نساء شرق كردستان تعدن بالذاكرة إلى انتفاضة 22 شباط

في 22 شباط من عام 1999، تحيا ذكرى مجزرة مدينة سنه بشرق كردستان في أذهان أهالي المدينة، المجزرة التي حدثت نتيجة وحدة الشعب ضد المؤامرة الدولية التي حيكت ضد القائد عبد الله أوجلان.

هيما راد

سنه ـ بعد اعتقال القائد عبد الله أوجلان في 15 شباط/فبراير 1999، عندما كان في طريقه إلى كينيا للسفر إلى دولة أفريقية أخرى، انتفض الأهالي في أجزاء كردستان الأربعة احتجاجاً على المؤامرة الدولية التي حيكت ضده.

في 22 شباط/فبراير 1999، خرج أهالي مدن شرق كردستان خاصة مدينة سنه إلى الشوارع تنديداً باعتقال القائد عبد الله أوجلان، وقابلتهم السلطات الإيرانية بمجازر راح ضحيتها عشرات المدنيين، واعتقل العديد منهم. 

وتحدثت وكالتنا مع شهود العيان الذين بعد 24 عاماً مازالوا يتذكرون الممارسات الممنهجة للجمهورية الإسلامية، معتبرين ذلك اليوم يوماً مشؤوماً.

 

"آسو" أولى ضحايا الانتفاضة

(س. ت) إحدى شهود العيان التي شاركت في الانتفاضة تقول "في 22 شباط 1999 الساعة التاسعة صباحاً، تجمع الأهالي في ساحة آزادي (ساحة الحرية)، وكان الشعار الأول الذي رددوه هو "الموت للدولة التركية"، وبعد هذا الشعار وصلت قوات الشرطة وهاجمتنا بالهراوات، فتفرقنا على طول شارع فردوسي، وذهب بعضهم إلى حي قطارجیان، وذهب بعضهم إلى شارع شابور، وشارع ششم بهمن (شارع 26 يناير)".

وأشارت إلى أن قوات الشرطة هاجمت المواطنين/ات بالغاز المسيل للدموع، لكن الأهالي دافعوا عن أنفسهم بإلقاء الحجارة الصغيرة فقط، لافتةً إلى أن قوات الشرطة قامت بإطلاق النار على المحتجين/ات وكانت أول من استشهدت فتاة تدعى "آسو" في شارع فردوسي، وأثار مقتل الفتاة والعديد من الأشخاص غضب الأهالي فأضرموا النار بسيارة قاضي محكمة يقطن في شارع ششم بهمن.

وأوضحت أنه فجأة امتلأت المدينة بقوات الحرس الخاصة التي كانت وظيفتها ضرب الأهالي بالهراوات. وفي حي قطارجيان (أحد الأحياء القديمة لمدينة سنه)، فتح بعض الأهالي أبواب منازلهم لإنقاذ المحتجين وإيوائهم. الغاز المسيل للدموع وصوت طلقات الرصاص جعلتا أجواء الحي مرعبة.

 

"أطلقوا الغاز المسيل للدموع بطائرة هليكوبتر"

وبينت (س. ت) أنه كان هناك كاميرا تصور المحتجين لكن لم يتضح لهم ما إذا كانت الكاميرا تابعة لمحطة إذاعة أو لقوات الشرطة، فألقى شاب حجراً على الكاميرا وكسرها.

وفي حي قطارجيان، كانت هناك مروحية تحوم فوق رؤوس الأهالي، وألقت الغاز المسيل للدموع عليهم، وتعرضوا للتسمم وتم القبض على العديد منهم، بحسب ما أكدته (س. ت).

وبالرغم من أن الشعب خرج إلى الشارع من أجل دعم القائد عبد الله أوجلان مطالبين بإطلاق سراحه، لم يرفعوا أي شعارات ضد الحكومة الإيرانية، إلا أن عداء الحكومة تجاه الشعب خاصةً الكرد يجعلها تعارض أي شيء يقومون به.

وأضافت "بعد ذلك اليوم، توجهت قوات الشرطة إلى المدارس الإعدادية وثانويات البنات ودققت في قائمة الحضور والغياب في يوم 22 شباط، ولم يكشف أي مدير في أي مدرسة غياب الطلاب باستثناء مدرسة واحدة فقد كشفت غياب العديد من الطالبات من بينهن هايدة بهرامي التي تقطن في حي شريف آباد بمدينة سنه، فاعتقلوها وتعرضت للاغتصاب في السجن".

