نساء جنوب لبنان: لهذه الأسباب لن نغادر بلداتنا

الحرب المستمرة بين القوات الإسرائيلية وحركة حماس تعدت حدود قطاع غزة لتطال الجنوب اللبناني، حيث يعيش المدنيين هناك حالة من الخوف والقلق والترقب الدائم خوفاً من القذائف التي طالت مدنهم وقراهم.

فاديا جمعة

بيروت ـ نساء جنوب لبنان تواجهن تداعيات الحرب المستمرة بين القوات الإسرائيلية وحركة حماس، في خوف وقلق من النزوح في البرد والأزمة الاقتصادية التي تعانيها البلاد.

تحملت نساء الجنوب اللبناني تبعات حرب عام 1948 وما زلن، فهن واكبن حروباً متتالية تقول الناشطة البيئية والاجتماعية من بلدة حاصبيا الجنوبية  أمية صياغة "متواجدون على الحدود اللبنانية الفلسطينية في منطقة لم تسلم من القصف والتدمير، كونها على الحدود المتاخمة للمناطق الأمامية التي تتعرض لهجمات واستهدافات القوات الإسرائيلية تقريباً بشكل يومي يطال بلداتنا وقرانا، ونعيش حالة من القلق والخوف على أرواحنا وأرضنا فضلاً عن خوفنا على أبنائنا الذين يتنقلون يومياً للالتحاق بمدارسهم، الأوضاع لا تبعث على الطمأنينة بين الحين والأخر نسمع عن استهدافات وقتل للمدنيين وتدمير للبنية التحتية".

وأضافت "منطقتنا لم تعد آمنة كونها متاخمة للمناطق التي تحدث فيها الاشتباكات، ونتقاسم مع المدنيين فيها حالة التوتر والقلق ذاتها، ونشاهد بأعيننا ونسمع يومياً أصوات الانفجارات، وقد نزح إلى قريتنا الكثير من الأهالي من القرى المجاورة، وكناشطة اجتماعية أتابع مع بعض الجهات التي تقدم الدعم للنازحين ومساعدتهم سواء من الناحية النفسية أو المادية، لأننا نعلم جيداً أنه ليس من السهل على أي كان أن يغادر بيته وبلدته في مثل هذه الظروف العصيبة"، مؤكدة "موجودة في بلدتي وسأبقى، أنها أرضي ووطني الذي يعز عليّ الابتعاد عنه، فكل ما في هذه الأرض يعني لي الكثير، النهر يعنيني والشجر والأرض، وهذه أرض أجدادنا وسنبقى فيها صامدين ومقاومين وسنورثها لأبنائنا وأحفادنا".

 

 

من جانبها قالت خديجة حرب من بلدة المنصوري قضاء صور "بلدتي صامدة بوجه الاعتداءات قبل العام 2000 وخلال عدوان عام 2006، والآن صامدة في الوضع الراهن، وسنبقى على صمودنا لنكون شوكة في عين المحتل الذي يحاول بجميع الطرق انتزاع أرضنا منا ولن يفلح لأننا متمسكون بهذه الأرض، ولن تزيدنا هجماته إلا تمسكا بأرضنا، على الرغم من الخوف الذي نراه في أعين أطفالنا خلال القصف والاستهدافات اليومية إلا أن ذلك لن يثني صمودنا وسنحول هذا الخوف إلى قوة وعزيمة".

وأضافت "لقد أثرت الحرب على كافة الأصعدة، لا نستطيع مغادرة منازلنا والسير في الطرقات أو التنقل وذلك خوفاً من استهداف السيارات خاصة بعد عمليات الاغتيالات التي حصلت، فقبل أن يحل المساء تتوقف الحركة تماماً في المنطقة، لقد طالت تبعات الحرب العملية التعليمية حيث لا يمكننا إرسال أبنائنا إلى مدارسهم بشكل يومي، ومع ذلك سنبقى صامدين ومقاومين لأننا في جنوب لبنان هذا ما تربينا عليه وكبرنا عليه، فنحن ننتمي لتراب هذه الأرض وهو جزء لا يتجزأ من حياتنا وانتمائنا ولن نتخلى عنه".

 

 

بينما قالت رشا بزيع من بلدة زبقين في قضاء صور "بلدتنا على تماس مباشر أو تحت استهداف القصف الدائم فضلاً عن المناطق المحيطة بها، وقد تم استهدفت بيوت عدة ما تسبب بحالات من الخوف والقلق لدى أطفالنا بشكل خاص، كما أن هذا الأمر أحدث تأثيراً كبيراً طال مختلف المجالات فالأوضاع الاقتصادية على سبيل المثال ازدادت سوءً بالتزامن مع فقدان الكثير لعملهم وموارد رزقهم في مختلف الميادين خلال الحرب القائمة، بالإضافة لانعدام الحياة الاجتماعي في هذه المناطق والتنقلات أصبحت عند الضرورة خوفاً من الاستهداف".

وأكدت أن "تبعيات الحرب باتت واضحة على الناحية النفسية للمدنيين حيث ترجمت على شكل خوف وتوتر وقلق خاصة عند الأطفال الذين لم يعهدوا مثل هذه الأوضاع ولم يعيشوا معاناة الحرب من قبل، وذويهم أيضاً يعيشون قلق على مستقبل وحياة عائلاتهم، ولهذا السبب اضطررنا للنزوح على منطقة قريبة من بلدتنا لحماية أطفالنا والتخفيف من الضغوطات النفسية التي طالتهم، إلا أننا لم نتوقف عن زيارة بلدتنا بين الحين والآخر".

وفي ختام حديثها قالت "كوني معلمة فأنا مضطرة أن اقصد البلدة يومياً لمتابعة عملي، بالرغم من أنها تقع على طرف وادٍ يتعرض دائماً للقصف وكذلك المدرسة، ونحن نسمع أصوات القصف اليومي ونتنقل بخوف وحذر شديدين مع تمنياتنا بانتهاء هذه الفترة العصيبة ويحل الأمان والسلام".