نساء سري كانيه... حكاية صمود
في ظل صمت دولي وحصار خانق فرضه الاحتلال التركي على مدينة رأس العين/سري كانيه بشمال وشرق سوريا، تفاقمت الأوضاع الإنسانية في المدينة، وحجبت الرؤية عن حالة إنسانية في غاية الخطورة تعاني منها نساء المدينة
سري كانيه ـ ، ولا يقتصر الوضع عليهن فقط بل طال النازحات مع عائلاتهن من مناطق أخرى.
"تعيش نساء سري كانيه أوضاع إنسانية مأساوية ويواجهن معاناة لا توصف فمن جهة يسيطر الاحتلال التركي ومرتزقته على المدينة ومن جهة أخرى تعاني من ارتفاع أسعار المواد والسلع الغذائية، بالإضافة لحرمانهن من حقهن في العمل وذلك من خلال بث الرعب والخوف في صفوفهن، فهن يعشن في مدينة يجوب شوارعها مرتزقة لم يكتفوا بسلب الأمن والأمان من أحيائها بل سرقوا أيضاً منازلها وهجروا أهلها وقتلوا شبابها بذريعة محاربة الإرهاب"، بهذه العبارات استهلت المعلمة المتقاعدة (م. ج) البالغة من العمر 55 عاماً حديثها مع وكالتنا وكالة أنباء المرأة.
وقالت "اختلفت الحياة كثيراً بعد يوم 9 تشرين الأول عام 2019، لم أعد اشعر بالأمان، وكيف يحصل ذلك وأنا أراهم يسرقون منزلي أمام ناظري ومنزل جارتي التي تعيل أطفالها الأيتام بحجة عملها في الإدارة الذاتية".
وتضيف حول معاناة النساء على وجه الخصوص "مرتزقة الاحتلال ضيقوا الخناق على النساء، فالمرأة لم تعد قادرة على تلبية احتياجات أسرتها من غذاء وكساء أو حتى دواء خصوصاً في ظل الوضع الصحي الراهن بسبب جائحة كورونا، فهي لم تعد تملك الجرأة الكافية للخروج والعمل في الحقل خصوصاً إذا كانت من ذوات الدخل المحدود، أو حتى مغادرة منزلها والقيام بزياراتها المعتادة إلى أقاربها أو جيرانها".
وفي حديثها عن الوضع الذي تعيشه المنطقة منذ احتلالها قالت "لم تعد المرأة تمتلك تلك الحقوق أو الحريات التي تخولها القيام بدورها كمعيلة لأسرة، أصبحت الأولوية للرجال في العمل، النساء يعشن في بيوتهن كأنهن سجينات فخروجهن يعرضهن لكثير من المخاطر نظراً لانعدام الأمان، كما أن على المرأة إعطاء شرحاً مفصلاً عن وجهتها إن هي خرجت من بيتها، يحاولون سلب حقوقها وتهيئتها لقوانين تجعل منها كائن ولود فقط بلا إرادة أو دور".
أما عن الوضع المعيشي التي تقبع تحته نساء رأس العين/سري كانيه أكدت (م، ج) "تركيا تحاول التستر على أفعال مرتزقتها بالقليل من المساعدات، لسنا بحاجة لمساعداتها فالأراضي التي تمت مصادرتها من قبل مرتزقتها كانت كفيلة بتأمين العمل والغذاء لجميع العائلات".
لم تسلم المرأة من انتهاكات الاحتلال ومرتزقته في ظل شح المياه التي احتكروها لسقاية الأراضي التي صادروها من الأهالي هذا ما عقبت عليه (س، ع) البالغة من 45 عاماً "اضطر لنقل المياه عبر أربع أحياء أحياناً في حال وجدت ماء في بيت أحد الأقارب، وإذا لم أجد فأنا مجبرة للذهاب إلى مناهل المياه التي تقع خارج المدينة مع أطفالي".
وبكلمات خجولة ترددت بنطقها قالت "في كثير من الأحيان وأنا في طريقي إلى المنهل اتعرض للمضايقات منها اللفظي وأحيانا الجسدي، بت أخاف من إرسال بناتي لقضاء بعض الحوائج خارج المنزل، الوضع أصبح كابوس بالنسبة للمرأة خصوصاً".
وأضافت "منذ أقل من عام تقريباً تم تهديدي بأخذ ابنتي عنوة والزواج منها قسراً وهي لم تتجاوز الـ 16 عاماً، ومنذ ذلك اليوم وأنا أحاول في كثير من الأوقات إبقائها بعيداً عن أنظارهم، لذلك ادخلها في غرفة صغيرة داخل المنزل حتى يذهبوا".
أما عن الوضع التعليمي تقول (س، ع) "نسي أطفالي المدرسة في مثل هذه الظروف، لكني أحاول في بعض الأحيان أن أعلمهم بعض ما تعلمت عندما كنت في المدرسة، فأنا كغيري من الأمهات أتمنى أن يبقى أطفالي على صلة بالعلم".
أما (ن، ح) البالغة من العمر 26 عاماً فالوضع يختلف لديها تماماً فهي تعاني مرض فشل الكلى فتقول "في كل مرة اتلقى فيها العلاج أعاني مرارة المرض مرتين الأولى عندما اغسل الكلى والثانية وأنا في طريقي للوصول إلى مراكز العلاج خصوصاً في ظل هذا الحصار الخانق".
وتضيف "بات معروفاً لديهم أنني أعاني من مرض الفشل الكلوي لكن في كل مرة يعرقلون وصولي للعلاج، فالمدينة لم يعد فيها مستشفيات تخدم مرضى الفشل الكلوي، لذلك نضطر لمغادرة المدينة في كل مرة".
وأكملت "لم أكن أعلم أنني أعاني من الفشل الكلوي بسبب عدم وجود أطباء في المدينة، فالخدمات الطبية قليلة وإذا كنت تعاني من أعراض أي مرض فليس لك إلا أن تقصد الصيدلاني حيث يمكن أن يصف لك بعض الأدوية المسكنة ليس إلا".
واختتمت حديثها بالقول "كنت اعتمد على الأدوية التي وصفها الصيدلاني لكني لم أشعر بأي تحسن، وبعد محاولات عديدة سمحوا لي بالوصول إلى أحد أطباء المدينة، وهو من أخبرني أني أعاني من الفشل الكلوي وأنه يجب عليّ أن أغسل الكلى أو أزرع لأن الكلى لدي لم تعد قادرة على أداء وظائفها".