وأوضحت أنه في 22 شباط استمرت الاحتجاجات حتى الرابعة مساءً، وقُتل واعتقل الكثير من المحتجين، منهم من ماتوا بسبب الاختناق "تم ربط طفل بشجرة بالقرب من سد وحدت وقُتل رمياً بالرصاص، وكانت عائلته تبحث عنه لفترة طويلة. والتقطت قوات الشرطة صوراً للمحتجين وبعد ذلك تم التعرف عليهم فاعتقلتهم".

 

مقتل واعتقال العديد من المحتجين

تقول شاهدة عيان أخرى تدعى (ش. ن) "في ذلك الوقت، كنت في الصف الخامس بمدرسة آزادجان في شارع سرا شيخان، انطلقت الحشود من حي الخامس والعشرين، ووصلت إلى شارع سرا شيخان حيث كانت مدرستنا، رأينا من نوافذ المدرسة كيف ضرب الضباط الأهالي بالهراوات والأسلحة".

وأضافت "كانت أجواء المدرسة متوترة للغاية وتجمع المعلمون/ات في باحة المدرسة في حالة من الذعر، كان الكثير منهم يخشون أن يكون أبنائهم وبناتهم مشاركين في الاحتجاجات وأن شيئاً سيئاً حدث لهم. في ذلك الوقت، لم يكن هناك إنترنت وقطعوا الاتصالات ولم نكن نعلم ما يحدث إلا إذا رأيناه بأعيننا أو ينقل لنا أحداً ما الأخبار. عندما عاد أبناء المعلمين/ات أخبروهم عن مقتل العديد من الأشخاص في الشوارع".

وأشارت إلى أنه "في 22 شباط 1999، ترددت أنباء كثيرة عن مقتل واعتقال العديد من المحتجين، الأمر الذي أثار غضب الأهالي. في اليوم التالي، قام الأهالي بإلقاء أحد المنضمين إلى قوى الأمن من على جسر مردوخ في مدينة سنه".

 

"محافظ المدينة أمر بإعدام الكثيرين"

وأكدت (ش. ن) أن محافظ المدينة في ذلك العام والذي يدعى رمضان زاده أمر بإعدام العديد من المحتجين، مضيفةً "بسبب نقص وسائل الإعلام التي تعكس إحصائيات القتلى والجرحى والمعتقلين، كان الناس قد لاحظوا الأحداث في وقت متأخر جداً، وجرائم القتل الوحشية التي كان من الممكن أن تسبب الكثير من ردود الفعل لو حدثت الآن، وربما لو كان هناك في ذلك الوقت وسائل إعلام، كانت ثورة جينا أميني ستحدث قبل ذلك بكثير".

استمرت الاحتجاجات في الأيام التي أعقبت 22 شباط/فبراير 1999، وعن ذلك تقول "سمعت أنباء مروعة عن مقتل الشباب/ات، وتم العثور على جثث هامدة في سد وحدت بمدينة سنه، وأخرى تحت الجسور وفي كل مكان من المدينة، وتعرض الكثير من الشباب والشابات الذين اعتقلوا للتعذيب في سجون السلطات الإيرانية، وربما لا يزال الكثير منهم رهن الاعتقال".

 

"خرجوا دون أي دعوة مسبقة"

وبحسب الإحصائيات فإن انتفاضة 22 شباط التي اندلعت في مدينة سنه بشرق كردستان، أدت إلى مقتل ما لا يقل عن 70 شخصاً بنيران مباشرة من قبل قوات الأمن، ومنهم من قتلوا بسرية وبطرق مروعة.

وعلى الرغم من أن مختلف الأعمار شاركوا في هذه الانتفاضة، إلا أن معظم المشاركين كانوا من الشباب والشابات والأطفال في المدارس الذين تدفقوا إلى الشوارع دون أي دعوة أو خطة محددة مسبقاً.

وكان المحتجين على اعتقال القائد عبد الله أوجلان حاضرين في كل مكان من شرق كردستان وإيران، وكانت هذه الاحتجاجات ليس فقط في مدينة سنه بل في مدن أخرى مثل کامیاران، مریوان، ماکو، أورمیة "شهدنا مجازر للأهالي هناك وكان عدد الاعتقالات مرتفع، بحيث كانت جميع المنشآت العسكرية والسجون في كامياران ممتلئة بالمعتقلين ولم يكن لهم مكان".