نساء إدلب في العمل... ساعات طويلة وأجور متدنية
على الرغم من تواجد العديد من فرص العمل لنساء في إدلب، غير أن الكثيرات لا تزلن تعانين من الاستغلال في بيئة العمل، حيث يتعين عليهن العمل لساعات طويلة مقابل أجور لا ترقى للجهد المبذول.
هديل العمر
إدلب ـ يتم تشغيل النساء في إدلب وسط ظروف قاسية لساعات تمتد من 12 إلى 14 ساعة في اليوم، لعوامل تتعلق بالفقر والحاجة الملحة للعمل، الذي يستغله أصحاب المحال والمطاعم لتوظيف النساء بأجور زهيدة بسبب ظروفهن المعيشية القاسية.
ليلى الشحود، شابة في الثلاثينيات من عمرها، وأم لثلاثة أطفال تعمل في إحدى المطاعم بمدينة الدانا شمال إدلب، ضمن ورديات تصل أحياناً إلى 16 ساعة في اليوم، وعلى الرغم من العمل المرهق، فإن راتبها لا يتجاوز الحد الأدنى للأجور، وهو غير قادر على تأمين أبسط تكاليف المعيشة.
وتقول "في البداية، كنت ممتنة لأنني وجدت عملاً، لكن الآن أشعر وكأنني عبء على نفسي، لا يمكنني الاعتراض، وإذا توقفت عن العمل، لن أتمكن من توفير احتياجات عائلتي".
وتحلم ليلى الشحود بفرصة عمل أفضل والحصول على أجر عادل وظروف عمل إنسانية، لكنها تشعر باليأس أمام الفرص المتاحة للنساء في سوق العمل المحلي وتقول "أحلم بوظيفة لائقة، لكن يبدو أن هذا الحلم بعيد المنال في ظل الاستغلال وغياب القوانين المتعلقة بحقوق العاملات في إدلب".
أما سارة القيروان وهي أم لطفلين، تعمل في إحدى المولات الغذائية، تقول "أبدأ عملي في الصباح الباكر، ولا أعود إلى المنزل إلا في وقت متأخر من الليل، العمل شاق جداً، ويتطلب مني جهداً مضاعفاً خاصة في الأعياد والمناسبات".
وأضافت "أعمل في ظروف سيئة للغاية، المول غالباً ما يكون مكتظاً بالعمال والزبائن ولا يوجد تهوية مناسبة، ولا حتى استراحة لتناول الطعام، أخشى التحدث والشكوى عن أي شيء خوفاً من فقدان العمل".
ولفتت إلى أنه "لا أحد يعطينا حقوقنا، إن كان بتأمين صحي أو اجتماعي أو قانوني، ساعات العمل طويلة والأجور متدنية، ليس ذلك فحسب وإنما أتعرض للإهانة من قبل بعض الأشخاص والزبائن لكني مضطرة لتحمل كل ذلك من أجل طفليّ".
وتعاني سارة القيروان من آلام مزمنة في ظهرها بسبب العمل المستمر وكثيراً ما تجد نفسها تعمل في بيئة مليئة بالضغوط والمسؤوليات المتزايدة، لكنها لا تنوي ترك العمل لحاجتها الماسة له وسط الفقر والنزوح وقلة الفرص.
هذه القصص تمثل غيضاً من فيض لمعاناة النساء في إدلب، حيث يجتمع النزوح والفقر والاستغلال في خلق واقع مؤلم لا يرحم، وعلى الرغم من التحديات الجسيمة، تواصل هؤلاء النساء الكفاح من أجل توفير حياة أفضل لعائلاتهن، وسط غياب الحماية القانونية والتدخل الدولي الكافي لحماية حقوقهن.
من جانبها قالت المرشدة النفسية والاجتماعية حياة القش، إن استغلال حاجة النساء للعمل والزج بهن في ظروف عمل صعبة يؤثر على صحتهن الجسدية والنفسية، حيث تعاني النساء المستغَلات في العمل من آثار نفسية واجتماعية جسيمة، فالاستغلال يولد شعوراً بالظلم والقهر، وساعات العمل الطويلة والإرهاق يؤديان إلى الإصابة بالإجهاد الصحي مثل التعب واضطرابات النوم التي تساهم في الإصابة بأمراض متعددة مثل ارتفاع ضغط الدم، وعلى المستوى النفسي، تعاني النساء من القلق نتيجة عجزهن عن الحصول على أجر جيد أو فرص عمل أفضل.
وتطالب بمزيد من الرقابة على بيئات العمل، وتوفير برامج التأهيل والتدريب التي قد تساعد النساء على اكتساب مهارات جديدة تمكنهن من تحسين وظائفهن المهنية "من الضروري إطلاق حملات توعوية لزيادة معرفة النساء بحقوقهن في العمل".
وأوضحت أن إنصاف النساء في العمل ليس مجرد قضية اقتصادية أو اجتماعية، بل هو مبدأ إنساني يتيح العدالة والمساواة في بيئات العمل، وبالتالي يمكن أن يتيح إمكانية الوصول إلى مجتمع أكثر عدلاً وتقدماً.