد خاص يمكنها أن تفتح العديد من المشاريع التي تخدم المجتمع، ولأنه ليس كل النساء لديهن تمويل خاص، فالمشاكل التي تنشأ في الأسرة أسبابها اقتصادية. يجب أن يكون للمرأة الحق في المشاركة بتنمية الاقتصاد ولعب دورها".

وطالبت النساء بعدم القبول بانتهاك حقوقهن "المرأة تتمتع بشخصية قوية، يمكنها أن تفعل ما تريد وعليها أن تؤمن بقوتها. نأمل من اقتصاد المرأة في روج آفا دعم ومساندة جميع النساء ومساعدتهن حتى لا تبقين مهمشات وتشاركن في تنمية الاقتصاد المحلي، ونظراً للمرحلة التي نمر بها اليوم، هناك حاجة إلى المساواة بين الرجل والمرأة. مقارنة بالسنوات السابقة، خطت المرأة العربية اليوم خطوة ملحوظة في مجال الاقتصاد، وعندما تتاح لها الفرصة تحقق إنجازات قيمة".