نازحة في إدلب تحول قلعة أثرية مدمرة إلى مدرسة لتعليم الأطفال

رغم النزوح والأوضاع المعيشية الصعبة تعمل المعلمة نجلاء معمار بإمكانات معدومة على تدريب النساء على مهن لتحقيق اكتفاءهن الذاتي، وتعليم الأطفال الذين حرمتهم الحرب من كافة حقوقهم.

لينا الخطيب

إدلب ـ تمكنت نازحة من مدينة معرة النعمان إلى بلدة دير حسان في إدلب، والحاصلة على إجازة جامعية في التاريخ، من تحويل قلعة بيزنطية قديمة وسط الخيام في مخيم "مورك" بإدلب، إلى مدرسة للأطفال باسم "مركز شام التعليمي والمهني" بمساعدة متطوعات أخريات.

قالت المعلمة نجلاء معمار (40 عاماً) "نزحت منذ بداية عام 2020 من مدينة معرة النعمان إلى مخيم "مورك" بريف إدلب، وبسبب وجود أعداد كبيرة من الأطفال المحرومين من التعليم، قررت الاستفادة من القلعة الأثرية التي تقع على مقربة من منزلي، من خلال تحويلها إلى مدرسة تمنح الأمل والتعليم لنحو 65 طفلاً صغيراً من المتسربين من التعليم".

وبينت أن المخيم يفتقر إلى المراكز التعليمية رغم الكثافة السكانية، ويعاني معظم النازحين من الفقر والأوضاع المعيشية الصعبة، ما دفعها لتأهيل وترميم القلعة نظراً لغلاء أجور المنازل ومراكز التدريب التي لا تتناسب مع إمكانياتها البسيطة ووضع المشروع التطوعي الذي يفتقر إلى الدعم.

وعن تأهيل القلعة الأثرية توضح "قمنا بإغلاق الفتحات الموجودة في الجدران وسقف المكان بعازل من النايلون ورصف الأرضية بالإسمنت"، مشيرةً إلى أنها تتابع مع الأطفال دروساً في اللغة العربية واللغة الإنكليزية والرياضيات، بالإضافة إلى فصول إضافية للطلاب المتسربين لمواكبة الفصول التي فاتتهم.

وتعاني نجلاء معمار من مصاعب عدة، أهمها العمل بشكل تطوعي والحاجة إلى الكثير من اللوجستيات منها المقاعد والقرطاسية والتدفئة، لذا تناشد المنظمات الإنسانية بتأمين التدفئة ومستلزمات التعليم حتى تتمكن مع زميلاتها من الاستمرار بعملهن.

ولفتت إلى أن "الحرب السورية أثرت بشكل كبير على الأطفال ولم يجد خلالها عدد كبير منهم الفرصة للالتحاق بالتعليم، إلا أن الظروف الصعبة والتهجير والنزوح لم تقف حائلاً أمام رغبتنا في تعويض الأطفال عما فقدوه وما عانوه في المخيمات العشوائية، التي يفتقر معظمها لوجود المراكز التعليمية".

الطالبة ريم الحمدان (6 أعوام) نازحة من قرية بابيلا في إدلب إلى مخيم "مورك"، تواظب على الدوام في المركز التعليمي، وعن استفادتها من الدوام تقول والدتها فاطمة الحمدان (37 عاماً) إنه "منذ نزوحنا من قريتنا بقي أطفالي دون تعليم، بسبب بعد المدارس عن المخيم وعدم توفر وسائل نقل، لذلك يعتبر هذا المركز بارقة أمل لأطفالنا لإبعادهم عن الجهل والأمية، وتعليمهم القراءة والكتابة ومواكبة الصفوف التي فاتتهم".

كذلك الطفل جمال حجازي (7 أعوام) يواظب على حضور الدروس في المركز، وعن ذلك تقول والدته سهى الجبور (32 عاماً) "نرسل أبناءنا للتعلم في هذه القلعة الأثرية، فلا خيار لنا غيرها، فالمدارس بعيدة، ولا نملك المال لإرسالهم إلى المدارس البعيدة، فنحن بالكاد نجد ما يسد الرمق".

وبينت سهى الجبور أن ابنها جمال حجازي يستعير الأقلام من رفاقه لأن والده عاجز عن شراء مستلزمات الدراسة له، ورغم ذلك تمكن من تعلم مبادئ القراءة والكتابة.

كما تقدم نجلاء معمار دورات مهنية تدريبية للقاطنات في المخيم كمهنة تصفيف الشعر والخياطة والتمريض والنسيج، ليتمكنَّ من تأمين وظائف تتيح لهن إعالة أُسرهن.

واستفادت حياة القصاب (28 عاماً) نازحة من ريف حماة إلى مخيم "مورك"، من الدورات المهنية التي يقدمها "مركز شام" وعن ذلك تقول "تدربت في المركز على مهنة الخياطة، واستفدت في اكتساب المهارة وتعزيز خبراتي السابقة، وزيادة مهارتي في المهنة".

وأشارت إلى أنها تمكنت من تأسيس عملها الخاص وبدأت بحياكة الملابس لنساء المخيم "بدأت العمل داخل خيمتي بعد شراء آلة خياطة، كما أصبحت قادرة على خياطة ملابس أطفالي بدلاً من شرائها جاهزة، بأسعار مرتفعة تفوق إمكانياتنا المادية".